خلافا لمشاركات الجزائر السابقة في صالون باريس للكتاب، لم يتم تغييب الكتب الصادرة باللغة العربية كلية بذريعة الهوية اللغوية للجمهور المتردد على الجناح الجزائري، ولم توضع بعض النسخ "كحشيشة فوق طعام" ولعل حجز نصف رف كامل للروائي الراحل عمي الطاهر وطار مؤسس الجاحظية وصاحب شعار "لاإكراه في الرأي" إلى جانب كتب آخرى عن الإمام عبد الحميد بن باديس يحسب لصالح وزيرة الثقافة. وخلافا لعادة "حليمة" التي دامت طويلا تنوعت المشاركة الجزائرية هذه المرة بشكل ملحوظ. ورغم الاجتهاد الكبير الذي لاحظناه مازالت السيطرة للكتاب الصادر باللغة الفرنسية ولدور نشر معينة، وإثارة نقاش فكري وثقافي حول الظاهرة التي تعمق الشرخ الحضاري بين أبناء الوطن الواحد وتغيب الجزائر المتنوعة لغويا في المشرق العربي وفي الدول الغربية على السواء نتيجة استمرار غياب إستراتيجية ثقافية مدروسة وفق ما تمليه الحرب الإيديولوجية الحديثة في زمن الحديث عن الإرهاب الإسلامي فقط. متحدثا للشروق عن المشاركة الجزائرية، قال إيقرب للشروق "إن المشاركة تمثلت في عرض إنتاج 37 دار نشر لا تمثل العدد الذي تضمنه الفهرس وقدمت هذه الدور 800 عنوانا تمحورت أساسا حول كتب التاريخ والأدب إلى جانب كتب الأطفال والتراث الفني والحضاري والطبخ واعترف بصحة ملاحظة التركيز على كتب التاريخ والأدب وهي الملاحظة التي تستجيب لإقبال معظم الزائرين وهم الزوار الذين يطغى عليهم العنصر النسوي. زوار الجناح الجزائري يتكونون من شرائح اجتماعية شتى ويبحث المهاجرون بوجه خاص عن كتب التاريخ والسياسة تجسيدا لحنين وجودي وتطلعا لمعرفة جوانب مجهولة من تاريخ الوطن والثورة، ويمثل الفرنسيون الذين ولدوا في الجزائر وعرفوا بتسمية الأقدام السود نسبة لا بأس بها من مجمل الزوار بحسب إيقرب . وعن معايير المشاركة وطغيان دور نشر على أخرى وضيق حيز كتب الأطفال هذه السنة قال إيقرب إننا نخضع لما تقدمه لنا دور النشر من عناوين جديدة صادرة باللغات العربية والفرنسية والأمازيغية وتشمل عادة العامين الأخيرين، واضاف أن عامل ضيق الفضاء لا يسمح بتقديم كل ما قدم لنا علما أن فضاء جناح المشاركة الجزائرية بلغ هذه السنة 64 متر مربع كالعام الماضي وكلف الوزارة أكثر من 15 ألف أورو ناهيك عن تكاليف الشحن والجمركة، ويشكل غلاء تكلفة الفضاء الذي تسبب في عدم مشاركة دور فرنسية كثيرة بحسب صحيفة "لوموند" عائقا كبيرا في نظر إيقرب الذي أضاف أن الفضاء في صالون باريس للكتاب يعد من أغلى مساحات الصالونات عالميا. ولم يتردد إيقرب في شكر وزارة الثقافة التي رفعت التحدي بجناح يعد من أكبر الأجنحة العربية والأهم من حيث الموقع الذي توسط دور لبنان وتونس والسعودية وقطر والشارقة وحتى إيران عن عدم مشاركة دور معينة شملها الفهرس لكنها غابت في الجناح قال مسؤول الجناح الجزائري إن بعضها كانت منشغلة بتظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية في حين لم تقدم آخرى عناوين جديدة كما تنص عليه شروط المشاركة. كما التقت الشروق على هامش فعاليات الصالون مديرة نشر مجلة "سلامة" الشهرية الفرنكو جزائرية حسينة الحاج صحراوي. المجلة التي تأسست عام 1995 في عز العشرية الدموية وتوقفت عن الصدور عام 2004 لأسباب مالية، عادت إلى الصدور بنفس جديد انعكس على شكلها ومضمونها على وأكدت في معرض حديثها إن "سلامة" هي المجلة الجزائرية الوحيدة في المهجر وهي تحاول أن تكون همزة وصل بين المهاجرين والجزائريين المتواجدين في البلد الأم، وأن تعبر على طاقاتهم الخلاقة في كافة المجالات خلافا للصورة الإعلامية والإستهلاكية البائسة التي تقدم عنهم اليوم في سوق المزايدات السياسوية الرخيصة".