دعا مسؤولون سابقون في الجيش وأجهزة الأمن الإسرائيلية إلى إجراء حوار غير مباشر مع حركة حماس الفلسطينية وأعلنوا عن رفضهم فكرة شن عملية عسكرية واسعة ضدها في قطاع غزة. وجاء هذا الموقف في عريضة وقعها هؤلاء وسلمت إلى رئيس الحكومة ايهود اولمرت ووزيري الدفاع ايهود باراك والخارجية تسيبي ليفني. * وبين موقعي العريضة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" افراييم هاليفي ورئيس الأركان السابق امنون ليبكين شاحاك والقائد السابق للمنطقة العسكرية التي تشمل قطاع غزة الجنرال الاحتياط شمويل زكاي. وانضم إلى هذه المبادرة النائب اليساري يوسي بيلين من حزب ميريتس. وعبر الموقعون على العريضة عن معارضتهم لعملية عسكرية واسعة في غزة، مؤكدين أن "عملية عسكرية ستقضي على الأمل في إبرام أي وقف لإطلاق النار وستؤدي إلى خسائر جسيمة للجانبين". واعترف الموقعون كذلك بأن إنهاء نظام حماس في غزة "ليس هدفا واقعيا وبأن إعادة فتح إلى السلطة بفضل العصا الإسرائيلية أمر غير مرغوب فيه"، وجاءت هذه العريضة في الوقت الذي أكد رئيس الوزراء ايهود اولمرت أمس أن إسرائيل ستتخذ "قريبا جدا" قرارا يتعلق بقطاع غزة وإطلاق الصواريخ من هذه المنطقة. ودعا عدد من الوزراء في الحكومة الأمنية الإسرائيلية خلال الأيام الأخيرة إلى "كسر حماس" في عملية عسكرية واسعة النطاق في القطاع. * ولا تمانع حماس من جهتها في وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل وقد أرسلت وفدا الجمعة إلى مصر من اجل إجراء جولة جديدة من المفاوضات مع الوسطاء المصريين بهدف التوصل إلى هدنة مع إسرائيل.. ولكن حماس تأمل في أن يكون المقابل هو رفع الحصار الذي تفرضه الدولة العبرية على غزة وإعادة فتح المعابر لا سيما معبر رفح عند الحدود مع مصر.. ويطالب الإسرائيليون بمحاورة حركة حماس في الوقت الذي فشل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في انتزاع أي التزام من طرف الرئيس الأمريكي جورج بوش خلال زيارته إلى المنطقة. * فقد اعترف عباس أمس للصحفيين في شرم الشيخ بأن الفلسطينيين غاضبون من خطاب بوش أمام الكنيست الإسرائيلي الخميس الماضي. وقال عباس أن خطاب بوش الذي أعلن فيه دعمه لإسرائيل ولم يتحدث سوى عن دولة فلسطينية على المدى البعيد، "أغضبنا ولم يرضنا وهذا هو موقفنا بمنتهى الصراحة ولنا على الخطاب ملاحظات كثيرة". وكشف مستشار عباس، نبيل أبو ردينة السبت بعد لقاء بوش وعباس عن إحباط فلسطيني كبير خصوصا بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي انه يأمل في "تحديد شكل الدولة الفلسطينية قبل نهاية العام"، وقال أبو ردينة "قلنا لبوش أن الوقت يجري وأننا لم نغلق اي ملف من ملفات الوضع النهائي الستة وان ما نتطلع إليه ليس فقط تحديد لشكل الدولة ولكننا نريد البدء في تطبيق اتفاق يقود إلى دولة. إن تحديد الدولة أمر جيد، لكنه ليس كافيا". * وقد عبر الرئيس المصري في خطابه أمام المنتدى الاقتصادي الدولي حول الشرق الأوسط الذي احتضنته شرم الشيخ عن الإحباط الذي أصاب السلطة الفلسطينية وحلفائها العرب بقوله أنه "يخطئ من يتصور أن أحدا يمكنه أن يوفر غطاء لاتفاق لا يحقق المطالب الفلسطينية"، في إشارة إلى أن الدول العربية لن تعطي مثل هذا الغطاء. وأضاف مبارك قائلا: أن العالم كله يجب أن يدرك أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس "بحاجة إلى اتفاق يلبي مطالب الشعب الفلسطيني ويضمن حقوقه". وفي نفس السياق، كشف مسؤول دبلوماسي أوروبي كبير أن الإدارة الأمريكية تراجعت عن لعب دور في المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وهي غير معنية بممارسة ضغوط على إسرائيل أو التصادم معها، وأنها أبقت لإسرائيل حرية اتخاذ ما تراه من مواقف تخدم سياساتها وأمنها ومصالحها. *
*
* هل تخلى بوش عن دعم السنيورة والحريري؟ *
* شطب الرئيس الأمريكي جورج بوش اسم رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة من أجندته خلال الجولة التي قادته إلى المنطقة في الوقت الذي تواجه فيه هذه الحكومة وفريق الموالاة الذي يتحالف معها وضعا لا تحسد عليه منذ أن حقق حزب الله انتصارا عسكريا خلال الأحداث التي عرفتها العاصمة بيروت في الخامس من الشهر الجاري. * وكان من المقرر أن يجري بوش محادثات مع السنيورة في شرم الشيخ بمصر في سياق المنتدى الاقتصادي للشرق الأوسط.. ولكن اتضح أن جدول الأعمال الأسبوعي للرئيس الأمريكي الذي وزع الجمعة الماضي في الرياض لم يشر إلى اي لقاء مع السنيورة المتواجد في الدوحة. * ويبدو أن الرئيس بوش الذي يستعد لمغادرة البيت الأبيض ب"انتصار ما" قد بدأ يتخلى عن حلفائه اللبنانيين وأولهم فؤاد السنيورة معاقبة لهم على عجزهم عن مواجهة القدرة العسكرية لحزب الله وأيضا عن مواجهة الحسابات السياسية لفريق المعارضة الذي يضم حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر بزعامة العماد ميشال سليمان وبعض الأحزاب الأخرى. * ومن الواضح أن المعارضة لم تنجح فقط في إسقاط الحسابات الخاطئة للموالاة أو ما يعرف بفريق الرابع عشر من آذار، وإنما نجحت أيضا في فرض الشروط التي وضعتها منذ البداية لتحقيق الانفراج في الأزمة اللبنانية، وهي: ضرورة وضع قانون الانتخاب وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وهي النقاط الأساسية التي يجري بحثها على قدم وساق خلال جلسات الحوار التي تحتضنها العاصمة القطرية الدوحة منذ الجمعة الماضي، بينما يبقى موضوع سلاح المقاومة خارج النقاش مثلما أكدت ذلك الجلسات أمس الأحد. * وإذا ما نجح الفرقاء اللبنانيون في الدوحة في تلبية مطالب المعارضة، فستكون النتيجة قلب المعادلة في الساحة اللبنانية والمنطقة عموما، حيث سيكون لحزب الله وحلفائه كلمتهم في صناعة القرار اللبناني وبالتالي سيكون سلاح المقاومة في مأمن، بالإضافة إلى أن سوريا وإيران اللذان يدعمان حزب الله سيكون وضعهما أفضل مما هو عليه الآن. * وقلب المعادلة بهذا الشكل تعني من جهة أخرى فشل المشروع الأمريكي في لبنان بعد فشله في العراق وفلسطين.. كما تعني كذلك فشل مصر والسعودية في جر هذا البلد إلى صفهما من خلال الحفاظ على حكومة مناوئة لكل من سوريا وإيران. * ويرى مراقبون أن الإدارة الأمريكية الحالية وحلفائها في المنطقة العربية قد سلموا بالأمر الواقع في لبنان ولو إلى حين وقبلوا بأن تأخذ قطر، البلد الصغير، زمام المبادرة في حل الأزمة بدلا عنهم، لأنهم عجزوا عن حلحلة الموقف وجلب الأمن والاستقرار للشعب اللبناني المتعطش إلى ذلك بعد سنوات الحرب الأهلية المريرة.. وحتى فؤاد السنيورة وحلفائه في فريق الرابع عشر من أذار أصبحوا يدركون بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها بلادهم أن الانجرار وراء مطالب واشنطن وحلفائها ورفض مطالب المعارضة سيجعلهم يدفعون الثمن غاليا على مستوى الداخل اللبناني. * ولا شك أن الرئيس الأمريكي المهزوم على كل الجبهات سيسعى في أيامه الأخيرة وقبل أن يترك منصبه لخليفته إلى مقاومة هزيمته في كل من لبنان والعراق وفلسطين عبر اللعب على وتر الانقسامات العربية العربية لزرع المزيد من الفتنة والتشرذم بين الدول العربية من جهة وبينها وبين إيران من جهة أخرى المتهمة بالسعي إلى السيطرة على لبنان مثلما تفعل في العراق، وهو ما عكسه خطابه أمس الأحد في شرم الشيخ المصرية، حيث دعا جميع دول الشرق الأوسط إلى مواجهة حماس وعزل إيران وسوريا.