يفصلنا أسبوع عن موعد عملية القرعة، التي ستحدد منافسي المنتخب الجزائري في رابع مشاركة له في كأس العالم. وحينها سيتم ضبط برنامج المباريات الودية التي سيلعبها الخضر تحضيرا لموعد البرازيل الحاسم في الصائفة القادمة 2014. وفي غياب الدول المغاربية- والمقصود هنا تونس والمغرب-، وغياب كل الدول العربية، سيجد الخضر أنفسهم في وضعية غير المطلوبين من المنتخبات العالمية المشاركة في المونديال، لأن طريقة لعبهم فريدة ضمن 31 منتخبا سيشارك في المونديال. ولو تأهلت المغرب أو تونس مثلا، لتهاطلت عليهم الطلبات من المنتخبات التي ستجمعهم القرعة بهذين المنتخبين، ومع ذلك فإنهم لن يجدوا صعوبة في اللعب مع منتخبات أقصيت، ولكنها تحضر لتصفيات كأس أمم أوربا مثل السويد والنمسا وأوكرانيا، وفي أحسن الأحوال فإن رفقاء بوقرة سيلعبون ثلاث مباريات ودية، واحدة منها عرف تاريخها وهو الخامس من مارس 2014 دون معرفة المنافس ولا المكان والبقيتان أو واحدة فقط، في شهر جوان خلال التربص الأخير بعد نهاية الدوريات الأوروبية، دون معرفة مكان إقامتها أو إقامتهما، وقد تكون المواجهة في البرازيل وستكون الأشهر والأسابيع الأخيرة حاسمة، لأن الخضر سيلعبون مباريات جسّ النبض، وحينها لن يقول أحد إن الوقت مازال لتصحيح الأخطاء والشائع دائما في المباريات الودية ما بعد القرعة، أنه من كان قويا في آخر المواجهات سيكون قويا في المونديال، ومن كان متواضعا فعلى جمهوره أن لا ينتظر الكثير منه مع استثناءات. . الجزائر أنذرت ألمانيا ضد بيرو والريال عام 1982 تغيرت الأوضاع الآن من جنوب إفريقيا 2010 إلى البرازيل 2014، عما كانت عليه عام 1982 حيث كان نجوم الخضر الكبار باستثناء جمال زيدان ودحلب ومنصوري وقريشي ينشطون في البطولة الجزائرية، وكان المدرب خالف محي الدين لا يجد صعوبة في جمعهم في تربصات بين الحين والآخر. وكان عدد المباريات الودية أيضا كبيرا، لكن كان يعاب على الخضر أنهم كانوا يواجهون باستمرار الفرق الفرنسية ومنها نادي راسينغ باريس وأيضا براست الذي هزمه رفقاء بلومي بثلاثية نظيفة في ملعب بروانة بتلمسان. ولعبت الجزائر عدة مباريات خارج ملعب 5 جويلية ولكن بمجرد تغطية الملعب الأولمبي بالعشب الطبيعي، حتى أجرى رفقاء فرقاني خمس مباريات قوية أبانت أننا نمتلك منتخبا قويا ومنسجما قادرا على إحداث المفاجأة في مونديال إسبانيا، وكانت أولاها أمام بنفيكا وتغلبت عليه، ثم النادي البرازيلي الشهير أتليتيكو منيروس الذي لم يضم أي لاعب برازيلي دولي، حيث سيطر الخضر ولعبوا مباراة تاريخية رغم أنهم لم يفوزوا بسوى هدف وحيد من القائد علي فرقاني. وكانت المواجهة الثانية قوية أمام منتخب بيرو الذي فاجأ سرباح بهدف من قذفة قوية، ولكن ماجر عادل النتيجة في مباراة برز فيها مصطفى كويسي، وأذهلت المراقبين ومنهم النمساويون الذين حضروا المواجهة، خاصة أن البيرو سافر بعد أسبوع إلى باريس، وتفوق على فرنسا بقيادة بلاتيني بهدف نظيف، ثم قابل الخضر منتخب إيرلنداالجنوبية الذي أحرج منتخبنا وغلق عليه كل المنافذ إلى غاية الدقيقة الأربعين من الشوط الأول عندما فك الثنائي بلومي وعصاد اللغز بكرة "واحد - اثنين" هزت الشباك من الجناح الأيسر عصاد، وفي المرحلة الثانية أضاف ماجر هدفا في اللحظات الأخيرة، وقال حينها مدرب إيرلندا إن على ألمانيا الحذر من الإعصار الأحمر، حيث لعب الخضر المواجهة بلباس سونيتاكس أحمر اللون، وودّع المنتخب الجزائري جماهيره في مواجهة ريال مدريد أمام 100 ألف متفرج، ولكن الريال كان محروما من دولييه الإسبان الذين كانوا يحضّرون للمونديال، وبادر الإسبان بالتهديف وكادوا أن يقتلوا المباراة من ضربة جزاء صدّها سرباح ببراعة، قبل أن يردّ الخضر عن طريق ياحي وماجر الذي سجل هدفا ثانيا من وضعية تسلل، ولكنه كان مهما لمعنويات اللاعبين، وحتى خلال التربص الذي أقيم في سويسرا لعب الخضر مباريات خفيفة مع فرق سويسرية متواضعة، ومع ذلك كان التحضير في منتهى القوة خاصة أن البيرو التي تعادلت في الجزائر كانت من أقوى المنتخبات في العالم. . الخضر كانوا ضيوف شرف في دورة ودية في المكسيك عام 1986 أما في سنة 1986 بعد التأهل التاريخي والسهل للمونديال، فكانت الطلبات كبيرة على المنتخب الوطني، ولكن ضعف التنظيم في ذلك الوقت، حرمنا من عدة مباريات قوية، ولعل مواجهة سويسرا في جنيف هي أهم مباراة خسرها أشبال سعدان بثنائية نظيفة، حيّرت الأنصار الذين ظنوا أن بلوغ منتخبهم الدور الثاني في كأس العالم بعد تموقعه مع البرازيلوإيرلندا الشمالية وإسبانيا لا نقاش فيه، بعد التألق اللافت في عام 1982، وتمت دعوة الخضر لدورة المكسيك المهمة جدا في ربيع 1986. وهي دورة جاءت لتضميد جراح المكسيك التي هزها الزلزال، وتم التعويل على هاته الدورة لأجل تأقلم بلومي ورفاقه مع ارتفاع مدينة مكسيكو والمدارس المختلفة التي واجهها أشبال سعدان وهي بلغاريا والمكسيكوكوريا الجنوبية، ولكن النتائج والأداء كانت مخيبة جدا إذ خسر الخضر مباراتين وسجلوا تعادلا أمام كوريا الجنوبية، وكان واضحا أنهم لن يحققوا أشياء كثيرة في مجموعتهم القوية في المونديال التي ضمت في ذلك الحين إيرلندا الشمالية والبرازيل وإسبانيا. وهو ما حصل فعلا بتسجيل تعادل واحد وهدف واحد في المونديال أمام إيرلندا وهزيمتين أمام البرازيل وإسبانيا. . وديات 2010 خسائر وجمهور قياسي عجز ملعب 5 جويلية في ربيع 2010 عن احتواء عشرات الآلاف من المناصرين الذين أرادوا متابعة رفقاء مطمور ضد المنتخب الصربي، وصدموا بالأداء الباهت لأشبال سعدان، الذين انهاروا في ميدانهم بثلاثية مقابل صفر، وفي الأنفاس الأخيرة للتحضيرات هرب سعدان بأشباله بين بريطانياوألمانيا في لقاءات ودية حضرها أيضا عشرات الآلاف من المهاجرين الجزائريين في أوربا استعملوا كل وسائل النقل، لأجل تشجيع رفقاء زياني فصُدموا مرة أخرى بثلاثية أمام إيرلندا المنتخب الذي لم يشارك في كأس العالم في جنوب إفريقيا بعد أن أقصي بهدف من يد هنري الفرنسي الشهيرة، وعادوا لينتزعوا فوزا صعبا وغير مقنع في ألمانيا بهدف من ضربة جزاء أمام منتخب الإمارات العربية المتحدة. وإذا قارنا ما بين الأداء والنتائج في المباريات التي سبقت مشاركة الخضر في المناسبات الثلاث وبنتائجهم في كأس العالم نلاحظ أن التألق في كأس العالم، يمر عبر التألق في المباريات الودية، إذ لم يخسروا عام 1982 في الوديات، وتألقوا بانتصارين وهزيمة غير مستحقة في كأس العالم، وجاءت نتائج وديات 1986 و 2010 دون المستوى فكانت نتائج الموندياليين أيضا مخيبة بتعادلين فقط وأربع خسائر كاملة، وحتى صورة المرشحين والمتوجين بكأس العالم تتضح خلال المباريات الودية، حيث وضع الكثيرون إسبانيا وهولندا ضمن المرشحين بالتتويج بكأس العالم الأخيرة بعد التألق الذي أبداه رفقاء أنييستا ورفقاء روبين في المقابلات الودية عندما اكتسحوا كل المنتخبات القوية. ويرى غالبية المدربين أن المباريات الودية التي تُلعب بعد إجراء عملية القرعة هي الدخول الرسمي في العمل الجاد التطبيقي، وفي المنافسة الحاسمة.