مجالس المالكية والإباضية نظمها مكتب الشروق بغرداية لا فرق بين مالكي وإباضي،الدين الإسلامي بيننا واحد، وإن اختلفت المذاهب والأعراف والأفكار، فإن باب الاجتهاد يبقى مفتوحا ومن يعتقد أن القضية عرقية أو طائفية، فهو خاطئ، لا لجدار برلين في بريان ودعاة هذا التصور لا مكانة لهم بيننا.. إن ما أصاب بلدتنا الطيبة الجريحة فتنة أيقظها الحساد وأياد خفية بعد أن كانت المنطقة آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان، وظلت أثناء الثورة وفترة العشرية السوداء استراحة للعابرين من أبناء جلدتنا يلجؤون إليها وقت الشدة والرخاء.. نقولها صراحة نرفض جملة وتفصيلا أن نخرج من هذه الأرض الطاهرة التي جمعتنا جنبا إلى جنب، لن نقبل بحلول التفرقة بين الجيل الواحد وإن كانت الجراح عميقة. * * شكرا لمصالح الأمن.. وحسبنا الله ونعم الوكيل في أيادي الفتنة * * .. هذا ما أجمع عليه أعيان مجالس الاباضية والمالكية في ندوة "الشروق اليومي" التي أردناها صريحة وبقلوب مفتوحة بعيدة عن الأحقاد، وقد أكد جميع من شارك في الجلستين من الجانبين مثقفين، دكاترة وإطارات من المنطقة على وجوب العودة السريعة للأمن والاستقرار، فمن غير الممكن يقول - أكثر من رأي - بقاء التوتر في ظل الأوضاع الحالية وتراجع الجانب الاقتصادي والمادي، على اعتبار أن الخاسر الأكبر هم أبناء الجهة الذين تعايشوا سنين في كنف السلم والعافية منهم الإخوة من الرضاعة، كما كشفه بعض الحاضرين. * وصلنا إلى دائرة بريان بعد مغيب اليوم الثاني تركنا السيارة في غرداية وفضلنا عدم المغامرة، حيث امتطينا مركبة مستأجرة ونزلنا على مشارف البلدة مخافة الأحداث الأخيرة، كان الحزن يخيم على أرجاء المدينة الصامتة أثناء تجولنا في أرجائها، فلا وجود سوى لوحدات الدرك الوطني ورجال الشرطة وعناصر مكافحة الشغب منتشرين في كل الزوايا تقريبا ولا يظهر في الأزقة سوى جماعات شبانية هنا وهناك من الاباضية والمالكية لحراسة العقارات والمحلات التجارية خوفا من التخريب، بينما يردد الشبان عبارات إلى متى سيبقى الوضع مشحونا ومن المستفيد من الشحناء والبغضاء؟ وهو ما أردنا إماطة اللثام عنه في لقاء الإخوة الفرقاء. * * عقلاء المالكية: لا بد من تجفيف منابع الفتنة * * دعا الأستاذ عبد المالك بورڤعة المتحدث باسم المجلس المالكي لمدينة بريان، وهي هيئة تأسست عقب أحداث الربيع الحزين السنة المنقضية، وتضم إطارات أغلبهم شباب من خريجي الجامعات ومكتب تنفيذي وجمعية عامة ومجلس شيوخ استشاري يضم أئمة مالكية بمثابة مراجع، إلى ضرورة الجلوس مجددا وفي القريب العاجل على طاولة واحدة مع الاباضية والسهر على إعادة المياه إلى مجاريها، منددا بنبذ العنف مطالبا السلطات الأمنية التي ساهمت في استتباب الوضع، حسب قوله، إلى مواصلة مجهوداتها لتجفيف منابع الفتنة، على غرار تجفيف منابع الإرهاب في السابق. وأوضح بورڤعة نيابة عن أعضاء المجلس نفسه أن بريان لن تتحول إلى دارفور وحث الجهات المختصة على إجراء دراسة معمقة وسريعة للحالة البائسة التي باتت تتكرر، وهي ظاهرة اجتماعية خطيرة مع إيفاد خبراء للوقوف على الحقيقة وكشفها للرأي العام دون تستر وعدم العفو على مرتكبي الجرائم الداعين إلى التفرقة والانتقام، مشيرا الى أن المالكية سعوا من جانبهم إلى تجسيد كل الأفكار السلمية في السابق والالتزام بها ولا بد من التفكير من جديد في صيغة توافقية ترعاها السلطات العليا في البلاد بصفة رسمية والبحث عن حلول نهائية للأزمة المتكررة والخروج من الخناق بمشاركة فعاليات المجتمع الواحد وعدم الاكتفاء بتقارير من ورق، رغم أن الحلول ليست سحرية. وألح محدثنا على إلزامية احترام المقدسات الدينية كالمساجد والحرمات ورفض استباحة دم المسلم، متسائلا عن مصير تلاميذ المدارس الذين لم يتمكنوا من الالتحاق بمقاعد الدراسة لليوم الثاني على التوالي بسبب الحوادث المتعاقبة، فما ذنب هذه الشريحة من الجيل الصاعد في تصرفات عدوانية بين مجموعات تتصارع فيما بينها وأن ما زاد من حدة التجاذب هو منع بعض المتضررين السابقين من ترميم منازلهم التي بقيت مهجورة لحد الساعة والخاسر الوحيد هو المواطن البسيط من المؤسف، رافضا تحويل الصراعات إلى حرب على المواقع الإلكترونية يتفرج عليها العالم، مستنكرا السلوكات المراد بها إذّكاء نار الفتنة، داعيا الى الإسراع في وضع حد لممارسات لا تخدم المصلحة العامة للجزائريين بالدرجة الأولى، بغض النظر عن حرياتهم وأفكارهم، قائلا: نحن على استعداد لقبول أي مبادرة سلمية تهدف إلى لم الشمل، كما نتعهد باحترام بنودها، موضحا بأن المنطقة الآن مشلولة ومعزولة ولا فائدة لنا من ذلك، إننا نرفض - يقول بورڤعة - أن توظف قضية بريان في حسابات ضيقة، نريد حلا جذريا بإجماع الحكماء ولا نريد مساكن، مجددا ضرورة عودة الاستقرار والتسامح وطي صفحة الماضي الأليم "ونثني على كل من يساهم في التهدئة وكل الخيرين". * * حكماء أعيان مجالس المزابيين: نطالب بلجنة تحقيق رئاسية * * كما طالب الدكتور داود بورقيبة المتحدث باسم مجلس جماعة أعيان المزابيين، وهو تنظيم فعال وناجح يشمل إطارات ومنتخبين وممثلين عن العشائر في جلسة "الشروق اليومي"، أنه يجب نزول لجنة رئاسية إلى عين المكان لتقصي الحقائق، موضحا أن المزابيين دفعوا الفاتورة غاليا من خلال ارتفاع عدد الضحايا، حيث التحقيقات لازالت جارية لفضح المتواطئين، وقد تمسك بالحوار والسلم، باعتباره خيارا لا مفر منه من أجل بسط الأمان، وذكر محدثنا الذي كان مرفوقا بعضوين من المجلس المذكور، أن أرضية ورڤلة فشلت بسبب عدم الاتفاق على خارطة الطريق التي تحفظ عليها الطرفان ولم نصل إلى نتائج مرضية، لقد حاول أئمة الإباضية من خلال خطب الجمعة، والنداءات المتكررة إلى حث الشباب على التهدئة، غير أن عدم وفاء السلطات المحلية وعلى رأسها الوالي، بالوعود التي منحت للشبان منذ اندلاع فتيل الأحداث الأولى ضاعف من الوضعية، حيث اهتزت ثقتنا في هذه الفئة الشبانية. * ويقول نفس المتحدث ليس هنالك قضية عرقية أو دينية أو طائفية في بريان، كما يروج بعض المغرضين، لا نقبل بالازدواجية ولا لجدار برلين، والفصل بين الشعب الواحد وهي فكرة ودسائس يراد بها تشتيتنا ولا نقبل بهذا أبدا، مستعدون لمواصلة المساعي الخيرة، لكن نشترط نزع الأسلحة التي بحوزة بعض العائلات، وهو المطلب الذي رفع إلى رئيس الحكومة الأسبق أثناء زيارته للجهة، لكن ذلك لم يتحقق، أقسم بالله وأتحدى أن يكون "مزابيا" واحدا يمتلك سلاحا ناريا، يضيف المتحدث قائلا، يجب تسليط أقصى العقوبات على مرتكبي الحوادث الدامية، وبالمناسبة ثمن جهود عناصر الدرك الوطني وسهرهم المستمر لبسط الأمن والتحكم في الوضع بصورة جيدة. * * كبير أعيان المالكية يتحدث.. حسبي الله ونعم الوكيل * * أثناء تواجدي ببريان سعيت مرارا لمقابلة كبير أعيان المالكية سنا الشيخ أولاد الطاهر إبراهيم، لكن هذا الأخير كان يرفض الإدلاء بأي تصريح والتمسك بالتزام الصمت، سيما في الظرف الراهن لعدم رضاه على الوضع الحالي وما آلت إليه أحوال بريان، وبعد محاولات متكررة وإلحاح متزايد تمكنت من الظفر بتوضيح من الرجل الذي اشترط نقل تصريحه كلمة بكلمة قبل الحديث إلينا، وكان له ذلك وقال حرفيا بأن مسؤولية الأحداث يتحملها مشايخ وكبار وفقهاء المالكية والإباضية في ولاية غرداية برمتها، بسبب عدم التحرك لإيجاد إجماع ومخرج لقضية تعد محلية لها أبعاد وطنية، متناسين قول الله تعالى "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما"، فلماذا التهرب من تحمل المسؤولية في هذا الظرف العصيب اتجاه أهلهم وإخوانهم في البيت الواحد، علما أن أرضهم وسماءهم واحدة والمسلم مرآة أخيه، فهؤلاء يتمتعون بالراحة والأمن بغرداية وما جاورها وإخوانهم يتحصرون ألما، هذا غير جائز شرعا وإنسانية وحرام فعله، أين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ أين إحقاق الحق؟ وعليه ندعوهم للتحرك وقول كلمة سواء في بلدة هي جزء من بلاد الشهداء وأخيرا لا أملك سوى ان أقول: حسبي الله ونعم الوكيل.