توافد الكثير من اللاجئين الأفارقة في الجزائر للمدن الساحلية هربا من درجات الحرارة الملتهبة في ولايات الهضاب والجنوب، وشكل هؤلاء جماعات وفرق في الشوارع واحترفوا التسول رفقة أطفالهم متخذين من الحيل والوسائل المختلفة طرقا لاستعطاف المارة..ونظرا لارتباط المجتمع الجزائري بالأمور الدينية، وجد بعض الأفارقة في المصاحف و"السبحة" نقطة الضعف العاطفي للتأثير والعزف على عواطف الجزائريين. في منطقة حسين داي، وعلى أرصفة الطريق المؤدي لمستشفى بارني، انتشرت جموع الأفارقة الذين افترشوا الأرض رفقة أطفالهم... في الغالب يضعون إناء أو صحن أمامهم يجمعون فيه نقود المحسنين، ويشد انتباهك أحد الأفارقة يمسك بين يديه كتاب القرآن الكريم ويقرأ بصوت عال غير مفهوم آيات أوآية واحدة يرددها عدة مرات...وتتكرر هذه المشاهد في جميع شوارع العاصمة..في ساحة أول ماي، في ساحة الشهداء، السكوار، وبلكور، حسين داي. أفارقة يعبثون بكتب القرآن الكريم ويفركون السبحة بين أصابعهم كلما رأوا جزائريا يمر بالقرب منهم، ورغم أننا لا نعلم نوايا الكثير منهم، إلا أن المصاحف التي بحوزتهم يضعونها في أماكن نجسة وبين المزابل ويتوسدونها وينسونها مرمية في الأماكن التي مكثوا فيها طيلة النهار..هي الحقيقة التي وقفنا عليها خلال جولتنا الاستطلاعية، وهي مواقف مؤسفة تسيء لكتاب الله بهدف التسول والحاجة رصدناها..بل تشدنا يوميا. أحد الأفارقة في حسين داي، كان يحمل مصحفا كبيرا بين يديه ويقرأ بأعلى صوته وهو جالس على الأرض وبقربه طفل قد يكون ابنه، اقتربنا منه ووقفنا بجنبه دون أن يتفطن، فكان يردد آية واحدة بكلمات مكسرة وغير واضحة وعندما باغتناه وتفحصنا الصفحتين اللتان كان الكتاب مفتوحا عليهما، اكتشفنا أن الآية التي كان يرددها لا علاقة لها بالصفحتين، ابتسم وصمت دون تعليق. قالت الأستاذة مهدية سعاد مقراني، محامية لدى مجلس قضاء الجزائر، مكلفة بالدفاع عن الأفارقة، إن تجربتها مع اللاجئين الماليين والنيجريين أكدت أن نسبة كبيرة من هؤلاء لا يمتون بالدين الإسلامي بصلة، وقد اعترف لها البعض منهم بذلك في المؤسسات العقابية، وأوضحت مقراني، أن قضايا النصب والاحتيال للأفارقة تبدأ بالادعاء أنهم مسلمين، ويتزامن ذلك أحيانا مع شهر رمضان، أو مع محاكمتهم أمام القاضي الجزائي. قالت ذات المحامية، إن الكثير من مواقف الاستعطاف مع الأفارقة في المحاكم من طرف الجزائريين، تبنى على تصريحات وادعاءات من طرف هؤلاء الأفارقة توهم الحضور بأنهم مسلمين، مشيرة أن اللجوء لحمل كتب القرآن الكريم من طرف الأفارقة المتسولين هي مجرد ادعاء كاذب ولابد من معاقبتهم على العبث بالمصاحف. من جهته، دعا الكثير من الأئمة الذين اتصلنا بهم حول قضية العبث بكتاب الله في الشارع من طرف أشخاص غير طاهرين وفي آماكن نجسة، إلى تشديد الرقابة على الأفارقة في مراكز العبور وتخصيص شرطة لمحاربة مظاهر الادعاء بالدين الإسلامي واستغلال المصاحف لأغراض خاصة وللنصب والاحتيال، حيث قال الشيخ جلول حجيمي، رئيس التنسيقية الوطنية للأئمة، إن الاستعطاف والرفق بالأفارقة اللاجئين لا يعني السكوت عن ما يقترفونه في حق القرآن الكريم، وطالب وزارة الشؤون الدينية بالتنسيق مع الأمن لمحاربة الإساءة لكتاب الله بهدف التسول.