سارع بنك الجزائر خلال الأسابيع الأخيرة من السنة الماضية، إلى تخفيض قيمة العملة الوطنية الدينار أمام العملات الرئيسية في العالم، وفي مقدمتها الدولار الأمريكي الذي يعد عملة التصدير الرئيسية للجزائر، والعملة الأساسية التي تعد على أساسها الميزانية السنوية للجزائر والعملة الرئيسية لحساب الجباية البترولية التي هي المورد الرئيسي للميزانية بنسبة بلغت 58.4 بالمائة السنة الجارية، وستبلغ 80 بالمائة بعد تغطية العجز السنوي في الميزانية. * وارتفع سعر صرف الدولار من 64 دج للدولار الواحد قبل حوالي شهرين، إلى 73 دج لكل دولار نهاية ديسمبر الفارط، فيما سجل سعر صرف العملة الأوروبية الموحدة مستوى قياسيا جديدا، حيث عاود الارتفاع إلى 103 دج لكل أورو خلال نفس الفترة بعدما استقر عند 89 دج للأورو. * وقال البروفيسور عبد الرحمان مبتول،الجمعة، في تصريح ل "الشروق اليومي"، إن القرار لا علاقة له بالسياسة النقدية الحذرة المرفوقة بالعمل على إبقاء نسبة الصرف الفعلي الاسمي والحقيقي عموما مستقرة، ولا بالتسيير الحذر لاحتياطي الصرف، بل أن ذلك مرتبط بشكل مباشر بالعمل من أجل كبح فاتورة الواردات التي بلغت لأول مرة في تاريخ الجزائر مستويات قياسية ناهزت 40 مليار دولار، مضيفا أن إضعاف سعر صرف الدينار مقابل الدولار الأمريكي، سيسمح للحكومة الجزائرية خلال السنة الجارية بتوسيع الجباية البترولية والناتج الداخلي الخام، وبالتالي الحد من العجز في الميزانية خلال السنة الجارية، التي ستتأثر مباشرة بأسعار البترول في السوق البترولية، لكن ذلك لن يكون مجرد حلول وهمية اصطناعية لا تلبث أن تنكشف أمام ضعف النمو من جهة وتواضع صادرات البلاد خارج قطاع المحروقات التي لم تتجاوز 1.5 مليار دولار سنة 2008. * وكشف الخبير الاقتصادي مبتول، أن لجوء بنك الجزائر إلى خفض سعر صرف الدينار أمام العملات الرئيسية الدولية ومنها الدولار والأورو، يؤكد مدى ترابط السياسة النقدية، خاصة تحديد سعر الدينار بالمداخيل الريعية وليس بإنتاج الثروة، ولهذا تم الإسراع بتخفيض الدينار مقابل الدولار، رغم ضعف العملة الأمريكية، وهذا بمجرد تؤكد الحكومة من أن أسعار النفط ستبقى عند مستوياتها الحالية لفترة قد تدوم على المدى المتوسط. * من جهته، كشف البنك العالمي في تقريره الأخير أن الجزائر "توجد في وضعية جيدة لمواجهة أثار الأزمة المالية العالمية"، معززا بذلك التقرير الإيجابي الذي أعده صندوق النقد الدولي حول توجهات الاقتصاد الكلي والمالي للجزائر. * وقال البنك نهاية الأسبوع الفارط، في تقريره الجديد حول الأفاق الاقتصادية العالمية لسنة 2009 الذي يدرس فيه أثار الأزمة المالية على ارتفاع الناتج الداخلي الخام على المستوى العالمي أشار البنك العالمي، إلى أنه سجل نموا ملحوظا في الجزائر في سنة 2008، مقارنة بالسنة الماضية، قدر ب 4.9 بالمائة مقابل 3.1 بالمائة سنة 2007". * وأشار التقرير إلى أن الناتج الداخلي الخام الاسمي للجزائر سجل زيادة معتبرة مرتفعا من 101.8 مليار دولار سنة 2005 إلى 175.9 مليار دولار سنة 2008، ما تسبب في الناتج الداخلي للفرد من 3.98.1 دولار سنة 2.005 إلى 5097 دولار سنة 2008. * وتوقع التقرير أن تسجل الجزائر نموا هذه السنة في حدود 4.5 بالمائة، رغم الركود المتوقع أن يسجله الاقتصاد العالمي، مضيفا أن الجزائر مصنفة ضمن البلدان الدائنة النادرة الصافية على مستوى القارة الإفريقية خصوصا وفي البلدان النامية عموما، لكنه شدد على ضرورة الإسراع بتنويع الاقتصاد الذي مازال مرتبطا جدا بقطاع المحروقات.