"لقد عملت في مجال توليد النساء أزيد من 30 سنة، وأجريت آلاف العمليات القيصرية والطبيعية، ولم أتسبّب ولو مرة واحدة في وفاة امرأة أو التسبّب في أذاها، واليوم يتهمني أطباء أقل مني تجربة ب"الإهمال وارتكاب خطأ فادح". خرجت البروفسور حاج صادق فاطمة الزهراء عن صمتها الطويل بعد اتهامها بالتسبب في وفاة امرأة تونسية كانت قد أجرت لها ولادة قيصرية ب"عيادة القدس" قبل سنة ونصف سنة، حيث فوجئت باستدعائها من طرف المحكمة كمتهمة وهي التي أجرت عملية ولادة قيصرية ناجحة للمرأة "الضحية" بشهادة أهلها والأطباء حيث مكثت أربعة أيام في العيادة وخرجت رفقة رضيعها بصحة جيدة وهي تحمل الزهور على أنغام الزغاريد. وتقول المتحدثة ل"الشروق اليومي": "لقد أشرفت على متابعة وعلاج المرأة التونسية لسنوات حيث وضعت رضيعها الثاني بصحة جيدة وهي التي كانت تعاني من السكري، وزيادة على ذلك أوصيت الأطباء وجميع العاملين معي في عيادة التوليد على ضرورة إعطاء صورة جيدة للجزائر بالتكفل الجيد بالتونسية التي أجرت عملية قيصرية ناجحة بامتياز وخرجت من العيادة وهي مبتسمة وتشكر الأطباء على مجهودهم الكبير وحسن تعاملهم، وهذا بعد مكوثها لأربعة أيام أجرت فيها جميع الفحوص الطبية الضرورية التي أكدت سلامتها وسلامة رضيعها. وفي اليوم الموالي من خروجها من المستشفى أصيبت بمغص في بطنها أدى إلى تقيئها ما دفع زوجها إلى نقلها إلى مصلحة الاستعجالات بمستشفى مصطفى باشا، حيث مكثت هناك 14 ساعة دون تدخل طبي مفيد، ما دفع الأطباء هناء إلى اتخاذ قرار إدخالها غرفة العمليات، وتعرضت لتخدير كلي تسبب في وفاتها على الفور، لأن الإفرازات التي كانت في بطنها صعدت إلى رئتيها وتسببت في تدمير الفويصلات وتعطيل وظيفتها، إذ ارتكب الأطباء خطأ فادحا عند تعريضها للتخدير الكلي، فالقواعد الطبية تمنع تعريض المرأة النافس إلى التخدير الكلي باعتبار بطنها مملوءا بالإفرازات التي تتطلب تخديرا جزئيا أو نصفيا لتفادي تسللها إلى مختلف الوظائف الحيوية في الصدر. وبعد وفاة المرأة على طاولة الجراحة واصل الأطباء تدخلهم الطبي على جثة هامدة، وبعد اكتشافهم لوفاتها أدركوا أنهم ارتكبوا خطأ طبيا قاتلا، ولتجنب أصابع الاتهام والمتابعات القضائية قالوا لزوج المرأة إن سبب الوفاة يعود لمضاعفات العملية القيصرية التي تسببت في تعفن على مستوى البطن، ما دفع بالزوج إلى التقدم من العيادة وإخباري بوفاة زوجته وطلب مني الملف الطبي الخاص بها، فقدمت له الملف الطبي واتصلت بأصدقاء لي على مستوى مستشفى مصطفى باشا فأكدوا لي أن سبب الوفاة هو التخدير الكلي الذي تسبب في الوفاة، حيث وضع الأطباء في تقريرهم أن الوفاة "طبيعية". ولما اكتشفتُ السبب الحقيقي للوفاة عاتبت زوج الضحية التونسي لعدم قدومه إلى العيادة حيث كان على الأطباء علاج زوجته، لعلمهم بحالتها بدل أخذها إلى مستشفى مصطفى باشا، غير أن الزوج أبدى ندمه الكبير على هذا الفعل وذهب بالملف الطبي. وبعد أشهر من الحادثة اكتشفت أن الزوج رفع ضدي دعوة قضائية واتهمني بقتل زوجته بدل أن يتهم أطباء مستشفى مصطفى باشا الذين قتلوا زوجته على طاولة الجراحة، وقدّم للقاضي ملفا ناقضا يعتمد على شهادات مزيفة لأطباء يعرفون بعضهم البعض، وكل واحد منهم كتب تقريرا كتابيا للدفاع عن الآخر، خاصة وأن المحكمة اعتمدت على طبيب شرعي من مستشفى مصطفى باشا واعتمدت على شهادة رئيس مصلحة التوليد لنفس المستشفى والذي كتب تقريرا قاسيا ضدي واتهمني بالإهمال وارتكاب خطإ طبي فادح ودافع بطريقة غير مباشرة عن أطبائه الذين ارتكبوا خطأ فادحا وقتلوا المرأة التونسية. والغريب في الأمر أن تقارير أطباء مستشفى باشا حملت عديد التناقضات حيث أكدوا أن سبب الوفاة "طبيعي" في التقرير الأول وبعدها وضعوا أن سبب الوفاة هو "تعفن في البطن ناتج عن ولادة قيصرية"، وكتبوا أيضا عن "وجود سائل غريب في بطن الضحية" وهي الأشياء التي تتناقض مع الطب الحديث، لأن عامل التعفن بعد وأثناء العملية القيصرية يمثل 01 بالمائة على أكثر تقدير، وإذا حدث التعفن فيستحيل أن يؤدي إلى الوفاة ويمكن تداركه، خاصة وأن المرأة مكثت في العيادة أربعة أيام ولم تشتكِ من أي ألم في بطنها. وتضيف البروفيسور حاج صادق فاطمة الزهراء قائلة: لقد عملت في مجال توليد النساء أزيد من 30 سنة، وأجريت آلاف العمليات القيصرية والطبيعية، ولم أتسبّب ولو مرة واحدة في وفاة امرأة أو التسبّب في أذاها، واليوم يتهمني أطباء أقل مني تجربة ب"الإهمال وارتكاب خطأ فادح"، ولا أحد منهم كان شاهدا على ما قمت به من رعاية طبية للمرأة التونسية التي خرجت من العيادة بكامل قواها، وما حدث لها من مغص كان نتيجة أكلها لمأكولات محظورة على النساء النوافس ما تسبب في تقيئها، وهذا أمر يحدث للكثير من النساء الحوامل، وكان الأجدر من أطباء مستشفى مصطفى باشا تخفيف آلام بطنها وعلاجها دون عرضها على التخدير العام الذي تسبب في تعطيل نشاطات جسمها الحيوي وأدى إلى وفاتها. وفي ختام حديثها قالت البروفسور حاج صادق إنها قررت الرد على اتهامات مستشفى مصطفى باشا لها من أجل إعادة الاعتبار لعائلتها "بعد صدور بعض مقالات صحفية حادت عن الحقيقة واتهمتني بالتسبب في وفاة المرأة التونسية".