يحل قائد أركان الجيش الفرنسي الفريق بيير دو فيليي، السبت، بالجزائر في زيارة رسمية تدوم إلى 15 سبتمبر الجاري. وأفاد بيان نشره الموقع الإلكتروني لسفارة فرنسا في الجزائر، أن قائد الأركان سيكون في استقباله بوزارة الدفاع الوطني الفريق، أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع الوطني قائد أركان الجيش الوطني الشعبي، كما سيستقبله بوزارة الشؤون الخارجية الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل، على أن يقوم بعدها بزيارة الناحية العسكرية الرابعة في بسكرة. وأوضح البيان أن "هذه الزيارة تأتي بعد أربعة أشهر من زيارة وزير الدفاع جون إيف لودريان الجزائر في شهر ماي الفارط، في إطار متابعة زيارة الدولة التي قام رئيس الجمهورية الفرنسي إلى الجزائر في ديسمبر 2012، سيكون فرصة لمتابعة التشاور الوطيد بين فرنساوالجزائر حول كل القضايا الجهوية وضرورة مكافحة الخطر المشترك الذي يمثله الإرهاب بالنسبة للمنطقة بأكملها". وتأتي زيارة قائد أركان الجيش الفرنسي إلى الجزائر في ظرف إقليمي جد حساس تعيشه ليبيا والمنطقة عموما، حيث تتزامن مع تحركات عربية وإقليمية تشارك فيها الجزائر بصفتها إحدى دول الجوار الليبي ومعنية بالتهديدات الإرهابية مباشرة عبر حدودها الجنوب شرقية. وتعد الزيارة التي يؤديها دو فيليي الثانية لمسؤول عسكري فرنسي أعلى بعد أقل من أربعة أشهر من زيارة وزير الدفاع ييفز لوديران إلى الجزائر في 20 ماي الماضي، والتي كانت الأولى من نوعها لوزير دفاع فرنسي. وتدخل زيارة رئيس الأركان الفرنسي للجزائر ضمن ترتيبات تحاول فرنسا عرضها على المجتمع الدولي وافتكاك قرار دولي بالتدخل العسكري في ليبيا. وتتزامن هذه الزيارة التي لم يعلن عنها بشكل رسمي من الجانبين الجزائري والفرنسي، مع تأزم الوضع في ليبيا، وهو ما جعل فرنسا تبدي قلقا إزاء ما يحدث خاصة وأن تحول المنطقة إلى إحدى قلاع ما يسمى بالدولة الإسلامية في المغرب أو (دامس) كما تروج له مواقع ومنتديات جهادية عبر الانترنت. وكانت فرنسا قد دعت على لسان وزيرها للدفاع إلى ضرورة تحرك دولي في ليبيا بالتنسيق مع الجزائر، ولمح وزير الدفاع الفرنسي لودريان إلى إمكانية تدخل عسكري في ليبيا يكون بمباركة من المجتمع الدولي على أن يتم ذلك بالتنسيق مع الجزائر لكون دورها مهم في المنطقة مثلما جاء في تصريحات له عبر صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية الثلاثاء الماضي. ومن المنتظر أن يعرض الجنرال بيير دو فايي، المقترح الفرنسي على المسؤولين الجزائريين رغم اختلاف الرؤية الجزائرية عن الطرح الفرنسي كما جرى في شمال مالي من قبل، حيث أكدت مرارا على الخيار السياسي والحل السلمي لإنهاء الصراعات في المنقطة واستحالة خروج جيش الجزائري في مهمات عسكرية خارج حدود البلاد. وتسعى فرنسا لإفتكاك موافقة جزائرية للتدخل عسكريا في ليبيا، بداعي مكافحة الجماعات الجهادية الناشطة في المنطقة، على غرار الحصول على ترخيص من الجزائر يسمح لطائراتها بالتحليق في سماء الجزائر لضرب أهداف معينة في ليبيا على غرار ما فعلته بمالي. ورغم أن الجزائر ردت رسميا على دعوة وزير الدفاع الفرنسي إلى تنسيق فرنسي جزائري لتنفيذ عمليات عسكرية مشتركة في ليبيا، حين أكد وزير الخارجية رمطان لعمامرة أن الجزائر لن تشارك في أي تدخل عسكري في ليبيا، لاسيما وأن ذلك منصوص عليه في الدستور، وهي تفضل الحوار بين الفرقاء الليبيين على لغة السلاح. وتعلم باريس "أكثر من غيرها" أن عقلية الجيش الجزائري الرافضة لأي تواجد خارج الحدود، لكنها تصر مع ذلك على توريط الجزائر في مستنقع الحرب في ليبيا، والمؤكد أنها لن تترك للجزائر فرصا للتفاوض في هذا الخصوص. وتملك الجزائر "واقعيا" فرصا كثيرة للتفاوض والضغط على الطرف الفرنسي للعدول عن فكرة التدخل العسكري في ليبيا على رأسها الملف الإقتصادي وتواجد الشركات الفرنسية في الجزائر، فهل سيحقق المفاوضون الجزائريون استفاقة هذه المرة أم أنهم سيتنازلون لإرضاء أطماع باريس كالعادة؟