في الأيام الأخيرة انتقل الخطاب الإيراني من مجرد الحديث عن إسرائيل ككيان قام على أساس باطل، لابد ان يزول، وذلك، كما جاء على لسان الرئيس أحمدي نجاد، إلى خطاب عسكري يتكلم عن تدمير اسرائيل وإزالتها، وذلك كما جاء على لسان قائد الحرس الثوري ومستشار قائد الثورة الإيرانية للشؤون العسكرية.. الأمر نفسه يمكن ملاحظته على خطاب نصر الله مسؤول (حزب الله) اللبناني الذي كان يتهدد إسرائيل بأن الحرب القادمة ستغير معالم المنطقة وأصبح الآن يتحدث عن خروج إسرائيل من الوجود.. إذن نحن أمام كلام من عيار ثقيل، والأكيد ان نصر الله أو قادة إيران لا يلقون كلامهم جزافا، والأكيد أيضا، أنهم يعرفون ان مثل هذا الكلام يستدعي ثمنا باهظا سترغم عليه إيران وحزب الله في ظل الشرعية الدولية الأمريكية.يجيئ هذا الكلام الإيراني فيما المفاوضات الإسرائيلية مع أطراف الممانعة العربية تتحرك بنشاط، إما بشكل مباشر او غير مباشر، على مسارات التفاوض الرسمي.. وأصبح الفلسطينيون جميعا في سياق واحد من الاقتناع بإمكانية هدنة طويلة الأمد على الأقل، وها هي حماس والجهاد الإسلامي، وهما رأسا حربة المقاومة الفلسطينية اليوم، تتعهدان بقبول هدنة متبادلة مع إسرائيل وإيقاف إطلاق الصواريخ على المستوطنات الصهيونية من القطاع مقابل فتح المعابر والتوقف عن سياسة الاغتيالات.ماذا تريد إيران من هذا الخطاب المتميز..؟ ومن سيقف مع إيران في هذا المسعى المتفرد؟ الفلسطينيون جميعا قد أسقط في أيديهم، فبعضهم يجري خلف الوعود الأمريكية وبعضهم الأخر حار في كيفية مواجهة التعقيدات، فمرة يضع رجله في السلطة ومرة يضع الأخرى على طريق المقاومة، وهو في الحالتين خسر السلطة وأضعف المقاومة.وليس من بلد عربي يقف مساندا للموقف الإيراني تجاه إسرائيل، فدول الطوق، بعضها قد وقعت اتفاقيات صلح الأبد مع إسرائيل معترفة بشرعية وجودها، والبعض الآخر يسعى لتوقيع اتفاقية صلح وهو يقدم من اجل ذلك، ما يؤكد حرصه على تنشيط مسار السلام.ان ايران تدرك ان الملف الاستراتيجي الأساس لدى صانع القرار الأمريكي في المنطقة هو الملف الإسرائيلي، وانه من غير المسموح الاقتراب منه بأي شكل من الأشكال، وتدرك إيران ان هجوم أمريكا على العراق وتدميره بهذا الشكل الفظيع لم يكن إلا لأن صدام حسين ألقى عدة صواريخ على إسرائيل وأعلن عن نيته لتدمير نصف إسرائيل.. إذن هل يغامر الإيرانيون بتصريحات من هذا العيار الثقيل بدون حسابات وهم لايزالون عالقين في موضوع ملفهم النووي.إن إيران تدرك حجم الاضطراب الأمريكي وتدرك كذلك أي مستنقع فيه قوات أمريكا، وهي تلوح بهذا التهديد على الأقل لتحسين شروط ضغطها في موضوع ملفها الأمني.. والأمر ليس سهلا أن يقتنع المرء بإمكانيات إيران على حرب طويلة.