الراحل محفوظ نحناح فتحت، الأربعاء، محكمة الجنايات لدى مجلس قضاء وهران، ملف أكبر قضيّة مخدّرات هذا العام والمتعلّقة بحجز كميّة تقارب 2.2 طنّ من الكيف المعالج تخصّ شبكة وطنية ودولية خطيرة، حيث أدلى المتّهمون ال 11 الموقوفون بتصريحات مثيرة حول عمليات سابقة هرّبت فيها القناطير من الكيف داخل شاحنات معبّأة بالبصل والفول وحفّاظات الأطفال عبر محور مغنية وهران، نحو ولايات الشرق ومن ثمّ إلى ليبيا وألمانيا، وهي الشبكة التي ينشط فيها المعروف باسم "قادة الإمبراطور" وصاحب مصنع للرخام والمصبّرات بالبليدة وآخر يملك مزرعتين وحافلتين لنقل المسافرين بوهران. * محاكمة متميّزة شهدتها قاعة الجنايات بحضور مكثّف لأهالي المتّهمين والمحامين والشهود، ونظرا لتعقيدات القضيّة الشائكة، استغرق الاستماع لخمسة متّهمين فقط من بين 11 طيلة الفترة الصباحية، أوقفت بعدها رئيسة الجلسة، المحاكمة إلى غاية الزوال. * نقل 20 قنطارا من المخدرات في شاحنات البصل والفول وحفاظات الأطفال * وحسب ما ورد في قرار الإحالة المطوّل الذي تلاه كاتب الضبط في أكثر من ساعة من الزمن، فإنّ المتّهمين متابعون بتهم تكوين جماعة أشرار، محاولة تصدير المخدّرات والمتاجرة فيها، والتزوير واستعمال المزوّر وانتحال صفة الغير وحيازة مواد ومعدّات خاصّة بالتزوير وحيازة سلاح ناري وذخيرته وحيازة سلاح أبيض وعدم الإبلاغ عن جناية، مع الإشارة إلى أنّ العدد الإجمالي للمتورّطين في هذه القضيّة 14 شخصا من ولايات مختلفة لا يزال ثلاثة منهم في حالة فرار ولم يتّم تحديد هويّة شخصين آخرين، وتعود وقائع القضيّة إلى تاريخ 27 جوان من سنة 2007، حيث قامت فرقة مكافحة المخدّرات بالأمن الولائي لوهران بترصد تحرّكات المدعو "ب.غ" وهو صاحب مزرعتين بحيّ فلوريس بمنطقة حسيان الطوال، على إثر معلومات تلّقتها حول نشاط شبكة خطيرة في مجال تهريب والاتّجار بالمخدّرات، وبالفعل لاحظت تحرّكات مشبوهة على مستوى منزل هذا المتّهم الكائن بدوار بلقايد، وبعد جملة من التحريّات والمراقبة تبيّن خروج شاحنة معبّأة بالبصل توجّهت نحو السانيا ومن خلفها سيّارة من نوع "رونو ميڤان" كان على متنها شخصان لتأمين الطريق، وقد قامت مصالح الأمن بتوقيف الشاحنة فيما لاذت السياّرة بالفرار، ليتّم العثور على كميّة 21 قنطارا و180 كلغ من الكيف المعالج مخبّأة بإحكام تحت البصل، وتمّ توقيف كلّ من "س.ع" و"ب.ف" اللذان صرّحا أنّ الشاحنة كانت موجّهة إلى مستودع تابع لمصنع للرخام بالبليدة يخصّ المدعو "ب.م" يستعمله كذلك في تخزين المواد الغذائية وتصنيع المصبّرات ومن ثمّ تهرّب المخدّرات إلى ولايات الشرق على رأسها بريكةبباتنة، ومن ثمّ إلى ليبيا وألمانيا، وبناء على ذلك فتح تحقيق بالقضيّة ليتّم القبض على باقي أفراد هذه الشبكة تباعا، وأضاف الموقوفان أنّ سيّارة "الميڤان" كانت تؤمّن لهم الطريق عن طريق الإتصالات بالهاتف، وكان من بين الموقوفين فيما بعد من تربطهم علاقات قرابة مثل شقيق صاحب المزرعتين "ب.غ" وصهره، وكذا شقيق أحد الموقوفين على متن شاحنة البصل "س.ع"، وينحدر عدد منهم من بريكة بولاية باتنة. كما تمّ حجز عدّة نماذج مزوّرة عن أختام الدولة بمنزل "ب.ع" ومعدّات خاصّة بالتزوير ومواد غريبة تتمثّل في سوائل وأخرى شبيهة بالقطن، إضافة إلى أوراق نقدية جاهزة للتزوير، مع الإشارة إلى أنّ عددا من المتّهمين ضبطت لديهم بطاقات هويّة مزوّرة منهم "قادة الإمبراطور" الذي صرّح لمصالح الأمن أنّه كان يستعملها بسبب صدور أمر بالقبض عليه، وكذا "ب.غ" الذي ضبطت بمزرعته بندقيتا صيد وذخيرة حيّة ومجموعة من الأسلحة البيضاء، ومن المحجوزات كذلك في هذه العملية مجموعة من السيّارات السياحية والنفعية والشاحنات، وحافلتان لنقل المسافرين ومبالغ مالية معتبرة. * ومن خلال سماع أقوالهم في التحقيق صرّح بعض المتّهمين أنّ كميّة نحو 2.2 طنّ من الكيف كانت العملية الخامسة من نوعها التي تمّ تنفيذها في فترات زمنية متقاربة، حيث تمّ قبلها بعشرين يوما تهريب 15 قنطارا نحو الشرق بشاحنة معبّأة بالفول، وقبلها تهريب قنطار و20 كلغ بسيّارة من نوع "جي 5" مشحونة بحفّاظات الأطفال، و70 كلغ بسيّارة من نوع 505، إضافة إلى عمليات أخرى في أكثر من 6 مرّات منها تهريب 100 كلغ بسيّارة رونو 25 عن طريق المغناوي دائما، وكان الأشخاص يتغيّرون ويستعملون ألقابا مثل المدعو "بوكيمون" وكذا السيّارات تتغيّر، وصرّح المتّهمون الذين تمّ سماعهم في الفترة الصباحية أنّ المخدّرات كانت تأتي من مغنية عن طريق "ر.ع" المدعو المغناوي وتشحن بمستودع "ب.غ" في دوار بلقايد، ومن ثمّ تتوجّه نحو البليدة، وأنّهم كانوا يتقاضون مبالغ تتراوح ما بين 10 إلى 100 مليون سنتيم في كلّ عملية حسب طبيعة دور كلّ منهم وأنّ وظيفتهم كانت تقتصر على نقل الكيف وتأمين الطريق فقط، ذاكرين أنّه تمّ استغلال ظروفهم المعيشية المتردّية وإغرائهم بالمال للعمل في هذه الشبكة التي يرأسها "ب.غ" و"ط.ق" المعروف باسم الإمبراطور، وورد في قرار الإحالة أنّه يلّقب بهذا الاسم كونه كان يمثّل دور الإمبراطور في المسرح في صغره، كما أنّهم أنكروا بعض التفاصيل في جلسة أمس، ولم يعترفوا إلاّ بالقضيّة التي ضبطوا فيها، وقد أورد المتّهم "س.ع" أنّه قدم برفقة "ب.ف" من بريكة نحو * معسكر واشتريا 90 قنطارا من البصل للتمويه، وفي العملية السابقة 60 قنطارا من الفول، كما صرّح آخرون أنّ المدعو "س.ط" هو من كان مسؤولا عن استلام المخدّرات ببجاية وباتنة وولايات أخرى ومن ثمّ تصديرها نحو أوروبا. * أحد الهاربين ترشح للتشريعيات عن ولاية من الشرق * الإمبراطور كان مختلا عقليا وصاحب مصنع البليدة كان على علاقة بنحناح * أنكر المتهم المدعو "ب. م" وهو رجل أعمال وصاحب مصنع للرخام تم تحويله لتصنيع المصبرات على مستوى البليدة ما نسب إليه من تهم تكوين جمعية أشرار ومحاولة تهريب المخدرات والانخراط في هذه الشبكة الخطيرة، مصرّحا أنّه لا تربطه أي علاقات مع المتّهمين وأنّه رجل معروف بأعماله الخيرية على مستوى الولاية وله علاقات حسنة مع المنتمين إلى حركة مجتمع السلم على رأسهم الراحل محفوظ نحناح في محاولة لدفع التهمة عن نفسه بالساتفادة من السمعة الحسنة للرجل، مضيفا أنّه قام بتأجير مصنعه للمتّهم المدعو "س. ط" المتواجد حاليا في حالة فرار والذي صرّح له أنّه مترشّح للتشريعيات بإحدى ولايات الشرق، مردفا أنّه أجّره مصنعه لاستخدامه كورشة لتخزين مواد البناء لبناء مسجد بالبليدة وأنّه تفاجأ للوقائع المنسوبة إليه كون أفراد الشبكة كانوا يستعملون مصنعه لشحن المخدّرات وتهريبها. * أمّا فيما يتعلّق بالمتّهم "ط. ق" الملّقب بالإمبراطور والذي تمّ توقيفه بتاريخ 5 أكتوبر 2007، بإيسطو، فقد صرّح أنّه موّال كان يربي الأغنام ويتعامل مع المذابح وأنه كان يعاني من اختلالات عقلية في الفترة السابقة جعلته يدخل مستشفى الأمراض العقلية بسيدي الشحمي، وأنّه لا علاقة له بجميع المتّهمين والتهم الموجّهة إليه، مضيفا أنّ المدعو الغالي و"ح. ر" جاران له بحي ابن سينا ولا تربطه بهما أي علاقة أخرى، كما ذكر أن لقب الإمبراطور أطلق عليه لما كان يقوم بهذا الدور في المسرح خلال طفولته وأنه تم تضخيمه واستعماله في غير محلّه، أما بالنسبة للمتهم "ر.ع" المدعو المغناوي الذي كان يجلب المخدرات من مغنية، والذي تم توقيفه بتاريخ 6 نوفمبر وعثر لديه على بطاقة هوية مزورة، وشريحة اتصال تخص إتصالات المغرب، نفى هو كذلك التهم المنسوبة إليه.