الناقد السينمائي: د.رفيق الصبان صرح السيناريست والناقد السينمائي المعروف الدكتور رفيق الصبان، في حوار "للشروق"، أنه يعتبر مطالبة الفنان محمود عبد العزيز إقحام السينما المصرية في المعاقل الصهيونية تطبيعا صريحا مع إسرائيل. * مشيرا إلى أنه ليس من الممكن أن يفتح المجال للتحاور مع الأطراف الإسرائيلية ما لم تحل القضية الفلسطينية، مضيفا في شأن آخر انه ينبغي على الحكومة الجزائرية دعم قطاع السينما التي اعتبرها ظلت حبيسة نطاقات سياسية، مما شل تقدمها رغم اعترافه بتوافر الملكة الإبداعية لدى فاعليها. * * * بما أنك اليوم في الجزائر لحضور فعاليات مهرجانا تنافسيا للسينما، دعني أسألك عن تقييمك للأفلام الجزائرية من منطلق أنك ناقد وسينمائي مخضرم؟ * ** في الحقيقة أن السينما الجزائرية كانت تحصر نفسها في نطاق وضعها السياسي، متأثرة بشدة بالثورة وحماسها الفياض وهو ما اشتغلت عليه طويلا، مما كون عندها في فترة معينة من تاريخها عدم القدرة على كسر القضبان التي وضعتها لنفسها، لكنها استطاعت بفضل مرزاق علواش وفيلمه »عمر قتلاتو« الذي اعتبره محورا وعلامة بارزة في تاريخها أن تكسر قيودها وتتجه نحو التنوع السينمائي بتقديم جميع الأطياف منها ثورية واستعراضية واجتماعية... لكني مع ذاك لازلت انتظر سينما جزائرية أقوى وأعتقد انها ستلبس قريبا جميع ألوان الطيف. * * * لكن صناع السينما بالجزائر يعترفون بتراجع السينما الجزائرية ويرجعونه إلى غياب الدعم المادي رغم توافر الموهبة والملكة، مارأيك في هذا الطرح؟ * ** بلا شك، فالسينما بحاجة إلى دعم مادي قوي لتقف بنفسها، وأعتقد ان الحكومة الجزائرية ملزمة بدعم هذا القطاع، لاسيما مع وجود عناصر مقوية لتنفيذ العملية السينمائية على أكمل وجه. كما ان تكثيف مثل هذه المهرجانات التي نحضرها اليوم كفيلة برفع مستوى السينما الجزائرية أكثر مما هي عليه. * * * ألا ترى معي أن البلدان الأكثر اهتماما بالسياحة هي في المقابل الأكثر اهتماما بالسينما؟ * ** فعلا، هذا أكيد وصحيح، ولعل تركيا أصدق مثال على ما ذكرتِه، بموجب انها بدأت تنشر مسلسلاتها عبر تلفزيونات العالم، لا سيما مسلسلي »نور« و»سنوات الضياع« اللذين خطفا قلوب الجماهير العربية مما رفع من مستوى قطاعها السياحي لتزيد نسبة نشاطها إلى 12 بالمائة عن السنة الماضية، فهم يتفننون بإبراز جمال المناظر الطبيعية التي تزخر بها تركيا، ولديك مثال آخر هو إيطاليا التي اتخذتها سينما هوليود مسرحا لتصوير أفلامها، حيث نتج عن هذا التعامل كسب ايطاليا وبشكل عجيب وسريع لأرباح طائلة بعد ان بات السياح يتقاطرون عليها من كل حدب وصوب، هي فعلا علاقة جدلية بين السياحة والسينما. * * * دعنا الآن نعرج على السينما المصرية بالذات؟ هل هي في نظرك في حالة إفلاس؟ * ** السينما المصرية، في رأيي، تمر بأزمة شديدة جدا لأسباب مالية وتجارية، بسبب انخفاض مستواها، وأشياء أخرى أثرت على مسارها، بعد أن لجأت في وقت مضى إلى الاقتباس وعدم القدرة على الإبداع أو التكاسل، ثم دخولها في أزمتها الحالية، فحتى فنانونا وصلوا إلى مستوى ضحل جداً لكني مع ذلك أؤمن بمواهب الجيل الجديد الذي أعمل على تدريسه بمعاهد السينما واعتقد انه سيعطي نتائج سينمائية مبهرة قريبا جدا. * * * أنت تعلم مثلما نعلم جميعا، أن كثيرا من الأفلام المصرية باتت تعرف طريقها إلى العرض عبر قنوات تلفزيونية إسرائيلية، في ظل صمت الفنانين المصريين، ما تقييمك لهذه الظاهرة المريبة بوصفك ناقدا سينمائيا كبيرا؟ * ** أنا منزعج كثيرا من هذا التعدي الذي لم يحرك مشاعر العروبة والغيرة في قلوب فنانينا، ورغم اني معروف بدبلوماسيتي المفرطة ومحاولتي في كل مرة رش السكر على الأشياء المرة لتقبل طعمها، لكن إذا كان الأمر يتعلق بإسرائيل من قريب أو من بعيد فأنا اختزن »اريتيكاريا« ضدها بشكل كبير. * وأعتقد أن عرض أي فيلم عربي ليس مصريا على القنوات الاسرائلية هو مسبّة حقيقية لنا كعرب. * * * الفنان محمود عبد العزيز وفي ندوة صحفية جمعته والصحافة الجزائرية ضمن هذه الطبعة الجديدة للمهرجان الدولي للفيلم العربي، صرح أنه من المجدي إقحام السينما المصرية في المعاقل الإسرائيلية، ما رأيك؟ * ** بصراحة أجد موقفه هذا تطبيعا مع إسرائيل وأنا ضده تماما بأي صورة من الصور. وفي رأيي لا يمكن فتح مجال للتحاور أو التعامل مع أي طرف إسرائيلي إلا إذا تم حل القضية الفلسطينية. * * بطاقة فنية للدكتور رفيق الصبان * الدكتور رفيق الصبان كاتب، سيناريست كبير وأحد أبرز رموز الفن في العالم العربي، دمشقي الأصل والانتماء، مقيم بمصر منذ أكثر من 30 عاما وبهذا البلد وضع دعائم المسرح القومي، وأخرج في إطاره عددا من روائع الفن المسرحي العربي والعالمي، وكانت ثقافته السينمائية النظرية جواز سفره إلى عالم الكبار، حتى أصبح في رصيده أكثر من عشرين سيناريو لأهم الأفلام المصرية، أبرزها الفيلم الرائعة »دائما حبيبي« الذي جسد بطولته الثنائي نور الشريف وزوجته »بوسي« كما يشتغل حاليا كأستاذ لمادة السيناريو في أكاديمية الفنون بالقاهرة يتخرج على يده عدد كبير من السينمائيين الموهوبين...