ينظم طلبة المعهد العالي لفنون العرض ببرج الكيفان، اعتبارا من هذا السبت، الأيام المسرحية الثانية، في تظاهرة هادرة باثني عشرة منمنمة وباقة مفاجآت تستضيء بفوانيس قلعة عريقة تراهن على أن تمطر الآتي بشمعدانات الأمس. تحت شعار "مرايا المستقبل-فوانيس الماضي: جسر يربطنا بماضينا"، أشار الثنائي المتوثّب "بدر الدين جعفر" و"لمياء كحلي" إلى أنّ التظاهرة ستستمر أسبوعا كاملا، وتتضمن طبقا دسما منوّعا يشكّل حوصلة لجملة إبداعات طلبة المعهد وتشكيلة من الفنانين في اختصاصات مسرحية متعددة. هذه التظاهرة الواعدة التي ستعرف حضور وزيرة الثقافة "نادية لعبيدي"، ونخبة من المبدعين والدارسين والأساتذة، ستكون عرسا إبداعيا أكاديميا نقديا تكامليا لا سيما مع حضور القدامى والمُجايلين والمخضرمين، وسط عروض منوّعة لكوكبة من التعاونيات والمسارح الجهوية، فضلا عن خريجي المعهد، كما يتضمن البرنامج مداخلات لكوكبة من الطلبة السابقين، وأشرطة تاريخية عن سيرورة المعهد وأعلامه. وفي فقرة مستحدثة، سيتم تفعيل نافذة "كواليسنا" التي ستشهد نقاشات ومساجلات مفتوحة ينشطها سائر خريجي المعهد منذ نشأته، وذلك عبر خيمات ليلية في أجواء حميمية تقارب راهنية ومستقبليات الفعل الثقافي وتوابعه. وتتضمن الومضة تكريم الأستاذ الراحل والمصمم الكوريغرافي الفذ "إسماعيل دحماني"، ناهيك عن العديد من الوجوه الفنية الشابة، فضلا عن سلسلة مفاجآت ووصلات تنشيطية. وعشية افتتاح التظاهرة، أبرز "بدر الدين جعفر" نائب المدير الإداري والشئون المالية بالمعهد، أنّ المحفل أتى ليتوّج عطاءات أسرة المعهد الكبيرة من طلبة وكوادر ومسيّرين، وتابع "بدر الدين" في تصريح خصّ به "الشروق أون لاين" أنّ البرنامج يلوح دسما ويتيح عرضين يوميا لعشاق أب الفنون، وسيكون رفع الستائر بعرض "جلول الفهايمي" لمسرح بجاية الجهوي، على أن يعقبه "الآنسة جوليا" إنتاج المعهد وإخراج "أحمد خوذي" و"محمد إسلام عباس"، لتتوالى الأيام سجالا .. والدعوة مفتوحة. حميمية البوكال حاضرة مجددا على منوال الطبعة الأولى (22 - 27 مارس 2014)، سيحتفي معهد فنون العرض بقيادة مديره "عبد العزيز بن محجوب" مجددا بحميمية فن "البوكال" هذا النمط المسرحي الفريد القائم على الكتابة الركحية التلقائية التي تتوّج بعرض خاطف لا يتعدّ 12 دقيقة، وحرصت إدارة الأيام على فسح المجال أمام مشاركة غير محدودة لكوكبة من المولوعين بالمراكحات. وسبق ل"الشروق أون لاين" أن عايش تجربة العام المنقضي في فضاء مفتوح، حيث كان الموعد زاخرا وتعانق فيه نبض الأجيال في عناق حار وسط الصقيع وتحت مطر غزير الهطول في أعماق مرايا عتيقة. وجرى تحديد الظروف المقترحة في مغتربين (رجل وامرأة) قدما إلى وطنهما من مدينة ليون الفرنسية، ويسعى الرجل للسفر إلى مسقط رأسه بمدينة بوسعادة (422 كلم جنوبالجزائر)، بينما تريد المرأة الذهاب إلى منطقة تيبازة (90 كلم جنوب)، ويقع الاثنان في مواجهة سائق سيارة أجرة ومناوراته، فكيف سارت الأحداث؟ وكانت البداية لعبد العزيز محجوب الذي "خلع" قبعة مدير المعهد وارتضى العودة إلى حبّه الأول/الأزلي: الكتابة، وانتهج محجوب المخضرم نسقا "سيناريستيا"، بينما ارتضى الشاب "أحمد العقون" نهاية مفتوحة والاتكاء على شخصية (الكلوندستان) وهو سائق الأجرة الغير شرعي الذي بات ظاهرة متنامية محليا. بدورها، منحت "أمينة بوزيان بلحاج" عملها نكهة هزلية مع ثالوث: كريمة – السبتي والسكّير، واشتغل "رابح هوادف" على قيمة الحب، في حين أسبغ الطالب الفلسطيني "محمود شحادة" مسحة فكرية على نصه "صدفة"، بينما حضرت الفكاهة في نص "مطر المحبة" لسعيد نصر سليم، ولعب كل من "أحمد خوذي"، "نوارة ربوح" و"سميحة زياني" على وتر النقائض. التجربة كانت بلسان "قويدر بن تبرور" مميّزة بكل المقاييس، سيما وأنّها تمخضت عن عشرة نصوص جديدة جرى إبداعها في بضع ساعات فقط، الانطباع ذاته يبرزه "بدر الدين جعفر" الذي رأى التوليفة واعدة وتسهم في الاستكشاف والابتكار وصقل مواهب في بلد لا زال يعاني من أزمة رهيبة في مجال النصوص المسرحية، على نحو دفع نشطاء الخشبة في كل مرة للنهل من الريبرتوار العالمي. من جانبه، وعد "عبد العزيز محجوب" بتطوير ممارسة البوكال، وجعل الأخير محفلا دائما كل ثلاثة أشهر، مع حضور أكبر للمخرجين والممثلين والنقاد بما يثري النقاش ويمنح بدائل في جزائر ثرية برصيدها المسرحي وتراثها المكتنز ويمهّد لابتعاث مسرح مغاير. وتبلور جماليات فن البوكال مسرحا عفويا يصنع الفرجة والمتعة وأجواء إحتفالية تعكس قدرات من حيث الطرح الجاد وعمقا فكرية يتجاوز حالة المخاض، ويبقى البوكال بحسب "محمد إسلام عباس"، "العمري كعوان" و"رياض بروال" بحاجة إلى استمرارية وتعميق يؤسسان لاستثمار ثقافي حيوي يثري منظومة محلية منهكة.