فصل رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، في الجدل الذي أثير مؤخرا حول مستقبل علاقات الجزائر بالجمهورية الصحراوية، حين استقبل رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية الشعبية والأمين العام لجبهة البوليساريو، محمد عبد العزيز، وجدد له دعم الجزائر "اللامشروط" لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وأنهى استقبال بوتفليقة للرئيس الصحراوي، محمد عبد العزيز، بمقر رئاسة الجمهورية، بحضور وزير الدولة مدير الديوان لرئاسة الجمهورية، أحمد أويحيى، وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، رمطان لعمامرة، نائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد قايد صالح، وكذا وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية، عبد القادر مساهل، أنهى حالة الارتباك التي تسبب فيها الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، بتصريحاته بخصوص الصحراء الغربية والتي اعتبرتها وسائل إعلام نظام المخزن أن هذه التصريحات تعد مؤشرا على مراجعة جزائرية لموقفها تجاه الملف. وكان سعداني رفض التصريح حول قضية الصحراء الغربية، في لقاء تلفزيوني يوم 10 نوفمبر الجاري، قائلا "قضية الصحراء الغربية عندي فيها ما أقول، ولابد أن نصارح فيها الشعب الجزائري، وبالتالي سيأتي يوم وأتكلم فيها"، مضيفا "لو تحدث عن القضية الصحراوية سيخرج الناس إلى الشارع". وهي التصريحات التي طرحت عدة علامات استفهام أجابت عنها زيارة الرئيس الصحراوي للجزائر، خاصة وأن خرجة سعداني جاءت متزامنة مع رد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، رمطان لعمامرة ردا على تصريحات العاهل المغربي محمد السادس من أن التصريحات غير اللائقة والمتكررة "لن تدفع الجزائر إلى تغير موقفها من قضية الصحراء الغربية باعتبارها قضية تصفية الاستعمار". وقال محمد عبد العزيز زعيم جبهة البوليساريو في تصريح للتلفزيون الجزائري إن بوتفليقة "حملنا في هذا اللقاء أن أبلغهم (الصحراويون) تحياته وتقديره وكذلك التأكيد على الموقف الثابت الدائم والداعم بدون شروط للقضية الصحراوية العادلة انسجاما مع قرارات الأممالمتحدة ومقتضيات القانون الدولي بضرورة وحتمية استعادة الشعب الصحراوي لحقوقه الوطنية المشروعة ولحريته وتقرير مصيره والاستقلال من خلال استفتاء حر وديمقراطي". وأكد أن الرئيس بوتفليقة جدد له "عزم الجزائر على المضي قدما في توطيد علاقاتها مع الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية كبلد شقيق وجار". من جهة أخرى، أبرز الرئيس عبد العزيز أن اللقاء كان "فرصة لتبليغ الرئيس بوتفليقة بالتطورات التي تمر بها القضية الصحراوية، كما كان مناسبة لاستعراض العلاقات الثنائية القوية والجيدة والمتجذرة بين الجمهورية الصحراوية والجزائر وآفاق تطويرها". كما تم أيضا خلال هذا اللقاء "تبادل الآراء حول الوضع في المنطقة التي ينتمي إليها البلدان والقارة الإفريقية على وجه الخصوص". وفي هذا الجانب، قال الرئيس الصحراوي: "استفدت كثيرا من التحاليل والآراء النيرة للرئيس بوتفليقة"، مشيرا إلى أن محادثاته مع الرئيس بوتفليقة كانت "ناجحة جدا". وخلص الرئيس الصحراوي إلى القول أنه "حظي بلقاء الرئيس بوتفليقة في وقت حساس جدا"، مضيفا "أقدر عظيم التقدير اهتمام الرئيس بوتفليقة بالقضية الصحراوية وبالعلاقات الثنائية". واضطرت قيادات جزائرية وبينهم وزراء للخروج بتصريحات تؤكد عدم تغيير الجزائر موقفها المساند لتقرير المصير في الإقليم، محل النزاع القائم بين المغرب وجبهة البوليساريو. وسرعان ما أصدرت اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي بيانا استنكرت فيه تصريحات الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، عمار سعيداني، مؤكدة أنها تلقت "بكثير من الاستغراب التصريحات التي أدلى بها عمار سعدانى، هذه التصريحات التي أتت في شكل من الضبابية والغرابة وبدون الإفصاح عن ما هو مقصود قصد تفكيك محتواها"، يقول البيان. وأضافت اللجنة أن هذه التصريحات "تجعل سعدانى فى خط معاد لأرضية عقيدة جبهة التحرير الوطني التي ساندت ورافقت سبعة عشرة حركة تحرير إفريقية وغير إفريقية من أجل الاستقلال، مضيفة أن هذه التصريحات لا تكفل العدالة للشعب الصحراوي الذي يكافح من أجل استقلاله وكرامته التي يعترف له بها المجتمع الدولي في إطار تقرير المصير وفرض اختياراته. واعتبرت اللجنة أن "هذه التصريحات لا تشرف صاحبها في شيء ومسؤولية جبهة التحرير الوطني لا تسمح على الإطلاق بمثل هذه المواقف التي لا تلزم إلا صاحبها وتبقى فردية في تناقض تام مع خيارات مناضلي جبهة التحرير الوطني ودعمها اللا مشروط لنضال الشعب الصحراوي وذلك ما تعبر عنه في كل مؤتمراتها ولجانها المركزية". واستنكر النائب البرلماني الصحراوي التاقي مولاي ابراهيم، حينها، تصريحات سعيداني، مؤكدا أن "الأمين العام للأفلان تجاوز الخطوط الحمراء حين قال إن الشعب الجزائري سيخرج للشارع حين يعرف الحقيقة؛ وكأن موقف الجزائر محل شك وجدل في داخل جبهة التحرير الوطني التي تعتبر أكبر قوة سياسية داعمة للشعب الصحراوي وقضيته العادلة". ويأتي استقبال رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، للرئيس الصحراوي، محمد عبد العزيز، في الوقت الذي ينتظر فيه وصول مبعوث الأممالمتحدة للصحراء الغربية كريستوفر روس إلى المغرب العربي في مسعى لاستئناف المفاوضات بين المغرب والبوليساريو.