بعض السياسيين والمتحزبين وأشباه المناضلين في هذا البلد لا يعترفون أن انقراضهم أو ذهابهم فجأة أو سقوطهم تحت رماح حركة تصحيحية أو انقلابية، يعتبر انجازا كبيرا وخدمة جليلة لهذا الشعب وللأمة جمعاء؟ * * وفي مقدمة هؤلاء، أصحاب هواية الترشح للانتخابات، الحاصلون على دبلوم جمع التوقيعات، الممتهنون لوظيفة أرانب انتخابية، سواء كانت نحيفة مثل رباعين وشلبية محجوبي، أو سمينة مثل جاب الله وحمروش؟ * فمن منا يتذكر الآن مثلا الشيخ عبد الله جاب الله، أو أحمد طالب الإبراهيمي، أو فوزي رباعين خارج الحركة التصحيحية؟ أين ذهب هؤلاء؟ لماذا صاموا عن الممارسة السياسية وأصبحوا مثل الزلابية لا يظهرون إلا في المناسبات؟ ألا يتحملون جزءا من مسؤولية تردي الأوضاع السياسية والحزبية وانكماش المعارضة وانقراض جميع التيارات في البلاد؟ * أليس للحركة التصحيحية في عهد 54 مثلا فضل كبير على رباعين نفسه؟ فهذا الأخير، أصبح ذكره في الصحافة الوطنية، وللمرة الأولى تقريبا، يتم خارج أوقات الحملة الانتخابية والرئاسيات والتشريعيات، على عكس ما جرت عليه العادة والعوايد في السنوات الماضية، حين كان لا يُذكر ولا يُؤمر ولا يُزّمر إلا وهو يرتدي عباءة المترشح، حتى وان تجاوز حدوده في بعض المرات، وقفز فوق تلك الخطوط المسموحة له والمرسومة، ومن ذلك قوله مثلا في الرئاسيات الأخيرة، أن الشخصيات المشاركة ضده "مجرد مترشحين"، في تأكيد منه على أن "المنافس الوحيد له في الرئاسيات هو رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة"؟! * هكذا بعبارة واحدة، تحول أرنب الرئاسيات إلى معارض كبير وسياسي متجذر، لا يعترف إلا بالرئيس منافسا له والبقية مجرد مترشحين، لا علاقة لهم بالسياسة ولا بممارسة النجاسة؟ * من قال أن جميع الحركات التصحيحية داخل الأحزاب "انقلابية تآمرية خبيثة"؟ أليس الزعماء المتشبثون بمقاعدهم داخل الأحزاب انقلابيون أيضا، ومتآمرون بالفطرة، وخبثاء أحيانا؟ أليسوا أكثر تخبطا وتبلطا وتبلعطا وتلخبطا من النظام الذي ينتقدونه؟ إلى متى سيستمر هذا التبلعيط السياسي، مرة باسم الوطن، ومرة أخرى باسم الدين، ومرة ثالثة باسم الشعب؟! * أين سار من يسمون أنفسهم رموز المعارضة التقليدية؟ ألم يفقدوا بوصلتهم السياسية منذ أن عجزوا عن العودة إلى أحزابهم وقواعدهم النضالية وضاعت مواقفهم القوية، فتحول أكثرهم من صورة الزعيم الأوحد والأول والأكبر، إلى نموذج المؤسسة المحلة التي لا تقوم لها قائمة إلا عشية المواعيد الانتخابية الظرفية؟!