كشفت إعتداءات بلدية معاتقة بولاية تيزي وزو، حسب إستنتاجات خبراء في المجال الأمني، أن التنظيم المسمى "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، يتبنى أسلوبا جديدا في تنفيذ عملياته المسلحة، مستنسخة قلبا وقالبا من الإستراتيجية القتالية التي تعتمدها "القاعدة" أو حركة "طالبان" بأفغانستان. تقاطعت إعتداءات معاتقة مع الإعتداءات التي إستهدفت في جويلية الماضي مراكز الأمن ببلدية إعكوران، وكان التشابه في التوقيت (الليل) الذي إختاره عناصر "القاعدة" لتنفيذ عملياتهم الإرهابية، حيث تم إستهداف نقاط الأمن (الدرك، الشرطة، الحرس البلدي)، في نفس الوقت، والهدف برأي مراقبين واضح، هو محاولة قطع الإمداد وشلّ التنسيق والإتصال والدعم، مع تجنب مفاجآت تأتي من خارج الأهداف التي تعرضت للإعتداء. إعتداءات إعكوران ومعاتقة، إعتمدت حسب ما يسجله متابعون للشأن الأمني، نفس الطريقة تقريبا التي يستعملها تنظيم "القاعدة" في أفغانستان، لا سيما في محافظة هيلشد، حيث تم تنفيذ هجمات واسعة شاركت فيها قيادات في التنظيم، مثل السوري عبد الله هاشمي والكويتي أحمد محمد والسعودي محمود الفطحاني والليبي محمد حسان(أحد المقربين لأبي ليث الليبي)، وهي الرؤوس التي كانت موقوفة بسجن باغرام، شمال كابول، قبل تمكنها من الفرار في جويلية 2005. وقد بثت المجموعة في وقت سابق، شريط فيديو، أظهرت فيه خطة وطريقة تنفيذ الهجمات، وهو الأسلوب الذي يتقاطع في كثير من جوانبه، مع ما أظهرته "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"(الجماعة السلفية للدعوة والقتال)، التي صورت في شريط فيديو مماثل، بثته قبل أسابيع عبر موقعها في شبكة الأنترنيت، أظهر فصول تحضير وتنفيذ إعتداءات إعكوران الصائفة الماضية. وترى أوساط مراقبة أن قيادة تنظيم "الجماعة السلفية" في الجزائر، أصبحت تركز بشكل ملفت للإنتباه على "إستيراد" أساليب إرهابية جديدة توظفها الحركات المسلحة عبر العالم، والأكثرها إنتشارا، وعلى رأسها "القاعدة"، التي تركز في نشاطها بأفغانستان على سبيل المثل، على التفجيرات الإنتحارية والسيارات المفخخة وكذا الهجمات الواسعة ذات الأهداف المتعددة، وهي الطريقة التي إستخدمها بالأراضي الأفغانية الملا داد الله، العضو البارز في حركة طالبان، قبل أن يلقي مصرعه على أيدي القوات الأمريكية. وتكشف بصمات وإمضاءات "القاعدة" في إعتداءات إعكوران ومعاتقة-(منطقة القبائل)- برأي مراقبين، أن التنظيم المسلح يتبنى حاليا إستراتيجية جديدة، غيّر بموجبها من نهج نشاطه الإرهابي، وذلك من خلال التقليل من العمليات الإنفرادية والفردية التي تستهدف عناصر الأمن، وتفادي المواجهة المباشرة وتجنب الدخول في إشتباكات مكشوفة(أثناء النهار) مع قوات الجيش والأجهزة الأمنية، وهذا بهدف تسهيل عمليات الإنسحاب والفرار وتحجيم وإخفاء الخسائر وسط الإرهابيين. الإستراتيجية الجديدة التي بدأت في تكريسها قيادة "القاعدة" بالجزائر، تعتمد حسب متابعين، على أسلوب العمليات الإنتحارية التي إستخلفت نوعا ما السيارات المفخخة، إضافة إلى شن إعتداءات إرهابية على عدة أهداف وفي توقيت واحد، وهو ما حصل على سبيل المثال، خلال الإعتداء على 7 نقاط أمنية بسيارات مفخخة، الربيع الماضي، بولايتي بومرداس وتيزي وزو، وقبلها بدرقانة والرغاية، وبعدهما تفجيرات العاصمة في 11 افريل والأخضرية في 11 جويلية وباتنة ودلس في بداية سبتمبر الماضي، إلى جانب إعتداءات إعكوران ومعاتقة. ويسجل خبراء في مجال مكافحة الإرهاب، بأن من بين مقاصد "القاعدة" من إعتداءات إعكوران ومعاتقة، هو إعطاء الإنطباع بأن أهدافها ليست المدنيين(في كل إعتداء يسقط ضحايا من الأبرياء والعزل)، ومحاولة تحقيق صدى إعلامي داخلي وخارجي، علاوة على السعي للحصول على ذخيرة لإعادة تموين عناصر التنظيم المسلح. ج/ لعلامي