ما تزال عديد من البنايات المصنفة في الخانة الحمراء بقلب العاصمة لم تهدم بعد، وما تزال العشرات من العائلات تقيم تحت أسقف هاته البنايات المهددة بالانهيار فوق رؤوس أصحابها، فلا السلطات تحركت لإيوائهم ولا لهدم بعض البنايات الشاغرة من السكان، فببلدية محمد بلوزداد تفاجأنا بوجود أزيد من 32 حيا لم تسو وضعيتها بعد، فيما قرر مكتب الدراسات "أوفاريس" هدم بنايات موزعة على 14 حيا آخر ما زالت ليومنا هذا لم تباشر إجراءات الهدم. مديرية السكن لولاية الجزائر كانت قد أحصت مؤخرا خلال دراسة تقنية للبنايات القديمة بالعاصمة، وجود 70 بناية قديمة آيلة للسقوط بالعاصمة تستدعي وضعيتها التعجيل بهدمها. وقد كانت الوثائق التي تحصلنا على نسخ منها تؤكد وجود أحياء جد متدهورة ما زالت تأوي ساكنيها، ولأن الشك راودنا في أن تكون هاته الوثائق مُبالغ فيها، فقد تنقلنا لمعاينتها ميدانيا. والبداية كانت من بلدية محمد بلوزداد وبالضبط بشارع محمد دوار أين تقيم 13 عائلة كانت قد صنفت سكناتهم في الخانة الحمراء هي الأخرى لم يتم ترحيلها بعد، 9 أفراد يتقاسمون غرفتين مستها تصدعات بالغة الخطورة، كما تسببت الرطوبة العالية في تساقط أجزاء من البلاط المتواجد بأسقف البنايات، حتى أن الأعمدة الحديدية أضحت مكشوفة وهو ما أدى إلى تسرب مياه الأمطار إلى داخل الغرف. وبالطابق الأرضي للبناية انهارت أجزاء من الجدران وأخرى من الأسقف، وهو ما دفع بأصحابها إلى إعادة تهيئتها على الرغم من يقينهم من أنها معرضة للهدم. وغير بعيد عن هذا الحي تفاجأنا بوجود عمارة بشارع عبد القادر شعال شاغرة تم ترحيل سكانها، إلا أن السلطات ما زالت لم تباشر عملية هدمها رغم الخطر الكبير الذي يشكله بقاؤها على تلك الحال، كونها تتوسط سوقا شعبيا "العقيبة" وتحاط بها سكنات وحمام، وبينما كنا نتفقدها صاح في وجهنا أحد السكان "إنهم ينتظرون وقوع كارثة بشرية هنا لكي يتحركوا لإزالتها عن هذا الحي". 8 عائلات أخرى كانت تقيم بشارع عبد القادر شعال تم إيواؤها مؤقتا عقب زلزال 2003 بالشاليهات المتواجدة بحي علي عمران ببرج الكيفان لم يتم ترحيلها لسكنات لائقة ليومنا هذا، وفي هذا السياق صرح لنا بعض السكان الذين وجدناهم يتفقدون بنايتهم القديمة "خلال الحملة الانتخابية السابقة وعدونا بالترحيل وقدموا لنا قرارات استفادة من سكنات لائقة في بلدية بني مسوس، لكن بعد انتهاء الانتخابات لا أحد قام بتطبيق تلك الشعارات في أرض الواقع، ولم يتم ترحيلهم ليومنا هذا". أما البنايات التي قرر مكتب "الأوفاريس" هدمها -حسب ما تؤكد الوثائق التي تحصلنا عليها- فهي موزعة على أحياء 10 شارع مرزاق ديب، 9 شارع عبد القادر شعال، حي محيي الدين مسلم، حي فردينوند كوست، شارع عبد القادر علواش، حي أحمد بلقاسمي، حي حسين نور الدين، 38 بولفارد سرفونتيس، حي عبد الرحمان حموي وبشارع 39 مختار عادل ببلدية المقرية. ظاهرة اخرى اثارت انتباهنا ببلدية محمد بلوزداد هي إعادة كراء الشقق لمواطنين آخرين أتوا من خارج العاصمة بعد فترة قصيرة من ترحيل أصحابها، تلك السكنات قام هؤلاء بإعادة تهيئتها، يحدث هذا أمام مرأى السلطات ولا أحد يتحرك. أما ببلدية الكاليتوس فتعيش 6 عائلات خطر انهيار سكناتها بين الفينة والأخرى حيث تم تصنيفها من قبل الهيئة الوطنية للرقابة التقنية للبنايات في الخانة الحمراء درجة رابعة مباشرة عقب زلزال ماي 2003 والوثيقة التي تحصلنا على نسخة منها تثبت ذلك، وكان رئيس البلدية السابق قد اخبرهم بضرورة مغادرة سكناتهم نظرا للتصدعات البليغة التي تعرضت لها الشقق، لكن السكان ما زالوا ليومنا هذا يواجهون خطر انهيار الجدران بين لحظة وأخرى.. سليمة حمادي