قرار الحكومة بتجميد الزيادات في الأجور لم يكن مفاجئا للذين يعرفون تصورات أحمد أويحيى للملف، ذلك أن هذا الأخير عبّر أكثر من مرة، آخرها عقب اعتلائه لرئاسة الحكومة خلفا لبلخادم، بأن الزيادات لا يمكن أن تتم في الوقت الراهن لعدة أسباب * أهمها أن الدولة لا يمكنها أن تتحمل زيادات جديدة في ظل وضع اقتصادي مترهّل كالذي انتقده الرئيس بوتفليقة واشتكى منه خلال لقائه مع الأميار، ولأسباب أخرى لها علاقة بإعادة ترتيب البيت الحكومي اقتصاديا وتحديدا ما تعلّق منه بمسار الخوصصة والشراكة مع الأجانب! * * وحتى وان لم يقتنع الموظفون في القطاع العمومي بمبررات الحكومة، فإنها ليست المرة الأولى التي تتخذ فيها قرارات "غير شعبية" بدعوى أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي المعقد ليس ميسّرا فهمه على العامة، وأيضا على الأحزاب السياسية التي دوخنا كثير منها بجامعاته الصيفية بعدما تحولت إلى مجرد زردات وجعجعة بدون طحين يغيب عنها إبداء الرأي أو توفير البديل حتى لا نقول الجهر بالمعارضة والمطالبة بالتغيير، كما أن تأخر الرئيس عن تعديل الدستور وإعلان ترشحه لعهدة ثالثة ساهم في إصابة كثير من تلك الأحزاب بالشلل! * * الحكومة حاولت الظهور في شكل الباحث عن دعم المواطن وقدرته الشرائية لذلك صاحبت قرارها بتجميد الزيادات في الأجور بالقول إنها لن تتخذ قرارات بفرض ضرائب جديدة على المواطنين، كما أن فواتير الماء والكهرباء لن تشهد هي الأخرى أي زيادات، على الأقل في السنة الجارية وحتى منتصف السنة القادمة، لسبب بسيط، وهو أنّ الدولة بحاجة إلى ثقة مواطنيها في المواعيد الانتخابية القادمة، وهي لا تريد أن تمنح المعارضة المتبقية مبررات نقدها، ولا الشارع أسبابا لانفلاته أكثر مما هو منفلت في عديد من الولايات التي كان سبب خروج الناس فيها إما بسبب الماء أو لانقطاع التيار الكهربائي! * * وعليه، فإن قرار تجميد الزيادات في الأجور من طرف الحكومة، وفي اجتماعها الأول بعد العطلة الصيفية، يعدّ بمثابة "أضعف الإيمان" عشية حلول رمضان، ذلك أنه كان من الممكن جدا أن يحدث تمرد على القرار الأول بالزيادة، ما كان له أن يفرز عدة عواقب خطيرة على مستوى الجبهة الاجتماعية لاشك أنّ الحكومة تدركها جيدا، وتعلم ما يمكن أن ينجر عنها!