عاود اللاّجئون السّوريّون الظهور وبقوة عبر شوارع الجزائر، بعدما اختفى الأفارقة عن الأنظار، واختار السوريّون هذه المرة الابتعاد عن التسوّل، ربما تخوفا من ردة فعل الجزائريين الذين تضايقوا من تصرفات الأفارقة، أو خوفا من السلطات الجزائرية التي قرّرت محاربة ظاهرة تسوّل اللاجئين. فضّل السوريّون ممارسة نشاطات تجارية بسيطة، حيث تجد عائلات بأطفالها تقف على حواف الطرق التي تعرف زحمة مرورية أو داخل محطات البنزين يبيعون أشياء مختلفة. ففي المدخل الجنوبي للعاصمة بطريق "لاكوت" ترى عائلات سورية من رجال ونساء وحتى أطفال يتجوّلون بين السيارات المتوقفة لبيع مناديل ورقية وكتيّبات حصن مسلم، وبمنطقة "القارص" بعين النعجة، تتنقل شابات سوريات محجبات بين زحمة السيارات عارضات بضاعتهن للبيع، وهي عبارة عن حاملات مفاتيح ودُمى صغيرة تبدو مصنوعة يدويا، ومناديل وسبِحات وصُور.... لكنّ إقبال الجزائريين على الشراء ضعيف ربما لغلائها، فسعر حاملة مفاتيح يصل إلى 100 دج، والقِلّة التي تشتري بدافع المساعدة لا غير. ويُثير منظر السوريات الواقفات مع أطفالهن للبيع تحت الأمطار المُتهاطلة والبرد الشديد شفقة الجزائريين، حيث شاهدنا سيدة ببلدية جسر قسنطينة، منحت مظلتها لامرأة سورية كانت تقف تحت الأمطار المتهاطلة محتضنة رضيعا. وفي هذا الموضوع استنكرت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري سعيدة بن حبيلس تصرفات بعض اللاجئين، مؤكدة للشروق أن الدولة وفّرت لهم جميع إمكانيات العيش الكريم من مأوى ولباس وأكل وتعليم، وتتذكرهم في المناسبات الدينية، وكثير منهم وجدوا فرص عمل "ومع ذلك يتخذ بعضهم من الشارع مأوى معرضين أطفالهم ونساءهم للخطر"، وفسّرت مُحدّثتنا سلوكهم "اللاجئون من مختلف الجنسيات يتفاجؤون من الكرم الزائد للجزائريين وإشفاقهم على الغير، واكتشفوا أن التسوّل يدر أرباحا طائلة فاتخذوه مهنة، ورغم أن الدولة الجزائرية تمنع التسوّل لكنها تساهلت مع اللاجئين شفقة بهم، وكان أجدر بهم الاندماج في المجتمع والبحث عن مهن ولو بسيطة". وبخصوص السوريين أكدت بن حبيلس أن ظروف إقامتهم في مراكز سيدي فرج والقادوس وبومرداس ممتازة خاصة في فصل الشتاء، مقارنة ببقية الدول العربية حيث يعيشون في خيم تحت الثلوج.