دهينة يرجح أن تكون مناورة اسبانية للتخلص من طلب التسليم الجزائري غادر المقدم السابق في المخابرات الجزائرية محمد سمراوي اسبانيا إلى ألمانيا، حيث يقيم ويتمتع بحق اللجوء السياسي، متجاهلا نص القرار القضائي الذي ألزمه بالبقاء في إسبانيا إلى حين الفصل في الطلب الذي تقدمت به السلطات الجزائرية لتسليمه. وكان القضاء الاسباني قد قرر الإفراج المؤقت والمشروط عن سمراوي مع إلزامه بالبقاء فوق التراب الاسباني والمثول مرتين كل أسبوع أمام المحكمة الأقرب إلى مقر إقامته، بعد اعتقاله في 22 أكتوبر الماضي وبقائه رهن الحبس المؤقت مدة تسعة أيام، تبعا لمذكرة اعتقال دولية أصدرتها الجزائر عبر الشرطة الدولية "الأنتربول". وقال القيادي السابق في الجبهة الإسلامية للإنقاذ، مراد دهينة، في تصريح أمس للشروق، أن سمراوي غادر اسبانيا "دون أن يعلم أحدا من مقربيه ولا عائلته يوم الأحد الماضي" في اليوم الذي يصادف نهاية مهلة الأربعين يوما التي يحددها القانون الاسباني كآخر أجل لاستلام الملف القضائي من الجزائر، ووصل يوم الاثنين إلى ألمانيا التي مكث بها يومين قبل أن يعلن أمس في بيان وقعه شخصيا عن رحلته السرية التي من الضروري أن يكون قد قطعها برا مرورا بفرنسا، مشيرا الى أن الخطوة جاءت بعد ان استشار محاميه ردا على استمرار فترة "اعتقاله وحجز أوراق الهوية الخاصة به" وهو ما قال إنه "لا يتفق ووضعيته كلاجئ سياسي في ألمانيا". ونسب سمراوي الى "مسؤولين اسبان أبلغوه أن حياته باتت في خطر" لكن دهينة يتوقف عند هذه النقطة ويرجح ان تكون القصة كلها "مجرد مناورة من السلطات الاسبانية" التي تربطها بالجزائر مصالح اقتصادية أكبر من أي دولة أوروبية أخرى، ويرى أن الاسبان بعد تردد رأوا ضرب عصفورين بحجر واحد، التخلص من ملف سمراوي وفي نفس الوقت الظهور بمظهر البريء العاجز عن فعل أي شيء أمام شركائهم الجزائريين، الذين ألحوا في طلب التسليم، وكان المخرج الذي أوجدوه لذلك هو دفع سمراوي الى الهروب من أراضيهم وإيهامه بوجود تهديدات تستهدفه. وهي الفكرة التي تجد مبرر تصديقها في أن القضاء الاسباني لم يتحرك حتى الآن لفعل أي شيء بعد علمه بفرار سمراوي، ويعتقد ان الوضعية القانونية لسمراوي ستتعقد أكثر في ألمانيا نفسها لو بادر القضاء الاسباني من جهته بإصدار مذكرة اعتقال ضده، بتهمة خرق قرار الرقابة القضائية الذي صدر في حقه. ولذلك قال دهينة إن مسؤولي حركة رشاد المعارضة التي كان سمراوي بين مؤسسيها مطلع العام الجاري "لم يكونوا راضين على قرار سمراوي بمغادرة التراب الاسباني"، ويخشى هؤلاء فيما يبدو ان يكون لذلك مضاعفات قضائية أخرى وخاصة ان محامي سمراوي، الاسباني مانويل أولي كان قد تقدم بطلب إلى القضاء الاسباني من أجل تمكينه من مغادرة مدريد الى ألمانيا، لكن الطلب رفض، ولذلك حرص سمراوي في بيانه أمس على التأكيد أن قرار مغادرة الأراضي الإسبانية هو قرار فردي، وقرر "تجميد نشاطاته داخل أمانة حركة رشاد إلى أن تتم تسوية القضية". وكانت الشروق قد كشفت قبل أيام أن السلطات الجزائرية حولت قبل نحو أسبوع الملف القضائي الذي طلبه القاضي الاسباني لإثبات التهم المنسوبة إلى الضابط الفار من المخابرات، وتضمن الملف الذي تم إعداده على مستوى القضاء العسكري وثائق تشير الى تهم ذات طابع جنائي ضد سمراوي منها اتهامه بالاستيلاء غير المشروع على سكن وظيفي كان سمراوي يقيم به في إقامة الاطارات العسكرية السامية بعين نعجة بالجزائر العاصمة، خلال سنوات خدمته العسكرية قبل انتدابه للعمل في الممثلية الدبلوماسية الجزائرية في ألمانيا، وبيعه بمبلغ 7000 أورو. وتضمنت مذكرة الاعتقال الدولية التي أصدرتها الجزائر ضد سمراوي ثلاثة اتهامات أساسية "الإرهاب، الفرار من الجيش، الإساءة المعنوية إلى المؤسسة العسكرية" حسب ما ظهر على لوائح الشرطة الدولية، "الأنتربول" قبل أيام فقط من دخول سمراوي التراب الاسباني واعتقاله في 22 أكتوبر الماضي. وأعلن عن توقيف الأمن الاسباني لمحمد سمراوي، 54 سنة وأب لأربعة أولاد، يوم الاثنين 22 أكتوبر 2007 ، حيث ذهب للمشاركة في مؤتمر الاتحادية الدولية للشطرنج بالمراسلة التي يترأسها. وشغل سمراوي منصب مسؤول على القسم الأمني في ألمانيا بدرجة مستشار أول إلى غاية 1996 تاريخ استدعائه الى الجزائر من طرف مسؤوليه، ليقرر رفض الامتثال للقرار وأعلن فراره من الخدمة. عبد النور بوخمخم