الخيار الوحيد أمام روسيا/صورة من الأرشيف أعلنت روسيا الثلاثاء، اعترافها باستقلال ابخازيا واوسيتيا الجنوبية عن جورجيا، في خطوة مفاجئة أثارت انتقادات القوى الغربية الداعمة لجوريجيا. وفي نفس اليوم، كلف الرئيس ديمتري مدفيديف وزيرة الخارجية التفاوض لإقامة علاقات دبلوماسية مع هاتين الجمهوريتين.. وقد سارعت اوسيتيا الجنوبية إلى الإعلان عن استعدادها لاستقبال قاعدة عسكرية روسية على أراضيها.. * وأكد الرئيس الروسي أنه "وقع على مرسومي الاعتراف باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية طبقا لإرادة شعبي هاتين الجمهوريتين وميثاق الأممالمتحدة وتصريح 1970 حول مبادئ القانون الدولي الخاص بعلاقات الصداقة والتعاون بين الدول والميثاق النهائي لهلنسكي لسنة 1975 والمواثيق الأساسية الأخرى". ودعا مدفيديف الدول الأخرى إلى أن تحذو حذو روسيا وتعترف بالإقليمين.. * وفي خطاب شديد اللهجة، برر الرئيس الروسي قراره بالقول إن "الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي اختار ليل 7-8 أوت الإبادة لبلوغ أهدافه السياسية"، في إشارة منه إلى الهجوم الذي شنته جورجيا على اوسيتيا الجنوبية لاستعادتها.. * وكان البرلمان الروسي دعا الاثنين، الرئيس مدفيديف إلى الاعتراف بالجمهوريتين الانفصاليتين الجورجيتين اللتين طالبتا بذلك قبل أسبوع. ويأتي قرار موسكو بعد ستة أشهر على إعلان استقلال كوسوفو الذي اعترف به الغربيون سريعا ما اثار استياء روسيا.. * ومن جهة أخرى، توالت الردود الغربية الرافضة للقرار الروسي، حيث أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس أن اعتراف روسيا باستقلال اوسيتيا الجنوبية وابخازيا أمر "مؤسف". وذكرت خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله بالضفة الغربية أن "ابخازيا واوسيتيا الجنوبية تنتميان إلى حدود جورجيا المعترف بها دوليا وستبقيان كذلك. ذلك يضع روسيا في تعارض مع عديد من قرارات مجلس الأمن الذي تنتمي إليه". كما اعتبرت فرنسا أيضا أن اعتراف روسيا "قرار مؤسف"، وأكدت تمسكها بوحدة أراضي جورجيا. * من جهتها، رفضت الحكومة البريطانية "رفضا تاما" اعتراف روسيا باستقلال ابخازيا واوسيتيا الجنوبية، مؤكدة دعمها لوحدة الأراضي الجورجية وواصفة القرار الروسي بأنه "مخالف للتعهدات التي قطعتها روسيا مرارا في قرارات مجلس الأمن الدولي.." * وتزامنا مع إعلان اعترافها بابخازيا واوسيتيا الجنوبية، أعلنت روسيا تعليق تعاونها مع حلف شمال الأطلسي "الناتو" في سلسلة من المجالات. وجاءت هذه الخطوة في ظل التوتر الذي يسود علاقات روسيا مع الدول الأعضاء في الناتو . ويرى مراقبون أن الناتو هو الطرف الأكثر تضررا من قطع العلاقات، مشيرين إلى أن منع روسيا نقل الإمدادات لقوات الناتو في أفغانستان سيحيل هذه الدولة إلى فيتنام أخرى. * وفي سياق العلاقات مع الناتو أعلن روغوزين أن زيارة الأمين العام للناتو ياب دي هوب شيفر التي كانت مقررة في أكتوبر المقبل، ستؤجل لوقت لاحق.. وفي إطار التحركات الدبلوماسية الأمريكية، يتوجه نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني الأسبوع المقبل، إلى جورجيا وأوكرانيا وأذربيجان، حيث سيلتقي رؤساء البلدان الثلاثة. وأعلن البيت الأبيض في بيان أن تشيني سيقوم بهذه الزيارة "لإجراء محادثات مع هؤلاء الشركاء الأساسيين حول مصالحنا المتبادلة". * يذكر أن اوسيتيا الجنوبية وابخازيا اللتان اعترفت روسيا الثلاثاء، باستقلالهما، منطقتان مستقلتان فعليا ومواليتان لروسيا في جورجيا. ولكل منهما حكومتها وبرلمانها وجيشها، لكن لم تعترف بهما أي دولة قبل إعلان موسكو الاعتراف باستقلالهما.. * اوسيتيا الجنوبية: اندلع نزاع في اوسيتيا الجنوبية، التي تبلغ مساحتها 3900 كيلومتر مربع، في نهاية 1990 عندما أعلنت نفسها "جمهورية سوفياتية". ورفض البرلمان الجورجي الاستقلالي حينذاك القرار وأعلن حل منطقة الحكم الذاتي. وفي السابع من جانفي 1991، ألغى الرئيس السوفياتي ميخائيل غورباتشوف الإجراءات التي اتخذها الجورجيون وأرسل تعزيزات إلى القوات السوفياتية المتمركزة في اوسيتيا، حيث كان الاوسيتيون والقوميون الجورجيون يتواجهون. وهزمت القوات الاوسيتية الانفصالية الجورجيين في 19 جانفي 1992 وأعلن الاوسيتيون الجنوبيون في استفتاء تأييدهم لاستقلالهم عن جورجيا وإلحاقهم باوسيتيا الشمالية التي تشكل جزءا من روسيا. * وبموجب اتفاق لوقف إطلاق النار وقع في جوان 1992، نشرت قوة ثلاثية تضم جنودا اوسيتيين وجورجيين وروس للفصل بين جورجيا واوسيتيا الجنوبية، إلا أن الحوادث استمرت واندلع نزاع جديد ليل السابع إلى الثامن من أوت عندما حاولت جورجيا استعادة اوسيتيا الجنوبية بالقوة قبل أن يصدها هجوم روسي مضاد. * ابخازيا: أعلنت هذه المنطقة التي تبلغ مساحتها 8600 كلم مربع وتشكل أكثر بقليل من 12 % من مساحة جورجيا، استقلالها من جانب واحد في أوت 1992 عن الجمهورية السوفياتية السابقة ودافعت بقوة السلاح عن هذا الاستقلال. وكانت ابخازيا "جمهورية تتمتع بحكم ذاتي" في جورجيا السوفياتية منذ 1930. وبعد حرب استمرت عاما واحدا وأسفرت عن سقوط آلاف القتلى ونزوح حوالي 250 ألف جورجي، حسب ما تؤكد تبيليسي، انتصرت ابخازيا خريف 1993 بدعم من موسكو. وقد وقع اتفاق لوقف إطلاق النار في ماي 1994 تلاه نشر بعثة مراقبة تابعة للأمم المتحدة وقوة روسية للفصل تضم ثلاثة آلاف رجل بتفويض من مجموعة الدول المستقلة "الاتحاد السوفياتي السابق باستثناء دول البلطيق."إلا أن وقف إطلاق النار بقي هشا في المنطقة التي تسجل فيها اشتباكات باستمرار.