تبادلت قوات النظام السوري وتنظيم داعش خلال الأسبوعين الماضيين، استعراض جثث قتلى الطرف الآخر الذين سقطوا في المعارك على أسوار مطار دير الزور شرق البلاد، في مشهد يعكس مدى ما وصلت إليه الحرب في سوريا من وحشية، بالتوازي مع المأساة الإنسانية التي خلفتها العمليات القتالية المستمرة منذ انطلاق الثورة في مارس 2011. والتي أسفرت عن أكثر من مائتي ألف قتيل وقرابة المليون جريح، وذلك حسب ما قالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة فاليري آموس، الثلاثاء. وحرص النظام السوري خلال الأيام الماضية على منافسة داعش في استعراض جثث القتلى الذين سقطوا في معارك مطار دير الزور العسكري، والذي يحاول التنظيم منذ أسبوعين السيطرة عليه في ظل دفاع مستميت من قبل قوات النظام عنه. وأظهرت مقاطع فيديو وصور نشرتها حسابات مقربة من النظام على مواقع التواصل الاجتماعي، قتلى من داعش معلقين من رؤوسهم أو أيديهم على شاحنات وسيارات صغيرة ويقوم عناصر قوات النظام بالتجول بها في الأحياء التي ما تزال خاضعة لسيطرتها في مدينة دير الزور وسط طقوس احتفالية، في حين يقوم عدد من الأطفال بجلد الجثث المدلاة ورجمها بالحجارة أثناء مرور السيارات التي تحملها. كما يظهر في المقاطع والصور نفسها، جثث لعدد من قتلى داعش بعد إلقائهم في حاويات للقمامة وضعت أمام فرع أمن الدولة (جهاز أمني تابع للنظام) في مدينة دير الزور، وتم وضع سجائر في أفواه وأنوف القتلى أو زجاجات مشروبات كحولية، كنوع من السخرية والتمثيل بالجثث، في الوقت الذي يقوم عناصر من قوات النظام وحتى مدنيون موالون للنظام بالتقاط الصور التذكارية مع الجثث. في المقابل، حرص تنظيم داعش خلال الأسبوعين الماضيين، على استعراض جثث عناصر قوات النظام الذين قتلهم خلال محاولاته المتكررة لاقتحام مطار دير الزور العسكري والمعارك المستمرة حتى ظهر اليوم (الثلاثاء)، مع تلك القوات في محيطه. وأظهرت صور ومقاطع فيديو نشرتها صفحات موالية لداعش، عناصر من التنظيم يقومون بذبح عدد من الأسرى الذين وقعوا بأيديهم من قوات النظام حول المطار، إضافة إلى أخرى يظهر فيها أولئك العناصر وهم يلهون بوضع بعض رؤوس الأسرى القتلى على آلات حادة وسكاكين وسط ضحكات وتكبيرات يطلقونها. وكانت الصورة الأكثر تداولاً من قبل تلك الصفحات، صورة لرأس ضابط برتبة مقدم في صفوف قوات النظام قام التنظيم بقطعه بعد أسر الضابط، وتم وضع الرأس أمام مدخل مدينة مو حسن الخاضعة لسيطرة التنظيم والمحاذية لمطار دير الزور. ورأى محمد العيسى وهو صحفي سوري معارض في مدينة دير الزور، أن المنافسة بين النظام السوري وداعش في استعراض جثث قتلى الطرف الآخر تصب في سياق الحرب النفسية بينهما، ومحاولة شد عزيمة أنصار كل طرف وتطمينهم بقوة من يناصرونه. وفي تصريح لوكالة الأناضول للأنباء، قال العيسى إن استعراض الجثث ليس بجديد لدى الطرفين، إلا أن ذلك ارتفعت وتيرته مع سيطرة داعش على مناطق إستراتيجية في محيط مطار دير الزور وبدء اقتحام أسواره، في الوقت الذي تصر فيه وسائل إعلام النظام على عدم الاعتراف بذلك وتورد أخباراً حول صد محاولات اقتحام للتنظيم للمطار وقتل العشرات من عناصر الأخير في تلك المحاولات التي تصفها ب"الفاشلة". ولم يتسن التأكد من مقاطع الفيديو والصور التي نشرها كل من أنصار النظام والتنظيم من مصدر مستقل، كما لا يتسنى عادة الحصول على تعليق رسمي من كلا الطرفين بسبب القيود التي يفرضانها على التعامل مع وسائل الإعلام.