تصوير الشروق تجدّدت، أمس، أعمال الشغب والتخريب في عدة شوارع رئيسية بمدينة وهران مخلفة عدة خسائر مادية وجرحى في وسط أنصار فريق المولودية الغاضبين على سقوط فريقهم إلى القسم الوطني الثاني بعد التعثر في الشلف، وقد تحولت شوارع العربي بن مهيدي والمدينةالجديدة، سان بيار، البركي وشارع سيدي الشحمي إلى خراب بعدما امتدت أيادي المحتجين في الشارع إلى كثير من اللافتات والمرافق العمومية. * *عمليات سرقة تطال البنوك والمحلات وإحراق أكثر من 100 سيارة * * * حالة من الغضب والهيجان الشعبي المترافق مع فلتان في الشارع، تلك هي الصورة التي استيقظت عليها عاصمة غرب البلاد يوم أمس بعدما كانت قد أمضت ليلا مليئا بالقلق والخوف من الفوضى الناجمة عن الرشق بالحجارة وأيضا بسبب الصخب الذي صنعته أصوات الغضب المتعالية من حناجر المحتجين من أنصار "الحمراوة" على سقوط المولودية. * وقد كانت بداية أعمال الشغب أمس، مثلما وقع في الساعات المتأخرة من يوم الاثنين عبر شارع العربي بن مهيدي، أو الشريان النابض لوهران، حيث قام عشرات الأنصار فيه بحرق عجلات مطاطية لقطع الطريق الرئيسية، ثم أتبعوها بإرغام أصحاب المحلات على الغلق، وهو ما تم فعلا حيث تحولت وهران إلى مدينة أشباح، علما أن الخسائر وحتى منتصف أمس كانت حرق أكثر من 140 سيارة أو إتلافها، إضافة إلى بعض حافلات النقل الجماعي بوسط المدينة. * وهو ما أثار استياء واسعا لدى كثير من المواطنين الذين تساءلوا عن سبب إتلاف أملاك خاصة لمواطنين عاديين وأيضا مرافق عمومية تهم السكان جميعا وبدون استثناء، كما وصلت حصيلة الجرحى الى 60 شخصا معظمهم أفراد قوات مكافحة الشغب، في حين تم توقيف 40 شخصا ولا تزال القائمة مفتوحة بحسب مصدر أمني أوضح للشروق أنه أعطى تعليمات لأعوانه بالتعقل حتى لا يقع المحظور. * وفي حدود الساعة الحادية عشر صباحا أمس، قام بعض المحتجين وفي تطور خطير بمهاجمة مقر مجلس قضاء وهران، وأيضا مقر الدرك الوطني المقابل له بوسط المدينة، حيث قاموا برشقه بالحجارة الأمر الذي استلزم تدخل عناصر الدرك، لكن بحجم أقل من الأمن وقوات مكافحة الشغب التي ملأت كل شوارع المدينة وأزقتها. * كما تصادمت مع عشرات المحتجين في شارع سيدي الشحمي، حيث تم تخريب بنك الخليج الجزائر بالكامل من طرف بعض المشاغبين ومعظمهم من القصّر، إضافة إلى السطو على أجهزة الكمبيوتر والكراسي ورمي جميع ملفات زبائنه، علما أن هذا المقر تم تدشينه قبل 3 أشهر فقط. وقد رفع المشاغبون شعارات تدعو إلى حفظ كرامة مولودية وهران، لكنها انقلبت فيما بعد إلى شعارات تدعو إلى التحريض السياسي وإن كانت مغلفة بطابع اجتماعي. * حيث نقل لنا شهود عيان في حي "تيريقو" الشعبي مثلا قيام مواطنين برفع علب الزيت الفارغة للتعبير عن غضبهم من لهيب الأسعار إضافة إلى تمجيد بعض العمليات التخريبية، وهي كلها أمور تعبر عن فلتان الشارع وعدم تحكمه في رمزية الاحتجاج، حيث ينتقل بسلاسة من الغضب على مقابلة رياضية إلى التعبير عن حالة غضب على كل الأوضاع. * جباري يفر بجلده وعائلته نحو وجهة مجهولة وممتلكاته تتعرض للتخريب * * بعد أعمال الشغب والتخريب لم يجد رئيس فريق المولودية الوهرانية من سبيل لتفادي الأسوأ المنتظر سوى الفرار رفقة عائلته إلى مكان مجهول تاركا وراءه كل الممتلكات باعتباره المسؤول الأول عن سقوط الحمراوة، ومن بين الممتلكات التي لحقت بها أضرار جسيمة هي إقامة جباري وأيضا مقرين لجريدتي "صدى وهران" الناطقتين باللغة الفرنسية والعربية بالبركي، وفيلا جباري بعين الترك، فقام الغاضبون بتكسير نوافذها ليقوم رجال الأمن في الأخير بحمايتها وتفريق المشاغبين. * عاش أنصار مولودية وهران الذين تنقلوا بأعداد كبيرة لمناصرة فريقهم في لقائه مع أولمبي الشلف ليلة سوداء قضوها بين المستشفيات ومطاردات أنصار الأولمبي لهم في كل شبر من مدينة الشلف، فقد تعرضوا حسب مصادر عاشت الويل والجحيم هناك للضرب بمضارب »البسبول« وكذا تعرض العشرات منهم لطعنات بالأسلحة البيضاء، وأضحت أرصفة المدينة ملطخة بدماء الحمراوة، حتى السيارات لم تسلم، فقد حرق وخرب كل شيء يحمل ترقيم ولاية وهران. * وأضافت نفس المصادر أن حلم الأنصار البقاء ضمن حظيرة الكبار تحول إلى كابوس مرعب بمجرد إعلان الحكم »بن باقة« نهاية المقابلة وبذلك سقوط المولودية الوهرانية، فالشلفاوة رشقوا المدرجات بالحجارة من الحجم الكبير من خارج ملعب بومزراڤ مما تسبب في إصابات بليغة للأنصار معظمها على مستوى الرأس، وأضحى الخروج من الملعب والمدينة مغامرة غير محسوبة العواقب، وتحدثت أطراف أخرى عن وقوع 3 قتلى في انتظار تأكيد ذلك، ومعظم المتنقلين إلى الشلف قضوا ليلتهم بين أزقة واد أرهيو وغليزان ومستغانم. * * مسؤولو المولودية داخل الجحور والحصيرة في حالة الطوارئ * * نفس الوضع حدث لمسؤولي المولودية وكذا اللاعبين الذين تمكنوا من العودة إلى الديار بحلول الساعات الأولى للفجر واختبؤوا داخل بيوتهم، كما قاموا بإغلاق هواتفهم النقالة لتجنب تلقي المكالمات، فمحاولات الاتصال بشريف الوزاني كلها باءت بالفشل، ونفس الشيء لجباري وكريمو حساني وبن ميمون واللاعبين حنيستار وبوعزة وكشاملي وسباح وغيرهم. * الأنصار الغاضبون أرادوا تحطيم ممتلكات كل المحسوبين على جماعة الحصيرة، وعلى رأسهم بديار وبلعباس، لولا تدخل الأمن وبعض العقلاء لتهدئة الأمور، إذ اتهم هؤلاء الحصيرة بضلوعها المباشر في إسقاط المولودية للقسم الثاني وتوعدها بشتى أنواع التهديدات. * * جباري يصرح: "نقص الأمن والحكم بن باقة وراء سقوط الحمراوة" * * صرح يوسف جباري رئيس فريق مولودية وهران الساقط إلى القسم الثاني أن حكم مقابلة الحمراوة مع الشلف بن باقة يتحمل المسؤولية كاملة عن مهزلة السقوط بسبب عدم احتسابه للوقت الضائع، إضافة إلى غياب الأمن الكافي بحجم المقابلة المهمة والذي سمح بوقوع عدة ثغرات أهمها اقتحام الأنصار المحليين للملعب أكثر من مرة وأيضا رجم لاعبي المولودية بالحجارة... * جباري قال بصريح العبارة "لقد ظننت للوهلة الأولى أننا نلعب مصيرنا في فلسطين وليس في الشلف"، والأمر ذاته كان بالنسبة للمدرب شريف الوزاني الذي صرح أنه عاش أسوأ يوم في حياته الرياضية بسبب ما وقع في ملعب بومرزاق، ناهيك عن تعرضه لإهانة مباشرة شاهدها كل الجزائريين على الشاشة عندما تعرض للضرب من اللاعب الزاوي. وهو الأمر الذي لم يكن مبررا ولا مقبولا خصوصا أن سي الطاهر لم يفعل شيئا سوى أنه عبّر عن فرحته للهدف الأول الذي أمضاه الحمراوة. * يوسف جباري الذي سيدخل التاريخ من أضيق أبوابه لأنه الرئيس الأول الذي أسقط المولودية منذ تأسيسها قبل 43 سنة، ناهيك على أنه أسسّ تاريخا جديدا للفريق يرتبط أكثر بمعاناتها في الحضيض بالبطولة الوطنية ولعب الأدوار السفلى، يواجه اليوم أصعب امتحان أمامه حيث تأكد أنه لن يتسلم مرة أخرى مسؤولية الفريق، كما منح لخصومه كل المبررات المنطقية لإسقاطه. في حين قال عديد من الأنصار أن كل الأعذار التي قدمها جباري في الشلف وأيضا في وهران لم تعد تنفع ولا تقنع حتى أصغر العارفين بشؤون الحمراوة. * * إدارة المولودية تقدم احترازا على أحد لاعبي الشلف * * مباشرة عقب التأكد من سقوط فريق مولودية وهران إلى القسم الثاني وانطلاق أحداث الشغب بعاصمة غرب البلاد وعبر شوارعها الرئيسية، عمّت كثيرا من الشائعات الشارع الكروي بوهران، بدايتها كانت بسبب تأكيد الرئيس يوسف جباري أنه سيقدم تقريرا مفصلا للرابطة الوطنية يشرح فيه ما تعرض له الفريق من مضايقات بملعب بومزراق، وأيضا لمحاولة الظفر بنقاط المواجهة على الورق وباستعمال عاملي العنف وعدم احتساب الحكم لثماني دقائق من الوقت الضائع بسبب اقتحام الأنصار لأرضية الميدان. * أما الأمر الآخر فلم يتأكد بعد لكن معلومات موثوقة للشروق أشارت أن المولودية ستقدم احترازا حول أحد لاعبي الشلف المعاقبين والذي تم إشراكه في المقابلة بطريقة غير قانونية مما يعني كسب المولودية لنقاط المقابلة. لكن هذه الأخبار المتداولة بكثرة في الشارع الوهراني يفسرها بعض الأشخاص بمحاولة طمأنة الحمراوة وتخفيف الضغط على الشارع بسبب العنف الذي تفجر عقب السقوط، في الوقت الذي أضحى فيه كثير من مناصري المولودية يأملون في تغيير القانون والإبقاء على الفريق ضمن حظيرة الكبار، لأن المولودية تستحق ذلك حسب ما يقوله كثير من الأنصار. وقد علمت الشروق أن يوسف جباري اجتمع أمس مع مسؤولين في الرابطة وبعض الجهات التي تملك ملف اللاعب المعاقب من أجل تسوية أمر السقوط؟!