ازداد هوس وشغف الجمهور الرياضي الجزائري المعروف في العالم بأسره بحبه لفريقه الوطني ومرافقته في كل خرجاته وتنقلاته، برايته الوطنية وهو ما تظهره الصور التي تتهاطل على مواقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك"، فالمواطنون من مختلف أصقاع الأرض نشروا صورهم وهم يحملون الأعلام الجزائرية حتى أصبحوا ظاهرة يضرب بها المثل، وتدفع الجماهير العالمية والدولية لترقب مواعيدهم وأحداثهم الكروية للتمتع باحتفالاتهم الفريدة، بل ولإعلان حالة الطوارئ في أوروبا، ولأنَّ الخضر ينتظرهم موعدٌ هام في الأيام القليلة القادمة وهو حجز تذكرة التأهل إلى مونديال البرازيل وزيارة بلاد "السامبا"، اجتاحت احتفالات مناصريه الشوارع والطرقات وقاعات الأعراس أيضا. غزت الأعلام الوطنية خلفيات وزجاج السيارات، حيث لا تكاد تخلو أي سيارة مارة في الشارع من العلم الجزائري حتى وإن كان صغيرا ليوضع على الجانب، وهو ما فتح الأبواب أمام الشباب من صغار السن ليتخذوا من الطرقات السريعة والجهات القريبة من الملاعب مصدر رزق لهم، ليعرضوا أعلامهم الصغيرة والمزوّدة بمادة لاصقة ليوضع العلم على جانبها بسعر لا يتجاوز 250 دج. وأمام تصاعد حمى الفريق الوطني لم يجد المواطنون أي مانع من اقتنائها مهما كان سعرها. تقول السيدة "رشيدة": "تعودنا قبل موعد أي مباراة مهمّة على تزيين سياراتنا بالرايات الوطنية أسابيع قبل الموعد الرسمي للمباراة، ومع أنه لا تربطني علاقة جيدة مع الرياضة، لكنني أفضل أن أشارك في دعم ومساندة الفريق الوطني في لقاءاته الحاسمة، أتمنى أن تكرر الأفراح وتعود أجواء أم درمان السعيدة لتدق كل البيوت". ولم تقتصر هذه المظاهر الاحتفالية على السيارات العادية لتحجز الراية الوطنية مكانتها في سيارات الأعراس، أين أصبح معظم العرسان يطالبون باعة الورود بتزيين سياراتهم بورود ملونة بألوان العلم الجزائري ومنسقة في شكل قلوب جميلة، وذلك لإبراز الروح الوطنية عند المواطن الجزائري والذي لا تنسه فرحته التفكير في المباراة المصيرية، فقد تزينت جل سيارات المواكب الزفافية ببالونات باللون الأبيض، الأحمر والأخضر زيادة على أعلام وطنية من أحجام مختلفة كبيرة وصغيرة. وامتدت الاحتفالات بالفريق الوطني والتغني بأمجاده لتحتل حصة الأسد في الأغاني التي يرددها المدعوون، فقد عرفت سوق الأغاني إقبالا كبيرا على أحدث الأقراص المضغوطة والتي يتم التغني فيها بأمجاد الفريق الوطني وانجازاته، تقول "أسماء": "حضرت الأسبوع الماضي حفل زفاف إحدى قريباتي، ولأن الحدث الطاغي حاليا هو موعد لقاء محاربي الصحراء مع الخيول البوركينابية، فضل "الدي جي" اختيار باقة من الأغاني الرياضية القديمة والجديدة الخاصة بالفريق الوطني، وقد حظيت بتجاوب وتفاعل كبير من الحضور، فاقتحم الشباب القاعة ورقصوا على أنغام "جيبوها يا لولاد" والزغاريد النسوية والألعاب النارية، كانت ليلة لا تنسى، فالفريق الوطني هو السحر الذي ينسي الشعب الجزائري كل همومه، حتى العروس فضلت أخذ علم صغير والرقص به، إنها أجواء لا تجدها إلا عند الجزائريين". وهي الأجواء ذاتها التي تشهدها شوارعنا فقد تحولت إلى قاعات حفلات مفتوحة في الهواء الطلق، ورغم تساقط الأمطار بنسبة كبيرة، لكن هذا لم يمنع أصحاب المحلات التجارية والمقاهي من رفع أصوات المسجلات، حيث تعلو الأغاني الوطنية الصادحة، ما يدفع الشباب للمشاركة برقصات خفيفة أو إطلاق العنان لأبواق السيارات تعبيراً عن الفرحة التي ينتظرها الشعب الجزائري بأكمله. وغير بعيد عن أجواء الفرح الموعود، انطلق الشباب في رحلة البحث وتجميع المعلومات عن أحوال الطقس المرتقَبة يوم المباراة، أي يوم الثلاثاء القادم، وقد أبدوا تخوّفهم من أن تُفسد الأمطار فرحتهم وعرسهم الكروي، كما كثفوا من جهودهم لاختيار المكان المناسب ليتابعوا أطوار المباراة رفقة أصدقائهم وأبناء حيهم، وقد عبر لنا "المهدي" عن تخوفه من أن تتسبب الأمطار القوية في مرور حفل التأهل مرور الكرام، فالبرد الشديد والأمطار ستقلل من أعداد المحتفلين، مستطردا أن الشبان في حيه تعودوا على وضع شاشة تلفزيونية كبيرة عند مدخل العمارة فيتجمع أبناء الحي ليشاهدوها في جو حماسي رائع، بينما يختار كبار السن المقاهي، لكن الطقس المتقلب الذي خيم على الجزائر طيلة الأسبوع الماضي عزز مخاوفهم من متابعة المباراة في المنازل رفقة العائلة فقط، وهم مطالبون بالالتحاق بوظائفهم أو بأقسامهم التعليمية وجامعاتهم في اليوم الموالي.