أدانت الحكومة العراقية، أمس الثلاثاء، التدخل العسكري التركي في شمال البلاد، واعتبرته "انتهاكا للسيادة" العراقية. وطالبت الحكومة العراقية في بيان صدر بعد جلسة خصصت للوضع على الحدود العراقية التركية نتيجة اجتياز قوات تركية للحدود المشتركة ب"انسحاب فوري للقوات التركية والكف عن التدخلات العسكرية". كما طالب البيان بعدم استهداف البنى التحتية والمدنيين. وجاءت هذه الإدانة في نفس اليوم الذي أكد فيه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده تستخدم "حقها المشروع في الدفاع عن النفس" ضد المقاتلين الأكراد.وقال أردوغان في كلمة أمام المجموعة البرلمانية لحزبه نقلتها شبكات التلفزيون أن "تركيا تخوض معركة عادلة ضد منظمة إرهابية تهدد السلام والاستقرار الإقليميين .. لتركيا الحق في الدفاع عن نفسها والقضاء على الذين يريدون المساس بسلام ووحدة وتضامن مواطنيها". وأشار أردوغان إلى ان وجود حزب العمال الكردستاني يشكل أيضا تهديدا لبغداد، وأعطى ضمانات جديدة بعدم وجود أي أهداف للعملية العسكرية غير محاربة هؤلاء المقاتلين. ودعت عدة دول أنقرة إلى الاعتدال والإسراع في وضع حد للعملية التي تشنها منذ مساء الخميس في شمال العراق ضد مقاتلي الحزب الكردستاني الذين يستخدمون هذه المنطقة قاعدة خلفية لهجماتهم في تركيا. وأوضحت تركيا أنها ستسحب قواتها بعد انتهاء مهمتهم لكنها لم تحدد مهلة. ويؤكد الجيش التركي مقتل 153 مقاتل و17 جنديا تركيا في هذه العملية حتى الآن. وتقدر أنقرة عدد المقاتلين المتحصنين في شمال العراق بنحو أربعة آلاف. كما تأتي هذه التطورات في العلاقات العراقية التركية في الوقت الذي شرع مبعوث الأمين العام للجامعة العربية، احمد بن حلي منذ يوم الاثنين في زيارة إلى العراق للبحث في المصالحة الوطنية المفقودة في هذا البلد المحتل. ويتباحث بن حلي خلال هذه الزيارة التي تستمر ثلاثة أيام مع مختلف القوى السياسية العراقية. وأوضح بن حلي في تصريحات صحفية أن الهدف الأول من زيارته يدور حول الاستعدادات لعقد مؤتمر المصالحة الوطنية وتعزيز علاقات العراق بمحيطه العربي. أما الهدف الثاني فينحصر في إطار مساعي الجامعة العربية وجهودها لتفعيل المصالحة العراقية ودعم الجهود التي بذلتها الحكومة في هذا الاتجاه، مضيفا ان الهدف الثالث هو "استقراء التطورات في العراق لتضمينها في تقرير الأمين العام للجامعة العربية الذي سيعرضه في القمة العربية". كما أكد أنه سيستمع إلى جميع المسؤولين في العراق داخل الحكومة وخارجها وداخل العملية السياسية وحتى مَن هم خارج العملية السياسية إذا سمحت الظروف.يذكر أن سفير الجامعة العربية في بغداد مختار لماني انسحب من مهمته في هذا البلد نهاية فيفري 2007 مبررا ذلك "باستحالة إنجاز أي شيء جدي وايجابي" في "غياب تام لأي رؤية عربية" لمعالجة الوضع العراقي. وكانت القمة العربية المنعقدة في الرياض العام الماضي قد دعت إلى أن تكون الحكومة العراقية حكومة وحدة وطنية حقيقية واحترام إرادة الشعب العراقي بكل مكوناته في تقرير مستقبله السياسي. وتأتي تحركات الجامعة العربية في العراق في الوقت الذي يواصل الجيش التركي عملياته في شمال العراق ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني . وحول موقف الجامعة العربية من هذا التدخل التركي، قال بن حلي في نفس التصريحات ان الأمين العام للجامعة عمرو موسي أكد في بيان يوم الأحد الماضي "احترام سيادة العراق ووحدته وسلامة أراضيه". من جهة أخرى، أعلن الجنرال كارتر هام المسؤول الكبير في وزارة الدفاع الأمريكية أن حوالي 140 ألف جندي أمريكي سيبقون في العراق بعد مغادرة خمسة ألوية مقاتلة في شهر جوان المقبل. وأوضح الجنرال كارتر مدير العمليات في قيادة أركان الجيوش الأمريكية أن "تخفيضات أخرى ستحصل في عدد القوات"، مشيرا إلى انه "من المبكر الحديث عن التوقيت والوتيرة بخصوص هذه الانسحابات". وكان الجنرال كارتر قد صرح في وقت سابق من الشهر الحالي أن "قوات الدعم والتدريب التي أرسلت مع التعزيزات ستبقى في العراق بسبب الحاجة إلى دعم مهام القوى الأمنية العراقية بعد رحيل الألوية المقاتلة الإضافية". وبلغ عدد الجنود الأمريكيين في العراق 132 ألف عندما اتخذ الرئيس الأمريكي جورج بوش في شهر جانفي 2007، قرارا بإرسال خمسة ألوية مقاتلة إضافية لتسهيل فرض الأمن في العاصمة العراقية. وقد تم نشر ثمانية آلاف عنصر من قوات الدعم والتدريب في العراق في إطار سياسة التعزيزات، بينهم جنود يعملون في الإطار اللوجستي وآخرون من الشرطة العسكرية والاستخبارات والتدريب. وينتشر حاليا في العراق نحو 158 ألف جندي، في حين أن العدد الأقصى الذي وصلت إليه القوات الأمريكية في العراق هو 170 ألف جندي.