إذا صدقنا التّصريحات التي أطلقتها وزيرة التربية الوطنية، نورية بن غبريط، الأحد، التي قالت فيها إن الخبراء الفرنسيين لا يتدخلون في محتوى برامج الجيل الثاني من الإصلاحات، وإن اللجنة الوطنية للبرامج والمناهج هي التي تتولى العملية وأعضاؤها كلهم جزائريون، فإننا أمام تساؤل كبير: لمَ تمّ استقدام هؤلاء الخبراء، وهل تمّت الاستعانة بهم لأجل إبداء الرأي في لون مآزر التلاميذ أم في هندام إطارات التربية!! على الوزيرة أن توضّح المهمة التي يقوم بها هؤلاء الخبراء الذين لم تنف الاستعانة بهم، لأنه لا يمكن التسليم بذلك المبرر الذي قالته، الذي أشارت فيه إلى أن وجودهم يأتي في إطار التّعاون القائم منذ سنوات ويخص بعض الطرق المنهجية في عملية الإصلاح وتحسين الأداء المهني في بعض التخصّصات. ومع ملاحظة التّناقض في تصريحات الوزيرة حول الهدف من وجود هؤلاء الخبراء، فإن الخبر اليقين يأتي على ألسنة الإطارات التي كانت تعمل بوزارة التربية الوطنية، الذين تم الاستغناء عنهم بسبب عدم انسجامهم مع توجّهات الوزيرة، وعلى رأس هؤلاء الأستاذ حمزة بلحاج صالح، المدير الفرعي السابق المكلف بالتعاون والعلاقات الدولية بوزارة التربية الوطنية، الذي تم استبعاده بطريقة مهينة، وهو الذي كشف عن قائمة الخبراء الفرنسيين الذين قال إنهم أشرفوا على تكوين إطارات التربية بمن فيهم مديرو التربية في الولايات. ما السبب الذي يجعل وزيرة التربية الوطنية تستغني عن الإطارات الجزائرية المشبعة بالقيم الوطنية والاستعانة بالخبراء الفرنسيين؟ وهل يُعقل أن يتلقى الخبراء الجزائريون تكوينا على يد الخبراء الفرنسيين؟ وهل خلت الأرض من الخبراء ولم تجد الوزيرة بن غبريط غير الفرنسيين؟ وإلى متى تظل الجزائر مرتبطة لغويا وثقافيا بهذا البلد شبه المنغلق على العالم بسبب عامل اللغة التي لا تُستخدم إطلاقا في المحافل الدولية ومؤسسات العلم والابتكار؟ إن وجود الخبراء الفرنسيين ليس المشكل الوحيد في وزارة التربية، بل إننا أمام عمل مخطط تظهر بعض ملامحه من الحين إلى الآخر، بدأ بمقترح تدريس العامية العام الماضي، ثم بتكثيف الحجم الساعي للغة الفرنسية ليكون مساويا للعربية وعلى حساب اللغة الحية المتمثلة في الإنجليزية، ثم بالتوجه نحو إلغاء تشكيل الحروف في الكتاب المدرسي. وستظهر المزيد من الملامح خلال الأيام المقبلة إذا لم يتم التصدي لهذا المخطط الذي ينفذ بعيدا عن أطراف الأسرة التربوية.