الفنان عمر الشريف متحدثا إلى مراسل الشروق في القاهرة في مفاجأة غير متوقعة، كشف الفنان المصري "عمر الشريف" عن نظرته للجزائر وللشعب الجزائري، وبجرأة اعتاد عليها صاحب المواقف المثيرة للجدل عبر النجم العالمي عن مشاعره الحقيقية تجاه كرة القدم واللاعبين الجزائريين، غير آبه بردة الفعل المتوقعة وربما العنيفة تجاه تصريحاته التي خص بها "الشروق". * * * وفي الوقت الذي يرفض فيه الظهور إعلاميا أو الإدلاء بأية تصريحات صحفية، رحب الشريف ب "الشروق" التي اختارها لتكون نافذة ينفس من خلالها عن فيض من المشاعر التي طالما تمنى التعبير عنها منذ عقود لكنها ظلت حبيسة صدره على حسب وصفه، واستهل "عمر الشريف" حواره معنا بالقول أنه عرف الجزائر عبر ثلاث محطات، أولها من خلال ثورة التحرير الوطني التي أسهب في الحديث عنها قائلا أنها "رفعت رأس كل عربي خارج الديار، وعرفت شعوب العالم مدى قوة وبأس وشجاعة المواطن العربي"، مضيفا: "كانت تلك الثورة وبكل ما اختزلته من تضحيات وبطولات مفخرة لكل الجاليات العربية التي كانت تعاني التهميش والازدراء من قبل البلدان التي تحتضنهم، ونظرا لأن صوت المقاومة كان غالبا على كل الأصوات، فقد أضطر الغرب الذي تعود على النظر للعرب من فوق إلى التسليم بمبدأ المساواة والاحترام"، وكشف "الشريف" لأول مرة عن مشروع فيلم ضخم كان ينوي تقديمه عن الثورة أثناء اندلاعها، لكن اللوبي الصهيوني في هوليوود تمكن من إجهاض الفكرة، قائلا : "لقد حركت الثورة مشاعر كل المواطنين العرب، وشعر كل عربي بضرورة المساهمة فيها والقيام بواجبه حسب موقعه، لذلك تحركت بنشاط في عام 1961 من أجل إنجاز فيلم عالمي يتعرض للثورة الجزائرية، وقطعت خطوات طويلة في المشوار، تضمنت إعداد النص واختيار المخرج وفريق العمل، وكانت مصر وعدة بلدان عربية قد تطوعت لإنتاج العمل، وكنت مصرا على انطلاق الفيلم من الخارج وبالأخص هوليوود من أجل ضمان وصوله لكافة شعوب الأرض، ومن ثم حشد الدعم العالمي للثورة التي تعرضت لتشويه مبرمج من قبل الاحتلال وحلفاءه، إلا أن اللوبي الصهيوني تحرك في الخفاء والعلن حتى تمكن من إغلاق استوديوهات هوليوود في وجهنا، وبالمناسبة هذه هي المرة الأولى التي أتحدث فيها عن هذه التجربة الأليمة التي أصابتني وقتها بخيبة أمل كبيرة، لم تمحيها من بعد نجاحات الفنان العربي في فرض وجوده على الساحة الدولية". * وعن المحطة الثانية في رحلة تعارفه على الجزائر، يقول عمر الشريف: "في كل مكان وطأته قدماي في شتى أنحاء العالم كان لي على الأقل لقاء مع جزائري أو أسرة جزائرية، حتى أنني قلت لأحدهم مرة على سبيل الدعابة: (انتوا احتليوا الدنيا كلها)، فرد علي قائلا: (الدنيا هي اللي فاتحالنا ذراعيها)، فانفجرت من الضحك يقول الشريف مستطردا رد فكاهي لكنه يحمل الكثير من المعاني الفلسفية الجميلة والواثقة بالذات، فالجزائري مثله مثل بقية المواطنين العرب يعاني من مشاكل اقتصادية واجتماعية، ويخرج باحثا عن سبل أفضل للعيش، لكنه يأبى أن يحط من شأن نفسه أو يطيح من كبريائه". * ويواصل الشريف: "كونت صداقات كثيرة وعميقة مع عدد كبير من الجزائريين في أوروبا وأمريكا، معظمهم يتقلدون مراكز علمية مرموقة في المهجر، عرفوني على الجزائر وقربوني منها إلى حد بعيد، ونقلوا لي صورة مشرفة عن الشعب الجزائري، وألحوا علي بصدق لزيارة موطنهم الأصلي، وفي كل مرة أجهز لتلبية الدعوة تخطفني الانشغالات والارتباطات". * وعن المحطة الثالثة والأخيرة، يقول الشريف: "ثالث محطة هي كرة القدم، فأنا من أشد المغرمين بالكرة، وأتابع المباريات مثل الشباب الصغير، لأنها تشعرني بالحيوية وتمنحني النشاط البدني والذهني، وفي عام 1982كنت أتابع مباراة الجزائر مع ألمانيا، وبالمناسبة أنا لا أجلس إلا للمباريات القوية، ومع فارق القوة بين المنتخبين الجزائري والألماني في ذلك الوقت كنت أظن مثل بقية جماهير العالم أن النتيجة محسومة سلفا وبفارق عريض لصالح الألمان، لكني كنت مضطرا لمشاهدة اللقاء من باب أن فريقا عربيا يخوض المنافسة، ومع مرور عشر دقائق من انطلاق المباراة أدركت أن الجزائريين قادرون على فعل شيء قد يكون مفاجأة، وبالفعل انتصروا وهز العالم انتصارهم، كان يوما جميلا من أيام حياتي، وزادت طموحاتي وآمالي لدرجة أنني تمنيت بمشروعية حصول الجزائر على كأس العالم، نظرا لأنه لم يكن وقتها أقوى من ألمانيا، لكن ما حدث بعد ذلك أرجع خيبة أملي من المعايير التي تصر على حرمان العرب من أي انتصار حتى ولو كان رياضيا، لكن منذ ذلك التاريخ أصبحت من عشاق كرة القدم الجزائرية، ومن أشد المولعين بمهارات وخفة اللاعبين الجزائريين". * وبسؤاله عن توقعاته لنتيجة اللقاء بين منتخب بلاده والجزائر في السابع من جوان المقبل في إطار التصفيات المؤهلة لكأس العالم بجنوب إفريقيا، رد الشريف بذكاء ودعابة فكاهية: "أنت عايز تورطني والا إيه؟"، مستطردا: "أنا أحب فريق بلادي وأتمنى مثل 75 مليون مصري أن تصل مصر لنهائيات كأس العالم، فقد طال اشتياق المصريين لهذا الأمل، لكن أتمنى أيضا أن يقترن الحلم بالنتائج على الأرض، وأرجو أن يكون صاحب هذا التمثيل قادرا على المواصلة، ليس الوصول ثم الخروج من الدور الأول، فالتأهل بداية مشوار وليست نهايته، لذلك أتمنى أن يصعد الفريق الأقوى القادر على تمثيل العرب تمثيلا مشرفا، فعلا أتمنى أن يفعلها المنتخب المصري، وان لم يكن هو فأرجو من المنتخب الجزائري أن يعيدها ويصحح ما ضاع في 82".