في وقت أعرب فيه رئيس مجلس الشورى عبد الرحمان سعيدي عن أمله في أن تحقق خطوة تخلي رئيس حركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني عن حقيبته في الحكومة، ومغادرته منصبه كوزير للدولة صدى لدى المنشقين من الحركة أو ما اصطلح عليهم حركة الدعوة والتغيير، وفق منطق وكفى المؤمنين شر القتال. * أكد عبد المجيد مناصرة عدم اكتراث فريقه بهذه الاستقالة، مؤكدا أن قرار الخروج عن حمس خيار لا رجعة فيه مهما كلف الأمر، فيما تقاطع القياديون في نقطة أن علاقتهما بحركة الإخوان لا تتعد أن تكون علاقة كمثيلاتها بالعلاقات التي تربطهم بالحركات الإسلامية والقومية في العالم، وفيما أطلق سعيدي دعوة مجددة للمنشقين قصد الالتحاق، رد مناصرة أن العودة لحمس لن تكون أبدا. * * عبد الرحمان سعيدي: "الانحراف ذريعة المخالفين والحركة مستعدة لتصحيحه إن ثبت" * * - هل ترون في انسحاب رئيس الحركة أبوجرة سلطاني من الحكومة ،سبيلا لتوحيد صفوف حمس؟ * عبد الرحمان سعيدي: موضوع مشاركة الحركة في الحكومة برأسها من خلال رئيسها، طرح للنقاش قبل المؤتمر الرابع، وظل الملف دائما مفتوحا للتقييم والنقاش لكل الجوانب والمناحي الإيجابية والسلبية منه، قبل أن يخرج النقاش عن أطره الطبيعية المتمثلة في مؤسسات وهياكل الحركة، وأخذ أطرا أخرى عبر صفحات الجرائد، على الرغم من أن الملف ظل دائما مفتوحا للتقييم، شأنه شأن مشاركاتنا السياسية المتوالية، وإبداء رئيس الحركة أبوجرة رغبته في التنحي من الحكومة، عقب اجتماع مجلس الشورى الأخير، نتمنى أن يزيل ذرائع الخلاف والصراع بين الإخوان المتنازعين، وتطفأ نار الفتنة القائمة بينهما. * * - يتهمكم الطرف الآخر بالانحراف بالحركة عن سكتها، ما تعليقكم؟ * هذا المأخذ من المآخذ لا يمكن أن يكون موضعا لإطلاق التصريحات العشوائية فقط، لأن الحديث عن اتهام كبير بحجم الانحراف عن السكة أو المنهج يجب أن يخضع لنقاش موسع ومعمق على كافة مستويات الحركة العمودي منه والأفقي، أي يجب فتح نقاش مسؤول، يحدد ما ينظر إليه الطرف الآخر على أنه انحراف، وذلك بالرجوع إلى تحديد مبادئ الحركة وأسسها ومنهجها، وعن أي انحراف يتحدثون، هل القصد الانحراف عن الخط السياسي، هل يقصد به الانحراف عن النهج الدعوي والتربوي، أو انحراف الموارد البشرية تحديدا، عن أي انحراف يتحدثون بالضبط وما حجتهم وما دليلهم؟، الانحراف هو عنوان كبير جدا، وهو دائما ذريعة وحجة المخالفين، وتجربتنا السياسية أكدت أن هذه العناوين دائما تستخدمها الأطراف التي تخالف الجماعة، وأقولها بصوت مرتفع مستعدون داخل مؤسسات الحركة إلى فتح نقاش موسع ووقفة كبيرة لتحديد صحة إطلاق عنوان كبير على ما يحدث داخل حمس بحجم عنوان الانحراف، وعند إثبات وجود الانحراف، فالحركة مستعدة تمام الاستعداد لمراجعة ما أنحرفت عنه، شريطة أن تكون عملية التصحيح والمراجعة داخل مؤسسات الحركة لا خارجها، وبكل تعمق ليس بالسطحية الحاصلة اليوم. * * - ما محلكم من الإعراب في حركة الإخوان المسلمين، وكيف تسمحون بتدخلاتها في شؤونكم؟ * الحركة ما قبل التعددية الحزبية، أي خلال مرحلة السرية والى ما بعد هذه المرحلة ،أي خلال التعددية السياسية لها علاقات وصلات ممتدة مع الحركات الإسلامية والقومية، عملنا دائما على تعزيز هذه العلاقة فوجدنا لأنفسنا فضاءات لتبادل الآراء والخبرات المختلفة، وعلاقتنا بحركة الإخوان المسلمين تندرج ضمن هذا السياق، حبل الود هذا يجعلنا مستعدون لقبول النصح والوساطة لحل الخلافات، بصدر رحب، غير أن مشاكلنا الداخلية، ونحن حركة أو حزب سياسي، جزائري، لا نقبل أن تحل مشاكلنا سوى ضمن أطر جزائرية داخلية وبقرارات جزائرية سيادية. * * - ما هي قراءتكم لخيار مناصرة بإقامة حركة موازية وهو الذي كان له أن يحتكم للمؤتمرين، عوض انسحابه؟ * عبد المجيد مناصرة هو الوحيد من يحق له الإجابة عن سر تنازله في المؤتمر، وإصراره على عدم الاعتراف بشرعيته على الرغم من تنازله، ومع ذلك قراءتي لانسحابه الذي اعتبره تنازلا تأتي في شقين، الأول إرادته في الحفاظ على وحدة الحركة وتوحيد صفوفها، أما الشق الثاني فيتعلق بالتوجه الذي أخذه المؤتمر الرابع، وتأثيره في بناء الموقف. * * -ما هي قراءتكم لتزامن إعلان المنشقين عن حركتهم مع الإعلان عن نتائج الرئاسيات؟ * أعتقد أن الإخوة رأوا في أجواء ما بعد الرئاسيات الأجواء الأكثر ملاءمة للترويج لتوجههم، لتحقيق القبول، وبالإسقاط على تجارب مسارات اعتمادات الأحزاب السياسية، أعتقد أن هذا هو السبب في انتقاء هذا التوقيت. * * - ألا تعتقدون أن غنائم ما بعد الرئاسيات هي محرك هؤلاء؟ * قرائتي قلتها، والحديث قياس. * * -هل تتهمون أطرافا في السلطة بالوقوف إلى جانب "المتمردين" لضرب الحركة؟ * تعلمنا داخل حركة مجتمع السلم وبفضل توجيهات الراحل محفوظ نحناح، أنه يتوجب علينا أن نعالج قضايانا بكل مسؤولية، ونتحمل خياراتنا بكل مسؤولية، ومن العجز أن نسعى لتحميل مسؤولياتنا الى أي طرف كان في السلطة أو خارجها، نحن متواجدون في الساحة السياسية وواعون لما يحدث في هذه الساحة، ونتمنى أن ما أقبل عليه رئيس الحركة بتخليه عن منصبه في الحكومة، أن يحقق رجع صدى عند إخواننا ويتراجعوا عما أقدموا عليه، مع تأكيدي أن الجزائر والساحة تسع الجميع، ولا أقول لإخواننا عليكم "بالتوبة"، لأن المسألة ليست مسألة "ذنب"، وإنما الأمر يتعلق بخلاف تنظيمي ومؤسساتي لا غير. * * من هو عبد الرحمان سعيدي؟ * عبد الرحمان سعيدي، أحد الأسماء القيادية في حركة مجمع السلم، رئيس مجلسها الشورى يعد المؤتمر الرابع للحركة، بعد أن كان منافسا لرئيسها أبوجرة سلطاني في المؤتمر الثالث، الذي انعقد مباشرة بعد وفاة الراحل محفوظ نحناح، ينحدر من ولاية البليدة، راهن عليه فريق مناصرة خلال المؤتمر الثالث لمنافسة أبوجرة على اعتبار أنه ينحدر من ولاية البليدة التي تعتبر المعقل الرئيسي لحركة مجتمع السلم، لكنه سرعان ما تحول إلى أحد أكبر أعداء جماعة وزير الصناعة الأسبق لا لشيء سوى لأنه رفض أن يخلق داخل الحركة جيبا للمعارضة على حد تعبير الرئيس الحالي لحمس أبوجرة سلطاني. * عبد المجيد مناصرة : "التحق بنا 10 آلاف مناضل ورفع الغطاء عن حمس لا يعنينا" * * - هل أنتم مستعدون لقبول أبو جرة سلطاني بصفته رئيسا لحركة مجتمع السلم، بعد قراره القاضي بالانسحاب من الحكومة وعدم تولي أي حقيبة وزارية مستقبلا؟ * مناصرة: الأمر لم يعد يعنينا ولا يهمنا انسحاب أبو جرة من الحكومة أو بقائه فيها، لأننا خرجنا من حركة مجتمع السلم، وأسسنا حركة بديلة مستقلة، لذلك فنحن لا نولي أي اهتمام لرفض أو قبول سلطاني تولي حقيبة وزارية، والحدث الهام بالنسبة إلينا هو تأسيس حركة الدعوة والتغيير، وهي خطوة لن نتراجع عنها، لأنها لم تكن أبدا خطوة مستعجلة، بل كانت مدروسة وتشاورية، وجاءت بعد قناعة ورؤية صائبة، ونحن نتمنى للآخرين التوفيق والخير. * * - يتهمونكم بأن لديكم نفس الأطماع التي أدت بأبي جرة إلى الانحراف بحركة مجتمع السلم، منها المشاركة في الحكومة، فما تعليقكم على ذلك؟ * من يريد اتهامنا هو حر في ذلك، وقد ظلت مواقفنا دائما واضحة، من بينها دعمنا لرئيس الجمهورية أثناء الانتخابات الرئاسية، وكان ذلك خدمة لمصلحة الشعب، وأعلنا عن هذا الموقف صراحة في كافة التجمعات التي نشطناها خلال الحملة الانتخابية، ولم نطلب أي شيء لأنفسنا، ولم نتلق أي مقابل عن مشاركتنا في الحملة، ونحن نسعى من خلال حركة الدعوة إلى خدمة الوطن من موقع المجتمع وكذا المجلس الشعبي الوطني والمنتخبين على مستوى المجالس البلدية والولائية، ونحن لسنا معنيين أبدا بالمناصب في الحكومة، ونتمنى أن لا تقترح علينا. * * - ما هي صلتكم بحركة الإخوان المسلمين، وهل من الناحية القانونية يجوز لحزب سياسي أن تكون لديه امتدادات مع حركات أخرى في الخارج؟ * لدينا علاقات ممتدة مع حركة الإخوان المسلمين ومع الإسلاميين والقوميين والعلمانيين، بدليل أننا حضرنا منذ ثلاثة أيام فقط المؤتمر القومي العربي بالخرطوم عاصمة السودان، فعلاقتنا مع الجميع، ورفع الغطاء عن حركة مجتمع السلم من طرف حركة الإخوان لا تعنينا، بل تعني الطرف الآخر. * * - لماذا تزامن الإعلان عن تأسيس حركة الدعوة والتغيير مع الانتخابات الرئاسية، وهل تلقيتم ضمانات من السلطة بخصوص إمكانية الحصول على الاعتماد؟ * لقد أعلنا عن قرار تأسيس حركة الدعوة والتغيير مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية، وكان ذلك يوم 10 أفريل الحالي، أي مباشرة بعد انتهاء الاستحقاقات، وتم ذلك عقب اجتماع لمجلس الشورى الوطني، وقمنا بإعداد البيان التأسيسي، ولم نتأسس بأوراق أو لضرورة مرحلية، بل لواجب اتجاه الوطن والإسلام والعروبة والحريات في الجزائر، ونريد أولا أن نكون موجودين على أرض الواقع، ثم نبحث عن الاعتماد، وأصر أننا لم ننشأ بأوراق، وسنأخذ في البداية شكل جمعية، والمهم أن نكون موجودين من أجل خدمة المجتمع من أي موقع كان، وفي البداية سنكتفي بالنشاط في إطار حركة قبل أن نصبح حزبا سياسيا. * كما أننا سنقبل بالصيغة القانونية المتاحة، فإذا لم نتمكن من الحصول على اعتماد لتشكيل حزب سياسي، سنكتفي باعتمادنا كجمعية، ومع ذلك ستظل السياسة جزء من نشاطنا وعملنا، ولن يكون ذلك أبدا على حساب العمل التربوي والتوعوي، لأن المرحة الحالية تتطلب إعادة التوازن ما بين المجتمع والسلطة، من خلال إعطاء الأهمية المطلوبة لقضايا المجتمع ولعمقه، من يريد أن يعيش في قلب السلطة فهو موجود فيها، وسنعول على عدد المناضلين الذين انخرطوا في صفوف الحركة لتحقيق أهدافنا، الذين تجاوز عددهم إلى جانب المؤسسين 10 آلاف مناضل، يضاف إليهم رموز الحركة من أبناء ومحيط الشيخين الراحلين محفوظ نحناح وبوسليماني، فهم جميعهم منا ونحن منهم. * * من هو مناصرة؟ * يعد عبد المجيد مناصرة العضو القيادي السابق في حركة مجتمع السلم من أقرب المقربين إلى مؤسس الحركة المرحوم الشيخ محفوظ نحناح، ساهم بشكل فعال في تأسيس الاتحاد الطلابي الحر المحسوب على حمس، كما كان مديرا لجريدة النبأ الحزبية التي أنشأتها الحركة، تقلد مناصرة وزارة الصناعة لمدة فاقت الأربع سنوات، وبرز هذا العضو القيادي كمعارض شرس لرئيس حركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني خلال المؤتمر الرابع للحركة، وعبر عن ذلك صراحة بالانسحاب من مجريات المؤتمر، احتجاجا على ما صفه بالتطاول والمساس بالقانون الداخلي للحزب، وخرجت مواقفه المعارضة للعلن بعد ظهور ما اصطلح على تسميته بجماعة التغيير، التي انضم إليها أزيد من 20 نائبا عن الحركة بالغرفة السفلى للبرلمان، الذين أطلقوا على أنفسهم تسمية كتلة التغيير، وفي ندوة صحفية نشطها في قاعة تقع بمحاذاة المقر المركزي لحمس، أعلن وزير الصناعة الأسبق عن نيته في تأسيس حركة بديلة، وهو ما تم فعلا يوم 10 أفريل الحالي تاريخ صدور البيان التأسيسي لحركة الدعوة والتغيير، التي انضم إليها 40 عضوا مؤسسا لحركة مجتمع السلم. * *