يعيش الكيان الصهيوني هذه الأيام حالة من الذعر والهلع وصفت بالغير مسبوقة، اضطرت معها الأوساط الرسمية الصهيونية بالعكوف على تهدئة مخاوف "الإسرائيليين"، ومحاولة إقناعهم بأنه "ليست هناك حرب". وقد غذت هذه المخاوف وسائل الإعلام "الإسرائيلية" وفي مقدمتها صحيفة "معاريف"، التي ترجمت حرفيا ونشرت سيناريو الحرب المرتقبة الذي نشرته "الشروق اليومي" مؤخرا عبر حلقات، والذي نال قدرا كبيرا من الدراسة والتحليل والتعليق من قبل المختصين في وسائل الإعلام الصهيونية. وتناولت الحلقات التي نشرتها "الشروق اليومي" سيناريوهات الحرب المتوقعة وتداعياتها على المنطقة العربية بأسرها. وأشار التلفزيون "الإسرائيلي" في نشراته الإخبارية ليلة الخميس إلى أن القلق الشديد يهدد بإصابة المجتمع الصهيوني بالشلل، فقد تسببت الأحاديث الإعلامية والتحليلات الاستراتيجية عن الحرب طيلة الأيام الماضية في إرعاب الشعب "الإسرائيلي"، مذكرة إياه بآلام حرب 2006، وأمام هذه التحديات لم يجد المسؤولون الصهاينة سوى خفض نبرة الخطاب الحربي، والقيام بحملة غير معلنة لطمأنة "الإسرائيليين"، حيث قللوا من احتمالات الحرب، ووضعوا المناورات "الإسرائيلية" المدنية والعسكرية في إطار الإجراءات الدورية التي لجأت إليها "إسرائيل" بعد استخلاصها للعبر من حرب 2006 . وقال "دان هرئيل" نائب رئيس الأركان: "لا أرى سببا لهذا التوتر الخارج عن المألوف ولا أعتقد أن هذا التوتر موجود والجيش مستعد ومنتشر على الحدود ولا يمكن لأي قوة في العالم أن تخترق الحدود الإسرائيلية، والوضع عموما لا يختلف جوهريا عما كان عليه على مدار العام".وحول نشر الجيش السوري لثلاث فرق عسكرية على طول الحدود مع فلسطينالمحتلة، ودخول هذه القوات في حالة تأهب قصوى، قامت السلطات الصهيونية بنفي هذه المعلومات، مؤكدة أن "الجيش السوري اتخذ مجرد إجراءات دفاعية ردا على عودة الجيش الإسرائيلي لإجراء مناورات واسعة في هضبة الجولان". وقال "نير دفوري" المختص بالشؤون العسكرية: "غالبية الحديث عن سخونة الوضع مع سوريا هو في وسائل الإعلام، وصحيح أنهم في حالة تأهب ويجرون الكثير من المناورات كرد على ما تقوم به إسرائيل في هضبة الجولان".في السياق ذاته قلّل نائب رئيس الوزراء الصهيوني "حاييم رامون" من مخاطر نشوب نزاع مسلح مع سوريا، قائلا للإذاعة العامة الإسرائيلية: "إن إسرائيل لا تنوي مهاجمة سوريا، والأخيرة تؤكد فقط أنها على استعداد للرد، إذن فإن مخاطر نشوب نزاع عسكري ضئيلة جدا". وتابع "إننا نتحقق باستمرار من إمكانية إجراء مفاوضات سلام مع سوريا، لكن للأسف فإن هذا البلد منخرط بقوة في علاقاته مع محور الشر المتمثل في إيران وحزب الله وحماس". وقال "إن رئيس الوزراء أيهود اولمرت بعث رسائل عدة من خلال وسطاء سعوديون تفيد بأننا على استعداد للتفاوض، لكن سوريا رفضت هذه الأيادي السلمية وردت بقسوة على الوسطاء، ورفضت بوقاحة الالتحاق بالدول المعتدلة، وأصرت على استمرار دعمها الإرهابيين في غزة ولبنان".ومن جهته، قال المتحدث باسم وزارة الحرب "شلومو درور": "إن سوريا لن تستطيع الصمود طويلا أمام الحصار المفروض عليها من دول الاعتدال العربي، وأنها _ أي سوريا _ ستضر مرغمة للتسليم بالسلام مع إسرائيل دون شروط مسبقة ودون حديث عن الجولان، طالما استمر العلاقات القوية والتوافق في وجهات النظر بين إسرائيل والدول العربية المحورية المعادية لسوريا، والكفة الآن تميل لصالحنا سياسيا، أما عسكريا .. فإن بشار الأسد لا يستطيع المقامرة بشن حرب على إسرائيل في ظل انكشاف ظهره عربيا".يأتي هذا في الوقت الذي نفى فيه مصدر أمني سوري أن تكون سوريا قد استدعت جزءا من قوات الاحتياط استعدادا لمواجهة هجوم إسرائيلي قد يستهدفها مع حزب الله، وذكر محلل الشؤون العسكرية في القناة العاشرة الإسرائيلية "ألون بن دافيد"، أن المناورة الصهيونية التي أطلق عليها اسم "نقطة تحول 02" ستستمر خمسة أيام وسيتم التدريب فيها على سيناريوهات طوارئ عديدة، وستبدأ المناورة نظريا يوم الأحد، مع عقد جلسة حكومية خاصة لدراسة سيناريو افتراضي محدد يقدم لها، مقرونا بتقدير وضع، على أن تعقد جلسة أخرى يوم الاثنين تتزامن مع مناورة أركانية عامة على المستوى القطري، وتبلغ المناورة ذروتها صباح يوم الثلاثاء مع إطلاق صفارات الإنذار في جميع أرجاء "إسرائيل" وبدء وسائل الإعلام ببث رسائل خاصة من قيادة الجبهة الداخلية تعطي توجيهات للسكان للتكيف مع حالة الطوارئ.في غضون ذلك، سيتم إنزال طلاب المؤسسات التعليمية إلى الملاجئ، وافتتاح أقسام طوارئ في نحو 253 بلدية، وتنتقل المناورة إلى المرحلة الميدانية يومي الأربعاء والخميس، حيث سيعمل على محاكاة وضع تتعرض فيه "إسرائيل" لهجمات صاروخية، بعضها غير تقليدي، وأن هذه المناورات الميدانية ستنظم من الجليل في أقصى الشمال وحتى بئر السبع جنوبا. وفي خضم هذه الأجواء المتوترة برر الإعلام الصهيوني إلغاء وزير الحرب "أيهود باراك" زيارته إلى ألمانيا التي كانت مقررة هذا الأسبوع إلى المخاوف الإسرائيلية من ما ستتضمنه نتائج التحقيق السورية في جريمة اغتيال الشهيد عماد مغنية والتي سيعلن عنها نهاية هذا الأسبوع، وما قد يلحقها من قيام حزب الله بهجوم كبير على "إسرائيل".