أفادت مصادر متطابقة من أوساط التائبين أن نشطاء التنظيم المسمى "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" باشروا حملة اتصالات واسعة منذ أسابيع مع إرهابيين لازالوا ينشطون في التنظيم تحت إمرة "عبد المالك درودكال" (أبو مصعب عبد الودود) على خلفية البيان الأخير "براءة" الذي أصدره مؤسس التنظيم وأميره الوطني حسان حطاب. وقالت مصادر"الشروق اليومي" إن هذه الاتصالات امتدت أيضا الى نشطاء تنظيم "جماعة حماة الدعوة السلفية" تحت إمرة "محمد بن سليم" المكنى "سليم الأفغاني". * * تسجيل حطاب تم استنساخه وتوزيعه على المسلحين وعائلاتهم * * قالت مصادر من محيط تائبين بولايتي بومرداس وتيزي وزو، إن تائبين كانوا ينشطون في وقت سابق تحت لواء تنظيم "الجماعة السلفية" وسلموا أنفسهم في وقت سابق للسلطات واستفادوا من تدابير العفو، ويقيمون حاليا في جهات مختلفة من الوطن قد باشروا اتصالات مكثفة مع ارهابيين لازالوا ينشطون في تنظيم درودكال، خاصة بمنطقة الوسط لإقناعهم بتسليم أنفسهم للسلطات والاستفادة من تدابير ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. * وأكد تائبون تحدثت إليهم "الشروق اليومي" في هذا الموضوع، إن هذه التحركات جاءت على خلفية البيان الذي أصدره مؤسس التنظيم حسان حطاب ودعا فيه مجددا أتباعه السابقين الى وقف العمل المسلح، مؤكدا عدم شرعية العمليات الإرهابية، وأضاف قيادي سابق في تنظيم حطاب طلب التكتم على هويته على صلة بالموضوع، إن التسجيل الصوتي الذي ظهر فيه حطاب لأول مرة وبثته حصريا القناة القطرية "الجزيرة"، تم تسجيله في أقراص ويجري تداوله بشكل كبير وتم تقديم نسخ منه لعائلات المسلحين لإقناع أبنائها بالتوبة. * * تائبون يروجون لتسجيل حطاب لإقناع رفقائهم بتسليم أنفسهم * * لكن أطرافا تشتغل على ملف "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، تذهب في اتجاه تحليل آخر لسلسلة البيانات الأخيرة التي "توجت" بتسجيل صوتي مرفوق بصورته لأول مرة، مشيرة إلى أن البيان الأخير "براءة" وبعده التسجيل الصوتي لم يحملا جديدا في مواقف مؤسس "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" الذي حرص فيها على دعوة أتباعه لوقف النشاط الإرهابي وطعن في شرعية الاعتداءات الانتحارية لمرات متتالية، لكن مقربو حطاب يدركون جيدا أن "الأمير" ما كان ليخطو هذه الخطوات لو لم يتلق ضمانات من السلطة وأيضا موافقة على بعض مطالبه، خاصة وأنه كان قد رهن أي موقف منه بمدى التكفل برفقائه، وحطاب كان قد أبلغ مقربيه بذلك وظل، بعلم السلطات، على اتصال مستمر بهم وهم في الجبل ليصل أخيرا الى اتفاق مع السلطة حول عديد من الملفات منها ملف رفيقه عماري صايفي المدعو "رزاق البارا" أمير المنطقة الخامسة، "مختار بلمختار" المدعو "الأعور" أمير المنطقة التاسعة الذي انسحب من التنظيم، والعديد من أتباعه منهم المعتقلون وأيضا عائلات أتباعه للاستفادة من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ورفع العراقيل الإدارية. * * الاعتداءات الانتحارية "مهدت" لاستئناف الاتصالات بين أتباع حطاب وسليم الأفغاني * * الرسالة التي أراد حسان حطاب توجيهها مؤخرا كانت مزدوجة، لكنها كانت مركزة على أتباعه المترددين في تسليم أنفسهم وحاول من خلالها التأكيد لهم أنه التزم بتعهداته السابقة اتجاههم و"لم يبحث عن تحقيق مصالحه الشخصية"، ما سيمنحه - برأي مراقبين - مصداقية أصبحت تخيف أتباع "درودكال" الذين روجوا لإشاعات باعتقاله و"خيانة" السلطة له، ويندرج الاتصال بهم مجددا في سياق سحب كل الحجج منهم، خاصة وأنهم نقلوا في مرات عديدة معارضتهم لمنهج قيادة "درودكال" وربطوا عدم تسليم أنفسهم، رغم رغبتهم في ذلك "بعدم وجود ضمانات ملموسة"، وطرح عديد منهم "مخاوف من تكرار سيناريو الجيش الإسلامي للإنقاذ "الآيياس"، وكثف حسان حطاب تحركاته بعد سلسلة الاعتداءات الانتحارية التي كانت مؤشرا على انحراف التنظيم الإرهابي وكان كل مرة يستهدف المجندين الجدد لقناعته بأنهم مغرر بهم. * وقالت مصادر من أوساط التائبين، إن الاتصالات تمتد أيضا الى تنظيم "جماعة حماة الدعوة السلفية" تحت إمرة "سليم الأفغاني" على خلفية أن هذا التنظيم كان أول من ندد بالاعتداءات الانتحارية وطعن في شرعيتها من خلال دراسة مطولة بأدلة شرعية، وهي الأرضية التي يرتكز عليها التائبون لإقناع أتباعه بوقف نشاطهم، خاصة وأنه يمكنهم الاستفادة من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، كما حققت الحملة التحسيسية التي قامت بها أجهزة الأمن مع عائلات الإرهابيين عن تسليم عديد من أتباع سليم الأفغاني أنفسهم، أبرزهم العام الماضي، بوترفاس نعيم الضابط الشرعي "لحماة الدعوة السلفية" بولاية تلمسان، كما يستبعد مواجهة صعوبات على خلفية أن أتباع "حسان حطاب" يتوافقون كثيرا مع جماعة "سليم الأفغاني" الذي سبق أن التحق تنظيمه "بالجماعة السلفية" في إطار مؤتمر الوحدة عام 2001 قبل أن ينسحب بعد انسحاب حطاب من الإمارة. * وأكدت مصادر "الشروق"، أن الحملة "تستهدف" بقايا الأمراء والقيادات في التنظيمات الإرهابية، خاصة وأن حطاب يتوفر على معلومات عن رفقائه السابقين الراغبين في وقف النشاط المسلح.