كشف للشروق أول أمس بعض ابرز المخرجين و الممثلين الفاعلين في المشهد السينمائي في الجزائر عن رحلة تحد للسياسات الفاشلة و ذلك بالإبحار في القريب العاجل في قوارب "الحراقة"،لمعالجة الظاهرة من خلال سيناريوهات قوية سترى النور في شكل أفلام طويلة تنافس تلك التي لعبت على وتر "الثورة التحريرية"،"الغربة" و "الإرهاب".في حين ولد فيلم قصير لأحسن تواتي "الحراقة" لكنه للأسف تاه في رمال "ناغيت الذهبية" لأسباب "دبلوماسية" معروفة. استنكر أول أمس مجموعة من المخرجين و الممثلين السينمائيين الجزائريين على هامش عرض فيلم "كل واحد وحياتو" للمخرج علي غانم ، اجترار بعض من زملائهم لموضوع العشرية السوداء و إبقائها الشغل الشاغل في آخر الأعمال،ذلك أن أهم ما اشتغل عليه مؤخرا صب في معالجة تأثير ظاهرة الإرهاب على الجزائر و مدى تأثير تسويق صورة الوطن السوداء على الجزائريين المغتربين. "العشرية السوداء" كانت و لا تزال المادة الخام لعدة سيناريوهات أجمعت على تأثير هذه المرحلة في الذهنيان و النفسيات الجزائرية و في تكوين صورة أخرى لدى الرأي العام الدولي عن الجزائريين حتى أحداث 11 سبتمبر التي فصلت في مفهوم "الإرهاب" ليتحول من مفهوم حصري علينا إلى ظاهرة دولية يجب محاربتها، و لو أن تطرق السينما الجزائرية لهذا الحدث التاريخي و دوره في إعادة بناء صورة أخرى عن الجزائر في الغرب خاصة ،لم تكن موجودة لا نظريا و لا ميدانيا. بعد أن استنزفت مواضيع الثورة الجزائرية و تأكد أن لولا هذه الأخيرة لما وجدت سينما في الجزائر أصلا عادت "العشرية السوداء " من خلال "رشيدة" ،"المنارة"،"بركات" و "مال وطني" هذا الأخير أعادت عرضه المخرجة فاطمة بلحاج سهرة السبت المنصرم و خرج بعض زملائها بنفس الانطباع عن المبالغة في تجسيد العنف و الجنون الذي كاد أن يفقد صواب المشاهدين كما فعل بالبطل في الفيلم "صالح اوقروت" . النقد الذي وجه إلى فيلمي الأسبوع "كل واحد و حياتو" لعلي غانم و الذي عاد بنا الى واقع الجزائريين المغتربين و صراع الجيلين بين مؤيد للعودة إلى ارض الوطن و رافض و الذي أعيد العمل عليه بإدخال الدوبلاج و كلف ميزانية أخرى لتكون الثمرة بمذاق آخر هو الفشل التقني "الصورة و الصوت" و خاصة الريتم الثقيل الذي جاء به أبطال الفيلم في صراع تجسد في حوار ضعيف غير مؤسس على حبكة واضحة بين الأب و أبنائه.أو "مال وطني" الذي أعيد الاشتغال عليه و الإشهار له دون فائدة ترجى لأنه مزيج بين "دار سبيطار" و "برنالدا ألبا" مع إدخال "الإرهاب" كطرف آخر . بينما حرص رواد الأفلام الطويلة في الجزائر على استغلال "الثورة الجزائرية" و "العشرية السوداء" في تحقيق الشهرة المرجوة،خرج رواد الفيلم القصير من "القوقعة السياسية و الإيديولوجية" إلى واقع المجتمع فواكبوا ظاهرة اكتسحت الساحة الإعلامية هي "الحراقة"،أحسن تواتي هو واحد من اللذين تجرؤوا على معالجة الظاهرة سينمائيا و تحدى "الطابوهات" و ما أكثرها ليشارك بفيلم "الحراقة" مؤخرا في مهرجان ناغيت و الذي كان من المتوقع أن يحصد إحدى الجوائز خاصة و أن النقد السينمائي في بلادنا لا يزال "السيناريو"هو المقياس الأساسي في غياب النقد التقني البناء كتحصيل حاصل لغياب "صناعة السينما"في الجزائر كما قال المخرج لخضر حمينة في حديث للشروق. و ينتظر أن تصب أمطار من السيناريوهات حول "الحراقة"سنكشف عنها في الأعداد القادمة.فهل ستصلح السينما العطب الذي فشلت في إيجاد مكانه السياسة ؟ ذلك السؤال الذي سيبقى مطروحا إلى ...؟ آسيا شلابي