باتت كل مؤشرات الوضع العام في قطاع غزة وإسرائيل توحي بقرب موعد اتخاذ حكومة الاحتلال لقرارها القاضي بشن اوسع هجوم عسكري ضد الفلسطينيين مع كل التبعات المأساوية التي ستنجر عنه على هؤلاء والبنى التحتية الفلسطينية او ما تبقى منها في قطاع غزة. وينتظر أن يجتمع اعضاء مجلس الامن الاسرائيلي وهو اعلى هيئة لصناعة القرار داخل ادارة الاحتلال اليوم الاربعاء لاتخاذ القرار النهائي بخصوص هذه الهجمات التي ما انفكت تختمر منذ عدة اسابيع لدى السلطات الاسرائيلية بدعوى حسم الامور مع المقاومة الاسلامية في هذا الجزء من الاراضي الفلسطينية. وكان الوزير الاول الاسرائيلي ايهود اولمرت اجرى امس مشاورات مكثفة مع وزيري الدفاع ايهود باراك ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني لبحث الخيارات المطروحة على الطاولة بخصوص كيفية التعاطي مع صواريخ فصائل المقاومة. وتسارعت مؤشرات التوجه الاسرائيلي لاستعمال القوة العسكرية ضد سكان قطاع غزة بعد نشر الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط الاسير لدى حركة حماس منذ شهر جوان من سنة 2006 رسالة استعطاف طالب من خلالها حكومة الاحتلال بالمسارعة الى التفاوض لاطلاق سراحه بعد ان تدهورت حالته الصحية. ولكن اموس جيلاد المسؤول السامي بوزارة الدفاع الاسرائيلية نفى ان تكون العملية العسكرية المطروحة كخيار للتعامل مع قطاع غزة املتها الرسالة التي سربتها عائلة الجندي الاسير وزعم بالقول انه يتعين على حركة حماس ان تتفادى الدخول في مواجهة عسكرية واسعة النطاق مع قوات الاحتلال. ويتأكد من يوم لآخر أن ادارة الاحتلال لاترغب ابدا في تحقيق السلام مع الفلسطينيين ولا حتى التوصل الى هدنة ظرفية مع فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بعد ان اصبحت رهينة منطق القوة الذي يحكم وجودها. وتأتي هذه التأكيدات العدوانية لتبطل كل الوعود التي رفعها الرئسي السينغالي عبد اللاي واد الذي اكد اول امس ان الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني سيدخلان في هدنة ووقف لاطلاق النار ولكنها وعود دحضتها الاستعدادات العسكرية الاسرائيلية الاخيرة والقادمة. وكان الوزير الاول الاسرائيلي ايهود اولمرت شرع منذ امس في مشاورات مكثفة مع دوائر صنع القرار في ادارة الاحتلال وخاصة مع مسؤولي الاجهزة الامنية المختلفة والدفاع من اجل ضبط استراتيجية لشن هذه العملية العسكرية ضد قطاع غزة تحت غطاء الرد على عمليات اطلاق صواريخ القسام ضد المستوطنات اليهودية في جنوبفلسطينالمحتلة. وقال مارك رغيف الناطق باسم الوزير الاول الاسرائيلي أن الوضع الحالي لا يمكن ان يطول وأن اولمرت يقوم بدراسة كل الخيارات المطروحة من اجل التعامل مع الاوضاع في قطاع غزة بما فيها بديل القوة العسكرية. وتقاطعت تصريحات الناطق باسم اولمرت مع تصريحا ت اخرى لوزراء في حكومة هذا الاخير الذين اكدوا أن الامر تمت مناقشته خلال الاجتماع الاسبوعي للحكومة الاحد الاخير. وذهب وزير الامن الداخلي دافيد ديشتر الى حد انتقاد الفكرة الداعية الى اقامة هدنة مع فصائل المقاومة الفلسطينية وقال ان الهدف الاستراتيجي لاسرائيل يجب ان يبقى هو ذاته دون تغيير "تدمير حركة حماس" وشن حرب استنزاف ضدها في جنوب اسرائيل بهدف اضعافها التدريجي. وكان الوزير في حكومة الاحتلال يشير الى عمليات الاغتيال والمداهمات والاعتداءات المتكررة ضد الفلسطينين بدعوى محاربة عناصر ا لاجنحة المسلحة لمختلف الفصائل الفلسطينية. وتزامنت تصريحات هذا الوزير الاسرائيلي مع اغتيال قوة اسرائيلية لثلاثة مقاومين فلسطينيين في قطاع غزة في قصف مدفعي استهدفهم صباح امس عند معبر كارني شرق مدينة غزة. وكانت كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة المقاومة الاسلامية حماس اكدت ان عناصرها اطلقوا 18 قذيفة صاروخية على مستوطنات يهودية دون ان تخلف قتلى في صفوف المستوطنين اليهود. وجاء خيار القوة الذي اصبحت تلوح به ادارة الاحتلال بعد أن عمدت الى افشال كل المساعي التفاوضية للتوصل الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين ولا حتى التوصل الى هدنة مع فصائل المقاومة في قطاع غزة رغم إلحاح الطرف الفلسطيني والوساطات المصرية التي سعت من اجل اقناع ادارة الاحتلال بالتوقيع على هدنة تشمل قطاع غزة في مرحلة اولى والضفة الغربية لاحقا. وتأكد بعدها أن ايهود اولمرت كان يلعب ورقة ربح الوقت بعد الفضيحة الاخلاقية التي طالته وبعد أن فقد سلطة اتخاذ القرارات الحاسمة في هرم ادارة الاحتلال التي اصبحت بشك لفعلي بين وزير الدفاع المتطرف ايهود باراك وغريمه السياسي الذي ما انفك يطالب برحيله ويدعو الى انتخابات مسبقة.