أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء، أن حكومته تُعدّ ملفاً قضائياً من أجل طلب استعادة الداعية فتح الله غولن المقيم في الولاياتالمتحدة. وشدد على أن بلاده لا تخجل من تاريخها، داعياً يريفان إلى اتخاذ موقف شجاع ومواجهة التاريخ، بعد اعتذاره من أحفاد ضحايا مجازر الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى. وخلال مقابلة مع شبكة تلفزة أمريكية، طلب أردوغان من إدارة الرئيس باراك أوباما تسليم غولن، أو طرده من الولاياتالمتحدة حيث يقيم منذ عام 1999. وأضاف أن غولن "يهدّد أمننا القومي، إذ تجسّس رجاله عليّ وعلى وزرائي، لذلك أتوقع من واشنطن أن تتصرف بصفتها حليفاً. وكما سأطرد أي شخص يهدّد أمن واشنطن من أرض بلادي، أتوقع المثل من حليفي الأميركي". ونبّه إدارة أوباما إلى أن غولن قد "يشكّل خطراً" على أمن الولاياتالمتحدة أيضاً، نافياً أن يكون اتهمها بالوقوف إلى جانبه أو التواطؤ معه. لكن المعارضة شككت في إمكان تعاون واشنطن مع أردوغان في هذا الشأن، إذ قال رئيس "حزب الشعب الجمهوري" كمال كيليجدارأوغلو إن رئيس الوزراء "يتحدث دوماً من دون دليل، ولم يستطع حتى الآن اعتقال رجل واحد من جماعة غولن وتقديم دليل ضده". وذكّر بأن أردوغان اتهم المعارضة بالعمل مع غولن ضد الحكومة، مستدركاً أنه "لم يقدم أي دليل على ذلك، لكن الجميع قرأ وسمع أردوغان عندما كان متحالفاً مع غولن، وأعلن أنه لبّى له ولجماعته كل ما طلبوه وكل الامتيازات التي سعوا إليها". ورفضت واشنطن التعليق على كلام أردوغان، فيما قال تركان علي باستورك، وهو سكرتير "جمعية الصحافيين والكتّاب" المؤيدة لغولن: "بما أن لا قضية الآن ضد (الداعية)، فإن ترحيله لن يتّفق مع المبادئ القانونية الدولية. والتعليقات في هذا الصدد تبدو (للاستهلاك) السياسي الداخلي". وكان أردوغان بدأ بعد الانتخابات البلدية نهاية الشهر الماضي، تنفيذ خطة للقضاء على جماعة غولن التي اتهمها بتشكيل "دولة موازية" تسعى إلى إسقاطه، بدأها بدعوة حكومات صديقة إلى إغلاق كل مدارس الداعية ومؤسساته لديها، من أذربيجان إلى دول أفريقية، فيما تابع تصفية مئات من موظفي الدولة، من دون أي دليل على انتمائهم إلى جماعة غولن. وانتقد رئيس الوزراء الرئيس الألماني يواكيم غاوك الذي كان ندد خلال زيارته أنقرة، بحملة تشنّها الحكومة التركية على القضاء ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. وقال أردوغان: "لا نحتمل من أحد التدخل في شؤوننا الداخلية". واعتبر أن غاوك تحدّث ب"طريقة غريبة"، إذ "ما زال يعتقد بأنه راعي كنيسة وينظر إلى الأمور من هذا المنظور، وهذا خطأ"، في إشارة إلى أن الرئيس الألماني كان قساً قبل انتخابه. وكرر أردوغان تعازيه لأحفاد الأرمن الذين قُتلوا خلال حقبة السلطنة العثمانية، لكنه نفى تعرّضهم ل "إبادة"، متسائلاً: "لو حدث ذلك، هل كان سيبقى أرمن في هذا البلد؟". واعتبر أن "ليس على تركيا وحدها أن تواجه التاريخ وحقائقه"، وزاد: "أتمنى أن تأخذ الدولة الأرمنية وجاليتها في الخارج خطوتنا الشجاعة في الاعتبار، وترد بخطوات شجاعة وجريئة مشابهة. لا حادثة في تاريخنا القديم، نخجل أو نخاف أو نتوجس منها. واجهنا كل حادثة ومستعدون للمواجهة". وأعلن أردوغان أن تركيا "ستطبّع خلال أيام أو أسابيع"، علاقاتها بإسرائيل، مشيراً إلى أن "المرحلة الأولى من هذه العملية ستكون إرسال سفراء". على صعيد آخر، طالب زعيم "حزب العمال الكردستاني" عبدالله أوجلان بإخراجه من سجنه وإخضاعه لإقامة جبرية في "بيت آمن"، يستطيع فيه لقاء قادة الجناح العسكري لحزبه، لإقناعهم بإلقاء السلاح. واعتبر أن تركيا "تمر الآن بمرحلة حرجة، فإما إحراز تقدّم في تسوية الأزمة الكردية، أو عودة القتال مجدداً". لكن وزير العدل التركي بكير بوزداغ نفى نية الحكومة إخضاع أوجلان لإقامة جبرية.