اشتهر في ليبيا بقيادة فرقة كبيرة تضم موسيقيين كبارا موهوبين في كل أنواع العزف، شغل مدير المعهد الوطني للموسيقى الشرقية بطرابلس، وترأس لفترة منصب رئيس المجمع العربي للموسيقى، كانت له مساهمة في المحافظة على التراث الموسيقي بليبيا مما جعله مكسبا للموروث وتراث المنطقة. * أعترف ب "الفرڤاني" وأعتبره رمزا من رموز المالوف * * هو الفنان الكبير حسن عريبي الذي لحن لأشهر المطربين العرب في المشرق أمثال هدى سلطان، سعاد محمد، والمطربة التونسية علية. في لقاء جمعه مع "الشروق" أردنا أن ننقل خبرته في هذا المجال للقراء وكانت لنا معه هذه الدردشة. * * قلت بأن الأوروبيين استلهموا مورثوهم الغنائي من الموروث الموسيقي العربي. فما الذي جعل الأغنية الأوروبية تسيطر على العقول العربية؟ * * أغاني الأوروبيين لا تنسب إلى الإرث الأوروبي وإنما تنسب لأصحابها، ولا تزال أسمائهم ومؤلفاتهم محفوظة في التاريخ منذ أكثر من 50 سنة بينما بالنسبة للموروث الموسيقي العربي فإن نصوصه الأدبية مسجلة ومنسوبة للذاكرة العربية ولا نستطيع أن نقول هذا لفلان وأخرى لفلان، وأوربا لا تملك موروثا ففي عصر العباسيين كان الشرق ينعم بالحضارة والثقافة وكانت أوربا تعيش في الظلام وكان الشرق هو مصدر الثقافة والعلوم ومن الشرق انطلق الفنان، لهذا نجد المكتبات المعاصرة الأوروبية اليوم مراجع عديدة للكثير للعلماء القدامى، ونجد إفريقيا أيضا فيها موروث غنائي عظيم، وما جعل الأغنية الغربية تتغلغل في مجتمعاتنا وبصفة رهيبة هم الشباب الذين انطلقوا للدراسة في معاهد موسيقية ولا يزال العرب يبعثوا بطلابهم إلى هذه المعاهد، وإذا تأملنا في الأغنية الغربية جيدا نجد جملتها جملة شرقية وليست أوروبية وأنا متأكد بان الموسيقى العربية ستنهض يوما. * * ما الذي يجعلك متأكدا إلى هذا الحد وكيف سيحدث ذلك؟ * * الأجيال القادمة ستكون لها حصيلة كبيرة من الموروث الموسيقي الذي أصبح يجمع اليوم بذاكرة تقنية كوسيلة للتوثيق، فهناك إيقاعات وموشحات وأغاني قديمة تؤمن حاليا بأقراص سيحفظها التاريخ للأجيال القادمة. * * ما الذي جعل مخطوطات هذا الموروث تتأخر في الظهور؟ * * الأمر يتعلق بمشايخ المالوف الأوائل الذين لم تؤهلهم قدراتهم لكتابة هذه العلوم وتدوينها ولم يكن لهم دراية بدارسة إيقاعاتها لأن لهذا الفن مقامات وأبعاد علمية وقواعد في غياب وسائل التوثيق والتسجيل وكانوا ينقلونها فقط عن طريق الحفظ، وهم مشكورون ونحن نقدر مجهوداتهم الفعلية لنقل هذا الموروث. * * قلتم أن مشايخ المالوف نقلوا هذا الموروث بطريقة غير صحيحة ومحرفة، فكيف يمكننا تدريسه للجيل الصاعد بهذه الطريقة؟ * * هذه نقطة مهمة.. ففي ليبيا مثلا يوجد مالوف محرف لكنني قمت بتهذيبه، فمشايخ المالوف القدامى لم تكن لديهم القدرة على تهذيب وتعديل الموروث خاصة إذا تعلق الأمر بمسألة الإعراب والذي يعد قاعدة مهمة في النصوص الأدبية ومن لم تكن له قدرات في هذا المجال يأتي نصه مخلا بالمعنى، وبدأ بعض الشيوخ في ليبيا يفكرون جديا في هذه المسالة، ولذلك نحن بحاجة إلى تكوين لجنة مختصة لتصحيح هذا الموروث وحمايته وتنظيم الكثير من الدورات والمؤتمرات وتوعية الجيل الصاعد عن طريق وسائل الإعلام بخطورة هذا الأمر، وهي ليست مسؤولية شخص واحد وإنما مسؤولية أمة بأكملها بما في ذلك الحكومات ووزارات الثقافة وتوفير ميزانية لذلك. * * هل يمكن للجيل الصاعد أن يصنع ما صنعتموه أنتم أعمدة هذا الفن الأصيل؟ * * جيل اليوم معظمه ذهب ضحية الدروس الخاطئة التي يقدمها حاليا دكاترة خريجو المعاهد الأوروبية، وهم جهلة بالموسيقى العربية وهم موجودون في كامل القطر المغربي، في حين يوجد أساتذة أكفاء يدرسون من ملكاتهم الفنية السليمة بعيدا عن النظريات الغربية. * * قلت أن الآلات الموسيقية الثابتة لها خطر كبير على الناشئة، فكيف تفسر ذلك؟ * * يجب أن نقوم بتوعية القائمين على المعاهد الموسيقية بخطورة استعمال هذه الآلات، فالبيانو مثلا له خطورة على النشء لأن الناشئة اليوم بنت ملكاتها السمعية باستعمال البيانو على الدرجة ونصف الدرجة، والباقي لا تستطيع الأذن سماعهه، بينما الموسيقى العربية السليمة تحوي الدرجة ونصفها وثلثها وخمسها وربعها وعشرها لأن الملكة العربية مفتوحة. * * تعرفت على فناني المالوف بالجزائر فمن وجدت فيهم أهلا لتمثيل هذا الإرث الأصيل؟ * * المالوف الجزائري هو نفسه في ليبيا في تونس والمغرب، وخلال تواجدي في العديد من المرات إلى هذا الوطن الحبيب تعرفت على الكثير من الفنانين وأعجبت بأدائهم ويتعلق الأمر ببعض الأسماء أمثال الطاهر الفرڤاني، جلول يلس وغيرهم وألهمت كثيرا بأداء فنانين آخرين أمثال أحمد وهبي.