في تطوّر جديد وخطير لقضية الطفلة "صفية" التي كانت الشروق قد تناولتها منذ أكثر من عام، طالب السفير الفرنسي بالجزائر عائلة بن نكروف بتسليم صفية لمن أسماه "والدها". وجاء هذا الرد من السفير بناء على رسالة وجهتها له العائلة، طلبت منه فيها أن يُلزم جاك شاربوك وهو المواطن الفرنسي الذي يقول بأنه والد صفية، أن يلزمه بإجراء تحاليل الحمض النووي ليثبت للقضاء أبوته، وذلك طبقا لما يأمر به القانون في مثل هذه الحالات من النزاع. لكن السفير الفرنسي يأبى الاعتراف بأن القانون واضح في هذه القضايا، ويؤكد في ردّه على عائلة بن نكروف أن شاربوك هو والد صفية رغم أنه لا يملك دليلا واحدا على ما يقوله. وفي حين يتدخل السفير والقنصل الفرنسيين لفائدة مواطنهما، لم يجد عبد الله خال صفية أذنا صاغية لدى المسؤولين الجزائريين للوقوف معه، وهو اليوم يدعو الرئيس بوتفليقة للتدخل شخصيا ومعرفة دهاليز القضية وأبعادها الحقيقية، وفي هذا المقام تؤكّد المحامية بن براهم أن قضية صفية هي قضية تنصير أطفال أولا، وقضية سيادة قوانين دولة ثانيا. بداية القصة فصول القضية تعود إلى أكثر من عامين عندما تزوجت والدة صفية السيدة خديجة من الفرنسي جاك شاربوك، وهو من الأقدام السوداء، وبعد ثمانية وسبعين يوما من الزواج وضعت خديجة صفية، وهي المدة التي لا يمكن أن تضع فيها أية أنثى، لكن رغم ذلك يقول شاربوك بأن صفية زوجته، ودخلت القضية محكمة وهران. بعد أيام من النزاع توفيت والدة صفية في حادث مرور بأرزيو، وأخذت والدتها (بن نكروف صفية وهي جدة صفية) القضية على عاتقها، وفي مرحلة من مراحل النزاع ظهر السيد محمد يوسفي وهو الزوج الأول لخديجة وطالب بأبوته لصفية، مبديا استعداده لإجراء تحاليل الحمض النووي لإثبات كلامه، كما طالبت السيدة بن براهم وهي محامية العائلة العدالة بأن يخضع شاربوك للتحاليل الجينية هو الآخر. وفعلا أجرى محمد يوسفي التحاليل وأجرت صفية التحاليل أيضا بناء على أمر من محكمة وهران لكن الفرنسي شاربوك رفض. لا حضانة لشاربوك على صفية يقول عبد الله خال صفية بأن السفير في رده لم ينتبه إلى أن العدالة أوقفت الحضانة عن شاربوك وبالتالي فليس له الحق أن يدعي الأبوة، وليس له أيضا أن ينسب البنت إلى شاربوك، كما اعتبر عبد الله قول السفير بأن الأوامر التي صدرت عن القضاء الجزائري أحكاما نهائيا غير صحيح، فالاستئناف قائم والطعون قائمة إلى هذه اللحظة، والقضاء لم يفصل بعد، فهل فصل السفير في القضية بنفسه، يتساءل عبد الله. ويضيف عبد الله بأن شاربوك ليس مسلما كما يدعي وليس له أن يدعي أبوته بتلك الصفة أيضا، يقول "بحوزتنا الوثائق التي تثبت أنه غير مسلم، وقد حاول مراوغة العدالة بذلك، وهو لا يملك وثيقة رسمية من وزارة الشؤون الدينية"، وكل ما أحضره وثيقة مكتوبة بخط اليد يشهد فيها أشخاص بأنه مسلم. القضية وضعت على طاولتي بوتفليقة وساركوزي.. وحملة إعلامية فرنسية "لاسترجاع" صفية استغلت الصحافة الفرنسية زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى الجزائر لتُشعل النار في هذه القضية، وتجعل منها قضية "اختطاف"..اختطاف عائلة جزائرية لبنت "فرنسية الجنسية" من "أبيها" الفرنسي، حيث قالت صحيفة لوموند بأن شاربوك يعلق "أمله الأخير" على زيارة الرئيس ساركوزي "لاسترجاع ابنته"، كما تحدثت صحيفة "ماتان بليس" عن القضية وعنونت المقال "صوفي..يتيمة الأم ومحرومة من الأب"، وقد نشرت المقالات في الثلاثين من نوفمبر أي أياما قبل زيارة ساركوزي من أجل دفعه إلى التدخل شخصيا لدى الرئيس بوتفليقة لمعالجة القضية، وفعلا كانت القضية على طاولة الرئيسين لكن أحدا لا يعلم بما انتهت إليه محادثاتهما. واليوم، تقف جدة صفية وخالها وكل عائلة بن نكروف متخوفين من مآل صفية، ويطالب عبد الله على لسان أمه الرئيس بوتفليقة التدخل العاجل لحل القضية ويؤكد "صفية جزائرية مسلمة من أم وأب جزائريين، وأنا أطالب الرئيس بتطبيق القانون في هذه القضية..على شاربوك أن يجري تحاليل الحمض النووي وأنا مستعد لأن أدخل إلى السجن بل وعائلتي جميعا إذا ثبت أن شاربوك أب لصفية". يقول عبد الله بأن وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير تدخل بنفسه في القضية، كما تدخل في القضية قنصلهم في الجزائر العاصمة "فرنسيس هود" موضحا بأن ضغوطات كبيرة مورست من أجل أن يأخذوا صفية لكنهم فشلوا. ما مصير صفية؟ إلى هذه اللحظة لم تدخل صفية إلى المدرسة رغم أنها في سن التمدرس، لا لشيء إلا لأن جدتها تخفيها في مكان ما خشية أن تُختطف. لقد سُجنت جدة صفية شهرين كاملين على خلفية إخفاء البنت ولم يشفع لها سنها المتقدم (75سنة)، كما سجن خالها عبد الله ستة أشهر وتقبع خالة صفية السيدة (أ. فرح) تحت الرقابة القضائية منذ أكثر من عشرة أشهر، كل هذا ولا وجود لدليل واحد يثبت أن شاربوك أب. محامية العائلة السيدة بن براهم عبّرت في أكثر من مرة للشروق بأن القضية قضية تنصير أطفال ولا تزال تصر على ذلك، ورغم كل التحذيرات فإن أحدا من المسؤولين الجزائريين لم يحرك ساكنا، وفي قلب هذه الدوامة تبقى عائلة بن نكروف تتساءل عن المصير الذي ينتظر صفية، لكن وبعد كل شيء ألا يحق لنا أن نتساءل "هل تصبح هذه القضية قضية الدولة الجزائرية؟ م. هدنه