مائدة الإفطار في ضيافة السفيرة الإندونيسية بلد تمتزج بين جُزره نكهة الأرز والموز برائحة الإسلام والسلام.. تلتمس بين ملامح شعبه حبهم العميق للنبي محمد عليه الصلاة والسلام.. تختزل كل أذواق الدنيا على مائدة رمضانية مهما تنوعت أطباقها واختلفت أطعمتها فسر نكهتها أنامل سيدة سفيرة أبت إلا تفتح لنا بيتها.. جلسنا معا.. صلينا معا.. وأفطرنا معا.. أخجلتنا بتواضعها.. * وفي لحظات لا تنسى اختزلت كل الجزر في حكاية إفطار مع السفيرة الأندونسية في الجزائر.. قالت لنا إنها تعلمت منا تمسكنا بحب العلم.. ونسيت سعادة السفيرة أنها علمتنا في ساعة زمن أن التواضع والحب والتقوى.. شعارات لا تحتاج لتأشيرة سفر بين كل الشعوب.. * الساعة الخامسة بتوقيت الجزائر نصل مقر بيت السفيرة الأندونيسة.. رائحة الياسمين تنبعث من حديقة فاتنة تتوسطها نافورة تجسد تمثالا لتحفة أندونيسية.. بدا البيت عريقا كله تحف وتماثيل فنية رائعة، دمى عملاقة تتجسد في ملابسها حكاية تقاليد امرأة غير عربية لكنها تضع منديلا على رأسها.. منديل أكبر دولة إسلامية، وغرفة واسعة بها الكثير من الطبول.. تذكرت حينها أسطورة قرع الطبول في دول جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وآلات موسيقية ضخمة كان أحد الأطفال رفقة سيدة اندونيسية يتعلم قرع الطبول.. طبعا الطبول التي تقرع للسلام لا للحرب. * تختلف الأطباق المحضرة بأندونيسيا خلال الشهر الكريم باختلاف المناطق والجزر المترامية في أطراف هذا البلد العريق، مع هذا تشترك الكثير من الجزر في كل من سومطرة، جاوة وبورنيو في بعض الأطباق الرئيسية التي لا يمكن الاستغناء عنها وتشكل أهم عادات وتقاليد هذا البلد المسلم، ولعل من أهم الأطباق المحضرة في شهر رمضان طبق "كولا"والذي يعد بمثابة الطبق الرئيسي وهو عبارة عن شوربة محضرة من مختلف الفواكه خاصة الموز التي يتم طهيها بلبن جوز الهند وسكر النخيل، حيث يعد هذا الطبق بمثابة الوجبة الرئيسية والتي لا يمكن الاستغناء عنها بمختلف المقاطعات. طبق"ريندنغ" واحد من الأطباق الشعبية المحضرة، حيث يعد هذا الأخير بمثابة نقطة التقاء الجزر الأندونيسية يحضر من اللحم ومرق حليب جوز الهند باستعمال أنواع متعددة من التوابل، وعلى ذكر هذا تعد أندونيسيا من أشهر البلدان المصدرة للتوابل التي يتم استعمالها على مستوى العديد من المطابخ عبر العالم، حيث تعد الجزائر واحدة من البلدان المستوردة لها بكثرة بسبب جودتها وطعمها المتميز نجد منها الفلفل، القرنفل، القرفة، الفانيلا، جوز الهند، زيت النخيل والكسافا. وإذا كان طبق "اللحم الحلو" يمثل أهم الأطباق المتوارثة عن الأجداد بالجزائر والذي تشترك في تحضيره أغلب الولايات، نجد في أندونيسيا طبق "سمور" الحلو، يشبه إلى حد كبير طبق لحم الحلو الجزائري إلا أنه أقل حلاوة منه .ومن بين الوجبات الخاصة برمضان وجبة تسمى "كيتوبا" وهي عبارة عن أرز يُطبخ بطريقة خاصة وبالماء الزائد وبأوراق النرجيل، وهناك وجبات أخرى كثيرة ومنها بعض الوجبات تكون رمزًا للتصالح بين الناس والتسامح والعفو بينهم. * ومن عادات المسلمين في أندونيسيا في يوم العيد أن يخرج الجميع صغارًا وكبارًا رجالاً ونساء إلى الخلاء لأداء صلاة العيد واحتفالاً بالنصر العظيم ورمزًا لهزيمة الشهوات وأنصار الشياطين. * * حلقات لحفظ القرآن ومنافسات * لم نشعر ولو لحظة أننا غرباء فترة تواجدنا بالسفارة الأندونيسسة بسبب حفاوة الاستقبال والكرم الذي يميز هذا الشعب المسالم، ولعل المظاهر الروحانية الذي كانت سائدة وأجواء العبادة والقرآن زادتنا تعلقا بهذا الشعب وبعثت في أنفسنا الراحة والرغبة في البقاء لفترة أطول لا لشيء بسبب مظاهر العبادة والتهجد التي كانت موجودة في هذا المكان، حيث اعتاد الشعب الأندونيسي طوال الشهر الكريم على تنظيم حلقات لحفظ القرآن الكريم. ومن عادات المسلمين هناك الاستعداد ببرنامج خاص لاستقبال رمضان من خلال المواعظ الدينية والمحاضرات عن شهر رمضان وفضله، كما تعطي بعض المدارس عطلة خلال هذا الشهر كله للتفرغ للعبادة، والبعض الآخر يقلل عدد الحصص اليومية، وكثير من المعاهد والمدارس الإسلامية تعقد برنامجًا خاصًا في رمضان يسمونه (PESANTREN KILAT) وهو عبارة عن أنشطة خاصة أثناء رمضان للتلاميذ، يتضمن إفطارات جماعية، وخواطر إيمانية، ومحاضرات ودروس وعبر. * * * مع السفيرة * * * ماذا تعلمت سعادة السفيرة من الجزائر والجزائريين؟ * ** بلد وشعب مضياف فاجأني بحبه العميق للعلم والدراسة.. انبهرت بعدد الطلبة الجامعيين على مقاعد الجامعة.. بتعداد تلاميذ الإبتدائي.. هي ميزة عظيمة. * * * ما هو الطبق الجزائري الذي تعلمت السفيرة تحضيره في الجزائر؟ * ** أعجبتني الشربة الجزائرية خاصة لفريك، لها مذاق ممتاز.. تعلمت تحضيرها بها نكهة مميزة، لهذا ربما يفضل الجزائريون تناولها طيلة شهر رمضان، حتى شربة "الفارميسال" تعلمت تحضيرها. * * * ماذا تقولين للجزائر ولقراء "الشروق"؟ * ** أهنئ كل الشعب الجزائري بحلول شهر رمضان الكريم وأتمنى لهذا البلد كل الخير. بين الجزائر وأندونيسيا علاقات قوية أهمها الإسلام الذي يجمع البلدين.. وأود أن أشكر صحفية "الشروق" سميرة على روبورتاجها الذي قالت فيه إن الإسلام لم يدخل إلى أندونيسيا بدبابات ولا طائرات ولكنه دخلها بالتسامح لهذا اعتنق الأندونيسيون دين محمد عليه الصلاة والسلام. *