أموال الشباب تنهب.. تعرضت المديرية الجهوية للتأمين عن البطالة بسيدي بلعباس، المتضمنة لخمس وكالات ولائية -حسب تقرير رفع للمديرية العامة للصندوق الوطني للتأمين عن البطالة بالعاصمة- لاختلاسات مالية قاربت مليار سنتيم، من الأموال العمومية الموجهة للبطالين. * فضائح تزوير بالمديرية الجهوية لصندوق التأمين على البطالة * * وحسب التقرير الذي أنجزته فرقة تفتيش ضمت ثلاثة مراقبين، فإن الاختلاسات تمت عن طريق عمليات "تزوير" استنزفت المخصصات المالية بالمديرية الجهوية، وقد تسببت تلك "الاختلاسات" في حرمان 2085 بطال من ولاية عين تموشنت من عمليات التكوين للإدماج في حياتهم العملية. * توصلت هيئة التفتيش، العاملة على ملف فحص مصاريف التكوين والتموين، والتي أوفدتها المديرية العامة للصندوق الوطني للتأمين عن البطالة التي مقرها بالعاصمة، إلى المديرية الجهوية لسيدي بلعباس للصندوق، إلى تسجيل عدة "اختلاسات"، تمت عن طريق "التزوير" في العديد من الوثائق، وعلى حساب تكوين 2085 بطال مسجل رسميا بولاية عين تموشنت، إلى جانب تضارب في الأرقام المسجلة في الاتفاقيات المبرمة بين ممثل صندوق التأمين عن البطالة ومراكز التكوين المهني بالجهة الغربية من الوطن، خلال تكوين عدد معتبر من البطالين. * وقد راسل رئيس مهمة التفتيش وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، الطيب لوح، منذ فترة، يؤكد له فيها وقوفه على عدة تجاوزات وخروقات قانونية ومالية بالغة الخطورة، حيث أفاد في رسالته التي نمتلك نسخة منها "تزوير اتفاقيات، تضخيم كميات مواد البناء الموجهة للبطالين المتربصين وتحويلها عن مسارها الأصلي.."، وأبدى المعني استعداده للإدلاء بكل الحقائق الخاصة بالفضائح المسجلة، سواء للوزير أو السلطات المحلية لولايتي عين تموشنت وسيدي بلعباس، وكانت مهمة التفتيش ما بين فترة مارس وأفريل 2007. * * حرمان 2085 بطال من التكوين قد يكون سببا في "الحرڤة" * وأكد رئيس فرقة التفتيش، الذي قال ل "الشروق اليومي" إنه عمل على الملف منذ 5 سنوات، في التقرير الذي رفعه للمدير العام، وتلقينا نسخة منه، أن المدرية الجهوية سجلت خسائر مالية كبيرة وصلت قرابة مليار سنتيم -9657230 دج- وهو ما ترتب عنه، بحسبه، حرمان البطالين من التكوين، خصوصا بولاية عين تموشنت التي لم يخصص لها أي تكوين، بعدما قررت مديرية التكوين المهني للولاية التكفل بمصاريف التموين، وهو ما رفضته المديرية الجهوية حسب وثيقة رسمية مؤرخة في 25 مارس 2007، تؤكد استغراب رئيس وكالة التأمين عن البطالة لعين تموشنت، ويوضح "ق. عمر" أن "مفاجأتي كانت كبيرة بعد تحفظات المديرية الجهوية". * وحسب الأرقام الواردة عن المحرومين من التكوين للادماج مجددا في عالم الشغل بولاية عين تموشنت، فإنه لا يستبعد وجود عدد معتبر من أصل 2085 بطال ممن خاضوا مغامرة "الحرڤة"، حيث تسجل ذات الولاية أكبر رقم من حيث "الحراڤة". * * شخص واحد هو الآمر بالصرف، وهو المؤشر، وهو القابض * واعترف "ج. ز" بتلقيه لعراقيل من قبل المدير الجهوي خلال تأديته لمهامه التفتيشية، وأشار إلى انعدام أبرز الوثائق الخاصة بالاستدلال عن مصاريف التكوين والتموين، ويوضح "مما صعب في مهمة التفتيش لمختلف نشاط الوكالات الخمس التابعة للمديرية الجهوية، وما يتخالف مع عمليات التسيير من جانب مصاريف التكوين، وكذا مصاريف التموين"، حيث قال إن الوثائق الأصلية منعدمة، وأفاد أن المبلغ الموجه للمديرية الجهوية لسيدي بلعباس يضاهي 10 أضعاف عن باقي المديريات الجهوية، موضحا أن كميات معتبرة لم يتم التأشير عليها، مستغربا وجود شخص واحد يقوم بعملية الفوترة، ثم الأمر بالصرف، واستقبال السلع في مكان يبعد عن مقر تواجده، وذلك كله من خلال توقيع واحد باسم نفس المسؤول، نمتلك النسخ الثبوتية عن ذات العملية. * والتساؤل المطروح من قبل هيئة التفتيش المكونة من ثلاثة أعضاء هو كيف تمكن المتصرف المالي لدى الخزينة من تمرير الملف؟ حيث أن الاتفاقية المبرمة بين ممثل صندوق التأمين عن البطالة ومركز التكوين المهني في بندها التاسع تبدأ سارية المفعول منذ تاريخ التوقيع، المحدد في مارس 1999، في حين أن مدير التشغيل والتكوين المهني الموضح توقيعه بالاتفاقية، نصب في أكتوبر 1999، وكان المدير المعني بالتوقيع قد رفض وضع توقيعه بالاتفاقية، حسبما تشير إليه الوثيقة التي بحوزتنا، ومن التجاوزات الأخرى برمجة فترات تكوين في اختصاصات مهمة كالنجارة الفنية لمدة شهر واحد فقط. * * ضغوطات على رئيس فرقة التفتيش انتهت بإحالته على التقاعد * وما أثار حفيظة المفتش هو عدم فتح المدير العام تحقيقا في الملف لحد الساعة، وكذا رئيس مجلس الإدارة، وأضاف أن المدير العام رفض طلبه الرامي إلى مقابلة الوزير، وتحدث المفتش الرئيسي عن ضغوطات تجاهه، كانت بدايته في نفس اليوم الذي راسل المدير العام لمقابلة الوزير، حيث نزعت منه سيارة الخدمة، قبل أن يحال على التقاعد، حيث يقول المعني "تمت إحالتي على التقاعد في عز العطاء (53 سنة)". * ويشار الى أن عملية التفتيش تأسست بناء على رسالة مجهولة المصدر موجهة للمدير العام السابق، سنة 2005، تشير إلى تغير وجهات مواد بناء اشترتها المديرية الجهوية نحو جهات أخرى، خارج فائدة الشباب الخاضع للتكوين بمراكز التكوين. * وللإشارة فإن مهمة الصندوق المسمى اختصارا "كناك" تنحصر في الاهتمام بالعمال المحالين على التقاعد، حيث يسجلون بقوائم الصندوق رسميا، ويتكفل بهم على فترة ثلاث سنوات تقدم لهم منحة ويتم تكوينهم، وأضيفت فيما بعد للصندوق مهمة ثانية، تتمثل في منح قروض بين 100 إلى 500 مليون سنتيم لمن تتراوح أعمارهم ما بين 35 و50 سنة، وحاليا رفعت فترة السن إلى ما بين 35 و55 سنة وقيمة القرض من 100 مليون سنتيم إلى مليار سنتيم. * * طالبه باللجوء إلى العدالة..المدير العام لصندوق التأمين عن البطالة يطعن في خبرة المفتش المكلف رسميا * طعن المدير العام للصندوق الوطني للتأمين عن البطالة في التقرير الذي رفعه رئيس فرقة التفتيش، واعتبر أن هذا الأخير لا يمتلك أهلية التفتيش، رغم أن المعني سلمنا أوامر بمهمة تثبت تكليفه بالانتقال في مهام إدارية لكل من سيدي بلعباس وتلمسان، وقد وضعت صفته كرئيس مصلحة للأمن الوقائي. * وقال السيد طالب، المدير العام، في تصريح ل "الشروق اليومي"، إنه يمتلك خبرة مضادة للتقرير المرفوع إليه، وحمل صاحب التقرير مسؤولية "إهانة القطاع"، واعتبر أن المعلومات التي أوردها في التقرير "مغلوطة"، مضيفا أن "الملف فارغ"، بحسبه، من الاستدلالات المالية. * ورفض المدير العام تضخيم القضية، داعيا المفتش للتوجه إلى العدالة، لكشف ما لديه، موضحا أنه "في تلك الساعة سنقدم الملف الذي بحوزتنا وما أثبتته التحقيقات"، مؤكدا أن الملف بحوزة المفتشية العامة لوزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي. * * مصالح الأمن تجري تحرياتها على مستوى وكالة النعامة * أكدت مصادر أمنية على اطلاع بملف فضيحة تسيير الوكالة الجهوية لسيدي بلعباس للصندوق الوطني للتأمين على البطالة، أن عملية تحقيق أمني وقضائي شامل شرع فيه، منذ أيام، للتحري في عملية تسيير الوكالة الولائية لولاية النعامة، هذه الأخيرة، التي تعتبر واحدة من الوكالات المتورطة -حسب تقرير خبرة التفتيش- في سوء التسيير. * وكان تحرك مصالح الأمن جاء بناء على رسالة وقعها الموظفون ضد مدير الوكالة، وبعدما راسلت المديرية الجهوية وكالة النعامة، للاستفسار عن الوضع، حسبما قالت مصادر موثوقة وعلى اطلاع بالموضوع، والتي لا تستبعد اللجوء لسماع أقوال المدير في الموضوع، بخصوص بعض الوثائق التي قال عنها التقرير بأنها أشرت بأختام "مزورة".