يصنع الممثل المسرحي محمد يبدري هاته الأيام الحدث بأمريكا، لأنه الممثل الجزائري الوحيد الذي بات يتحدى عوامل العنصرية والإسلاموفوبيا ليفرض نفسه ويوصل الفن المسرحي الجزائري بمدينة مينيا بوليس، التي تعدَ عاصمة المسرح بعد نيويورك، بدليل أنه شارك في تمثيل 11 مسرحية خلال الثلاث سنوات الماضية، بعد قراره الاستقرار بديار الغربة، اغتنمنا فرصة تواجد ابن وهران بالجزائر لنطرح عليه بعض الأسئلة. بداية حدَثنا بكل صراحة عن ظروف العيش بأمريكا خاصة وأنك فنان مسرحي؟ صحيح أن ظروف العيش صعبة هناك، لكن ما يشجعك على العيش بأمريكا هو سقوط كل حواجز العرق واللغة أمام لغة الفن، التي هي مقدسة وبمثابة رسالة متينة، يحترم أصحابها وتمد لهم كل التسهيلات للعمل، عكس ما يعانيه الممثل في بلادنا.
ارو لنا كيف قررت السفر إلى أمريكا وأنت شاب مسرحي صنعت أولى خطواتك الفنية بمسرح عبد القادر علولة كان قرارا عائليا، حيث بعد زواجي سافرت سنة 2012 إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، بمحض التجريب، غير أنني وجدت كل متطلبات العمل هناك، علما أن مدينة مينيا بوليس تحتضن بمسارحها كل ليلة 20 عرضا مسرحيا دون الحديث عن الأفلام الهوليوودية التي تعرض بقاعات السينما، وهي معطيات تشجع أي فنان طموح على تفجير طاقاته وفرض ذاته.
ألم تتعرض لمؤامرات وأنت تحمل اسم "محمد" هناك؟ أولا، أشير إلى أن هناك بعض الفنانين العرب من رضخوا لضغوطات جعلتهم يلجؤون إلى تغيير أسمائهم التي كانت تحمل دلالات إسلامية، لإرضاء المجتمع الأمريكي والتقرب من كبار مخرجي هوليوود، لكن أنا أفتخر كلما ذكر اسمي في آخر المسرحية، ويعلق على الآفيشات خارج المسارح، لأن ديننا دين تسامح ورحمة ولا علاقة له بالإرهاب الأعمى.
هل لاقيت صعوبة لعرض مسرحياتك أمام الجمهور الأمريكي؟ في الحقيقة المهمة ليست سهلة لأنك ستخاطب مجتمعا يختلف عن مجتمعك الأصلي، حتى العرب هناك لا يمثلون سوى 30 بالمئة من السكان، ولكن بفضل إرادتي تمكنت من إتقان اللغة الأمريكية، وأنا اليوم أقدم عروض فكاهية بلغة أمريكية، من دون أن أحيد عن مبادئي وهويتي أو ديني. رغم مرور أكثر من 3 سنوات على الحادثة إلا أن الجمهور لازال يتساءل عن أسباب انسحابك المفاجئ من برنامج قهوة الڤوسطو في طبعتها الأولى؟ هناك عاملين رئيسيين لانسحابي، الأول أنني لم أقتنع ببعض أعضاء لجنة التحكيم الذين كانوا يعاملون المشاركين مثل الأطفال ولا يحسنون التعامل معهم، رغم أنه في الطبعة الأولى كان هناك العديد من الممثلين المحترفين، ولم تكن بدايتهم في تلك الحصة التي تكتشف المواهب، وثاني سبب أنني انشغلت بتحضير لوازمي الشخصية الإدارية للسفر إلى أمريكا، وهو ما أخذ مني الكثير من الوقت واستحال عليّ مواصلة تسجيل حلقات البرنامج. ألم تندم على تفويتك فرصة الشهرة، علما أن العديد من زملائك المشاركين فتحت لهم أبواب النجومية؟ إطلاقا لا، لأنني مارست الفن منذ نعومة أظافري ليس بهدف تجاري أو تشهيري لكنني مولع به، وأعشق تأثيراته حد النخاع، وهوما جعلني أنجح في فرض نفسي أمام أعمدة المسرح الأمريكي في تحد كبير وكنت خير سفير لبلادي بشهادة الجميع. ما هي أشهر مسرحية قدمتها هناك بالمهجر؟ مسرحية "مهرج في منفى"، التي جابت مختلف مسارح الولاياتالأمريكية، لما فيها من أفكار ودلالات اجتماعية هادفة لمخرجها الأمريكي "نوا بريمر" إلى جانب آخر مسرحية قمت بالتمثيل فيها الموسومة ب "حج شيري وموسى في العالم الجديد"، نص للكاتب المصري يوسف الجندي وتمثيل قريتا قورج ومحمد يبدري، وهي قصة حب عبر العصور، تروي طيلة ساعتين من الزمن صراع الحضارات وتغلب الحب على كل الحواجز.
هل من مشاريع مستقبلية؟ سعدت بدعوة المخرج المحنك جعفر قاسم لي للمشاركة في سيتكوم مميز سيعرض خلال شهر رمضان، كما أنني تقمصت دور بطولة في مسلسل اجتماعي "ذئاب الحب" لمخرجيه أكرم جغيم وزوبير عمير، بالإضافة لتنظيمي رفقة فناني المهجر المهرجان العربي الأمريكي الذي سيقام شهر جوان المقبل ، علما أنني عضو مؤسس رفقة الممثلة الجزائرية طاووس خازم، واللبنانية كاتي حداد.