القطعة الأرضية التي كان مقررا أن تكون للمسجد وحده/تصوير:احميدة.غ من سرقة الأحذية إلى سرقة الأفرشة.. إلى محاولات لتحويل القطع الأرضية.. هي ظاهرة طالت بيوت الله في الجزائر، غير أن الظاهرة الأخيرة متهم فيها مسؤولون جزائريون منتخبون، يفترض أنهم مطالبون بالسهر على تطبيق القانون ورعاية عملية بناء مساجد الجمهورية. * * رئيس البلدية للشروق: لم نمنح العقار لأية جهة والعدالة بيننا * وتعتبر "قصة" مسجد التوبة بأعالي العاصمة مثالا من إحدى العينات المجسدة ميدانيا، بعد ما انتظرت 500 عائلة تقطن حي جنان عشابو بدالي إبراهيم تحقق حلم بناء المسجد الذي تعثرت انطلاقة تشييده، منذ سبع سنوات كاملة. * "نريد بناء بيت الله وليس لدينا غرض تجاري.. 7 سنوات من الانتظار والسلطات تتحجج بدواعي وجود ملاك خواص لجزء من الأرضية.. وهو ما نفته أملاك الدولة التي أعطتنا دلائل على أحقية الأرض للبلدية وأن قطعة الأرض ليست مشهرة بعقود لخواص، حسب ادعاءات المجلس الشعبي البلدي الحالي لدالي إبراهيم".. هي عبارات رددها ممثلون عن الجمعية الدينية، في لقاء مع "الشروق اليومي"، والذين أبدوا تخوفاتهم من وجود نوايا لدى المسؤولين لبيع الأرضية بعدما ارتفع سعر المتر الواحد بدالي إبراهيم بالعاصمة إلى 2 مليون سنتيم، وهو ما قد ينسف المشروع أو يحدث خللا في تصميم هيكله أو فضاءاته. * * 600 مليون سنتيم كلفة الدراسات قبل أن يجمد "المير" المشروع * وفي ذات السياق، أكد، الوناس بزي، رئيس الجمعية الدينية لمسجد التوبة، أن دراسات الأرضية لوحدها وتسوية التربة كلف ما مقداره 600 مليون سنتيم، عقب تلقيهم الضوء الأخضر من رئيس المجلس الشعبي البلدي المنتهية عهدته، وبعد مداولة رقم 06-13 أقرت المساحة الإجمالية لأرضية مسجد التوبة والمقدرة ب 2840 متر مربع، منتصف سنة 2004، برعاية مديرية الشؤون الدينية، وأودع الطلب لدى مديرية العمران في 15 سبتمبر 2007، ومنح "المير" السابق الاعتماد رقم 709 لبداية الأشغال التهيئة وحفر وتسوية الأرضية، غير أن عملية الإنجاز تعطلت بمجرد إبلاغ رئيس البلدية الحالي بأن "هناك عقود ملكية منشورة ومحررة بأسماء أشخاص خواص من طرف تعاونية السكن لولاية الجزائر". * * "استغلال تعاونية تم حلها سنة 1992 بزعم أحقيتها للاستحواذ على العقار" * وبالمقابل تمتلك "الشروق اليومي" المستخرج الأصلي لأملاك الدولة "شهادة سلبية" تثبت أن الأرضية ملك للبلدية ولا يوجد ملاك أصليين، للقطع رقم 293، 294 و295 على التوالي، والنزاع يكمن في رقمي 93 و94، وتوضح الجمعية في مراسلتها الموجه لرئيس الجمهورية أن العقود المعنية "لا تعتبر عقود بيع ولا شراء، بل عقود قسمة محققة بالتراضي والناتجة عن إعادة تقسيم مساحة قدرها يزيد عن 12 هكتارا اشترتها تعاونية لبلدية الأبيار بعقد مؤرخ في 20 جانفي 1985"، وتضيف الجمعية أنه "قرر حل تعاونية السكن لولاية العاصمة في 11 نوفمبر 1992 بعد انتهاء مهامها"، وعليه يقول أعضاء الجمعية أن التعاونية التي يتحجج بها ممثلو المجلس البلدي لدالي إبراهيم غير مؤسسة بحكم زوال وجود التعاونية، وقالوا "باسم التعاونية التي لا حق لها على العقار أريد الاستحواذ على قطع أرض جديدة وضمنها السماحة الأصلية للمسجد ظلما وإجحافا". * * أسعار العقار بالعاصمة وتجاوزها 2 مليون سنتيم ل م2 تغير الحسابات * وطالبت الجمعية الدينية لمسجد التوبة تدخل رئيس الجمهورية ووالي ولاية العاصمة لإنقاذ مشروع بناء مسجد لصالح سكان حي جنان عشابو بعد تراجع السلطات المحلية عن الاتفاق الأول ومحاولة تضييق بناية الهيكل، بعد ما رفض الوالي المنتدب الرد على طلباتهم وحتى طلبات مديرية الشؤون الدينية، نسخة بحوزتنا، من أجل تأشير مداولة المجلس السابق، متهمين المجلس البلدي الحالي، بمحاولة تحويل الأرضية بغرض بيعها كقطع أرضية وانجاز محلات، حيث قال أعضاء الجمعية أن ارتفاع سعر المتر المربع لأكثر من 2 مليون سنتيم أغرى المسؤولين المحليين بالتراجع عن تعاملهم معنا وإيفاء العهود، مضيفين "خطة التقسيم غير قانونية وغير واقعية وغير مصنفة وغير متوازنة". * وفي أرض الواقع، طالب المجلس البلدي بحصر القطعة في مساحة 1200 متر، غير أن الجمعية تؤكد أن المساحة يجب أن لا تقل عن 1800 م2 لتجسيد بناية بمساحة 1150 م 2، خارج الباحة وفضاءات المسجد ومقاييس العمران من طريق ومسافة قانونية تبعد عن عمارات الحي. * ويطالب سكان جنان عشابو بمرافق أخرى تضاف في عين المكان على غرار المسجد كالثانوية، مدرسة ابتدائية، عيادة، دار الحضانة أو ملحقة بلدية بدل شغل كامل العقار بفيلات سكنية. * رئيس البلدية، إبراهيم سدراتي، وفي لقاء مع "الشروق"، قال أن المداولة تحتاج لتأشير من قبل الوالي المنتدب للشراقة، وأوضح أن رئيس البلدية ليس من صلاحياته توزيع القطع الأرضية، مؤكدا اهتمامهم لبناء المسجد، مضيفا "لكن أليس مسجد كتشاوة مسجد حي ومسجد دالي إبراهيم الرئيسي مساحته 600 م"، في محاولة منه لتبرير قرارهم بتصغير حجم الأرضية المخصصة، وأضاف "لي كلمتي في تحديد المساحات وحتى رخص البناء". * وأكد "مير" دالي إبراهيم أنه لم يتنازل ولم يمنح العقار لأية جهة، موضحا أن تعليمات والي العاصمة صارمة في عدم المساس بأي شبر من العقار والاحترام للقوانين، مضيفا "نسعى لحل المشكل بالتواصل مع الوصاية من الولاية ووزارة الشؤون الدينية". * وقال المتحدث في رده على سؤالنا حول اتهامه بتحويل العقار "أتحدى أي شخص يتهمني بمنح قرار استفادة في ذلك المكان منذ صعودي رئيس بلدية ولن توزع الأرضية"، داعيا الجمعية للاكتفاء ب 2000 م2 وانجاز المسجد، و"عدم لعب دور لجنة مراقبة العقار". * وفي لقاء مع سبعة أعضاء من المجلس البلدي منهم ثلاث نواب للرئيس، قالوا أنهم مع بناء المسجد، لكن ليس على حساب عقود استفادة لباقي المنتسبين للتعاونية التي تمتلك 14 قطعة بجنان عشابو، على حد تعبيرهم، معتبرين أن الإنجاز في مساحة 800 م 2 يكفي للمسجد، مستدلين بقبول الشؤون الدينية بناء 50 بالمائة من أصل 2000 م2، موضحين أن مداولة ثانية تمت وفي أول نشاط للمجلس الجديد أقرت بإحداث تغيرات في الأرضية بحضور مصفي التعاونية الذي وعد، بحسبهم، بتغيير مكان الأرضية والتكفل بمصاريف الدراسات، مشيرين إلى حاجة الحي لمرافق عمومية أخرى، وقالوا أن الجمعية غير معتمدة، وهو ما رد عليه رئيس الجمعية "نحن مؤسسين بصفة قانونية ولدينا وصل الاعتماد فكيف تعاملوا معنا منذ 2002 ثم الآن غير معتمدين".