يرفض الكثير من الأزواج أن يقوم الأطباء الرجال بفحص زوجاتهم، خاصة المختصين منهم في أمراض النساء والتوليد. فيما يتساءل الكثيرون عن سبب دراسة الجنس الخشن لهذا التخصص الذي يجعله الكثيرون "تابوها" في مجتمعنا الإسلامي المحافظ. في حين يفتي بعض رجال الدين بجواز كشف الطبيب الرجل عن المرأة الأجنبية عنه، مستندين في ذلك إلى القاعدة الفقهية القائلة "الضرورات تبيح المحظورات". يتجنَّب العديد من الأزواج أخذ زوجاتهم إلى طبيب رجل مختص في أمراض النساء والتوليد، بحجة عدم تقبلهم فكرة أن يطلع رجل غريب على عورات زوجاتهم، حيث يصل الأمر أحيانا إلى غاية نشوب خلافات حادة بين الزوج والطبيب عندما تثور ثائرة "مول البيت"، ويرفض رفضا قاطعا معاينة رجل غريب لشريكة حياته، خاصة وأن الفحص سيشمل مناطق لا يجوز لغير الزوج رؤيتها. وقد وقعت في كثير من الأحيان مشادة كلامية بين الرجل والطبيب بسبب فحصه لزوجته مبررا أنه "يدافع بذلك عن شرفه"! بما أن نصفه الثاني يجب أن لا ينكشف للغريب. وتقع الكثير من النساء، خاصة الحوامل منهن، في حرج كبير عندما يقصدن المستشفيات العمومية، ويكون الطبيب المناوب رجلا. ولعل أغرب حالة تحدثت إلينا عما حدث معها في أحد المستشفيات، كانت لسيدة في العقد الثالث من العمر، حيث قالت إن الطبيب وقبل أن يصف لها دواء بعد أن فحصها، أحضر مجموعة من المتربصين والمتربصات وبدأ يشرح لهم الوضع وهي ممددة على الفراش ولم ترتد ملابسها بعد. كما أضافت أن هذه الحادثة سببت لها عقدة من الأطباء الرجال بصفة عامة وأصبحت تفضل أن تقصد العيادات الخاصة التي تتولى فيها النساء مهمة معاينة المرضى وتدفع الأموال بدل أن تعالج مجانا وتكون عرضة للاطلاع على عورتها من طرف أطباء وممرضين رجال. وفي سؤالنا للدكتور صلاح الدين كرفة، وهو مختص في أمراض النساء والتوليد، عما إذا كان قد تعرَّض لموقف مماثل يطلب فيه الزوج منه أن لا يعاين زوجته، أجابنا أنه كان يجد صعوبة مع العديد من الأزواج الذين يصرون على عدم فحصه لزوجاتهم، إلا أنه ومع مرور الوقت بدأت تتكون حلقة من الثقة بينه وبين الأزواج، مضيفا أن الكثير من الأزواج الذين كانوا يرفضون الأمر ويدخلون مع زوجاتهم قاعة الفحص، أصبحوا يتركون شريكة الحياة تقصد العيادة بمفردها، على الرغم من أن الكثيرات كن يستحين كثيرا من أن ينكشفن لطبيب ولكنهن تدريجيا تخلين عن هذه الفكرة، مشيرا إلى أن العديد من الأزواج يقصدون عيادته برفقة زوجاتهم وهم يحملون أفكارا وأحكاما مسبقة عن الطبيب بحكم أنهم سمعوا قصصا حدثت مع بعض النساء في عيادات خاصة كان الطبيب المناوب فيها رجلا. وأضاف محدثنا أن الكثير من الأزواج يدخلون مع زوجاتهم قاعة الفحص ويبدؤون في إملاء بعض الشروط عليه، كأمره بعدم فحصها باستعمال يده والاكتفاء بجهاز الكشف بالأشعة، وهو ما يضطره إلى التوقف والطلب من الزوج أن يأخذ زوجته إن كان لا يثق فيه كطبيب. كما أكد لنا الدكتور كرفة أن مهمته ستكون ناقصة وغير مكتملة إذا لم يفحص المريضة باستعمال اليدين، كما أن النتائج لن تكون دقيقة. أما حكم الشرع في جواز فحص الطبيب الرجل للمرأة فأفادنا به الشيخ "وليد مسعودية"، وهو إمام مسجد بلال بن رباح بخنشلة، حيث قال إنه الأحرى بالمرأة أن تفحصها طبيبة، بما أن الكثير من النساء في الوقت الحالي درسن تخصص طب أمراض النساء والتوليد، وأن تتجنب الذهاب إلى طبيب رجل، درءا للمفاسد، مستثنيا الحالات الخطيرة التي تستدعي الكشف عنها في أقرب فرصة ولم تتوفر طبيبة في المنطقة التي تسكنها، فلا إثم عليها إن فحصها طبيب لتحافظ على حياتها، مستندا إلى القاعدة الفقهية القائلة: "الضرورات تبيح المحظورات". كما دعا الإمام النساء إلى دراسة هذا التخصص بكثرة وعدم ترك المجال للرجال، الذين نصحهم بالابتعاد عنه قدر المستطاع.