رغم الإمكانيات الهائلة التي تتوفر عليها دائرة أن أمناس بولاية إيليزي، باعتبارها منطقة بترولية، تكتنز كميات معتبرة من الذهب الأسود، إلا أن ذلك لم يشفع لها لتخطي عتبة التخلف والفقر والحرمان الذي لاحق سكانها منذ عدة سنوات. للاطلاع على وضعية سكان الدائرة قام والي إيليزي مولاتي عطا الله بزيارة ميدانية دامت يومين كاملين، مرفوقا برئيس المجلس الشعبي الولائي، بالإضافة إلى حوالي 20 مديرا تنفيذيا، قادته إلى دائرة إن أمناس أو ما أصبح يعرف محليا بشمال الولاية، بحيث تفقد وضعية جملة من المشاريع التنموية في عدة قطاعات، بكل من بلديتي الدبداب وان أمناس، بالإضافة إلى كل من قريتي تيمروالين وأوهانت، كما استقبل المسؤول التنفيذي انشغالات المواطنين سواء أثناء زيارته للمواقع أو أثناء لقاءاته مع ممثلي المجتمع المدني. تقع دائرة ان أمناس شمال ولاية إيليزي، وتضم ثلاث بلديات وهي كل من ان أمناس والدبداب وبرج عمر إدريس، وتعتبر هذه البلديات الأغنى من حيث الميزانية بالولاية، وذلك لانتشار الشركات البترولية على ترابها، وما تعود عليها من جباية بترولية، لكن هذه الميزانيات المرتفعة لم تعد بالإيجاب على تلك البلديات، بل انعكست سلبا على واقع التنمية فيها، وذلك لعدة أسباب أهمها نقص مؤسسات الانجاز المؤهلة وسوء التسيير الذي نتج عنه ديون كبيرة وصلت إلى أروقة المحاكم.
تهيئة معبر الدبداب الحدودي بمعايير عصرية هذا الواقع اطلع عليه الوالي انطلاقا من بلدية الدبداب الحدودية مع ليبيا، بحيث كانت بداية الزيارة من المعبر الحدودي، أين اطلع على أشغال التهيئة والتي سخر لها غلاف مالي قدره 17 مليار سنتيم، وهناك تأسف الوالي لحالة المعبر الذي لا يليق بكونه بوابة الجزائر الشرقية، كما أن الماء لا يصله منذ أكثر من سنة، بحيث أمر بالشروع في تهيئة حقيقية وعصرية، انطلاقا من الدخول إلى أرض الوطن، وعدم ترك أي مساحات فارغة، وملئها بالمساحات الخضراء والأشجار أو الأرصفة لإعطاء طابع جمالي أكبر، كما أمر مدير الموارد المائية بحفر بئر آخر لحل مشكلة الماء، وبجانب المعبر الحدودي، كان للوالي زيارة إلى قاعدة الحياة الخاصة بشرطة الحدود ذات 65 سريرا، والتي وصلت فيها الأشغال إلى نسبة 25 بالمائة. كما تفقد أشغال دار الضيافة، التي اعتبرها الوالي إقامة للدولة، والتي من الممكن أن تحتضن مؤتمرات دولية مشتركة، كما توعد المقاولين المتأخرين، مؤكدا بأنه قد مضى زمن الإعفاء من عقوبات التأخير، وأثناء معاينته مختلف المشاريع، تمكن مواطنون من نيل موافقة الوالي لزيارة السكنات الاجتماعية الكارثية الموزعة مؤخرا، والتي يرفض المستفيدون من السكن فيها نظرا لاهترائها، والذي تطرقت إليه "الشروق" في أعداد سابقة، أين تفاجأ الوالي بمدى فظاعة هذه السكنات، متوعدا بمحاسبة المسؤول عن هذه الحالة التي وصلت إليها، بحيث أمر ممثل "أوبيجي" برفع بطاقة تقنية حول هذه الوضعية إلى وزارة السكن من أجل منح غلاف مالي لإضافة غلاف مالي آخر، كونها من برنامج سنة 2006، وفي حالة عدم إيجاد حل فقد اقترح الوالي تحويل المستفيدين إلى سكنات أخرى لائقة ستنجز قريبا، وحذر من تقديم برنامج سكني غير كامل مستقبلا، من أجل تفادي هذه الأخطاء. أما في النقطة الثانية التي توجه لها فقد كانت المجمع الريفي 50 مسكنا، والذي يعاني من انعدام الربط بشبكات الكهرباء والماء والصرف الصحي وحتى شق الطريق، وهناك أبدى الوالي غضبه الشديد من المسؤول عن اختيار الأرضية، التي تقع داخل الصخور، أين أمر مصالح البلدية بالتكفل بأشغال التهيئة.
270 مليار لتحسين وجه بلدية الدبداب أثناء لقائه بالمواطنين، أكد الوالي بأنه لابد من استغلال هذا المبلغ المالي الكبير، من أجل توظيفه في مختلف المشاريع وعكسها على الوجه الحقيقي، لتكون بلدية الدبداب مثل بلديات الخليج، بحيث وعد المواطنين بمنحهم الحقيقة في مختلف الانشغالات، وقد كان مشكل التزوّد بالماء أهم انشغال مطروح، خاصة بحي 105، أين اقترح الوالي سياسة توزيع الماء، كون الجزائرية للمياه أعلنت أنها غير قادرة على التوفيق بين الفلاحة والسكان، وذلك إلى غاية انجاز بئر وخزان مائي قريبا، كما وعد الوالي بأن هناك لقاءات أخرى مع المواطنين، مؤكدا بأنه حاليا في مرحلة جمع المعلومات فقط.
أوهانت.. قرية تنام على البترول وتغرق في المشاكل الوالي لدى زيارته لقرية أوهانت التابعة لبلدية ان أمناس، أكد للمواطنين بأنه لم يتوقع حجم هذه القرية، واصفا مجموعة المشاريع المخصصة للقرية، بأنها تكون عادة من نصيب بلديات كاملة في بعض الولاياتالشمالية، لكنها للأسف لم تنطلق بعد لعدة أسباب، مؤكدا على ضرورة الإسراع في إطلاق هذه المشاريع، والتي من شأنها رفع الغبن عن السكان، أما فيما يخص مشكلة الصحة، فقد وعد بالتكفل بإسكان الطاقم الطبي والإداري للعيادة متعددة الخدمات، متوعدا بإجراء زيارات فجائية للعيادة لمراقبة انضباط الطاقم، أما 180 سكن اجتماعي المهترئة فقد تم اقتراح أن يسكن المستفيدون على أن يتم إعفاؤهم من تسديد الكراء لمدة سنتين. وعن مشكلة الماء التي تتخبط فيها القرية، فقد أكد الوالي للمواطنين بأنه لن يسمح باستمرار هذه الوضعية، وذلك بانجاز بئر ماء صالح للشرب، بالإضافة إلى خزان مائي بسعة 500 م3، مؤكدا على ضرورة القضاء على مشكلة الماء بالدرجة الأولى، أما مياه الصرف الصحي، فقد تأسف الوالي لحال وضعية المضخة التي تصب في بركة مجاورة للقرية، مما أصبح ينذر بكارثة بيئية، بحيث اتخذ قرارا مع مدير الموارد المائية، بإعادة الاعتبار للمضخة وتعيين حارس يومي لها.
إن أمناس .. البلدية الغنية تنتظر دفعا لمشاريع التنمية المواطنون بمدينة ان أمناس تجمعوا بكثرة لدى قدوم الوالي إلى البلدية، وتبعوه أينما ذهب من أجل طرح جملة المشاكل التي يعانون منها، بل غيّروا برنامج الزيارة في عدة مرات، إلى كل من حي 16 مسكنا العتيق وحي الطوب، أين وعد بالتكفل بالانشغالات التي طرحوها والعمل على تحقيقها، ففي حي الطوب وعد الوالي سكان الحي بإيفاد لجنة مختلطة تضم ملحقا بديوان الوالي ومختصين من قطاعات مختلفة، من أجل الوقوف على جملة النقائص ووضعها على مكتبه للفصل فيها، أما عن الاتهامات التي أطلقها عضو بالمجلس البلدي، والتي اتهم فيها بمنح بطاقات الإقامة من أجل الفوز بالشعبية، والاتهامات بتبديد المال العام عبر ميزانية التسيير، فقد أكد الوالي بأنه لا يدخل في أية صراعات سياسية بين المنتخبين، مؤكدا بأن دوره يقتصر على تفعيل التنمية، والتكفل بانشغالات المواطنين، كما طلب من السكان والحركة الجمعوية التي أثنى عليها كثيرا، التبليغ عن أية عمليات تحت الطاولة، أو أية حالة غش في المشاريع، وذلك من أجل التدخل فورا، فيما اعترف رئيس بلدية ان أمناس بوجود تسيّب في استغلال المال من قبل البعض، لكنه تم غلق هذا الباب نهائيا. وعلى العموم فإن المواطنين بكل النقاط التي زارها طيلة اليومين، استبشروا خيرا فيه لما اتخذه من قرارات آنية وبعين المكان، متفائلين بالدفع بعجلة التنمية بما أصبح يعرف بشمال الولاية، ومن المنتظر أن يقوم بزيارة بلدية برج عمر إدريس في الأيام القليلة القادمة.