عائلات حائرة في ملء قفة واحدة طوال أسبوع أسواق الشمال في ظل انعدام الإنتاج الفلاحي المحلي رغم توفر الأرض الخصبة ووفرة المياه الجوفية، وأعطت تجارب بعض الخواص نتائج باهرة، خاصة في زراعة القمح والخضروات، لكنها لم تستمر. * عرفت أسواق مدينة عين صالح في الأيام الأخيرة عقب عطلة عيد الفطر ندرة حادة في الخضر والفواكه بسبب أن جل استهلاك المدينة من الخضر يجلب من وبذلك تدهور القطاع الفلاحي منذ سنوات وأهملت الأراضي وهجر الفلاح أرضه والنتيجة انه لو تأخرت شاحنات الشمال يوما عن النزول إلى الأسواق يقع الفأس في الرأس بسبب أزمة تموين، وهي نفس الملاحظة المسجلة في ولاية ورقلة رغم أنها عاصمة للواحات، حيث تأكل مما لا تنتج وتلبس مما لا تنسج كما يقال. * هذا وعرفت الأسعار مستويات جنونية في أسواق الجنوب عموما منها غرداية، إليزي، وحتى الوادي المعروفة مؤخرا بإنتاجها المحلي كالبطاطا، حيث وصلت الأثمان إلى 80 دج للبطاطا مثلا و100دج للطماطم، كما بلغ سعر البصل 70دج، وارتفعت السلطة إلى 80دج، ناهيك عن بقية المواد الغذائية منها السكر، الزيت، البن، كما شوهدت طاولات السوق خاوية على عروشها مما أحدث أزمة تموين نظرا لعدم الاكتفاء الذاتي، وبدأ الجميع يلهث عبر الأسواق المحلية من أجل ملء قفة واحدة وهو ما شوهد في أكثر من موقع تجاري. * وتعد عين صالح بولاية تنمراست على سبيل المثال في السابق من بين الدوائر المكتفية ذاتيا، خاصة بالبصل والطماطم والخس، حيث كانت تمول غالبية الجهات الجنوبية، غير أنها أصبحت في خبر كان وانقلبت الأمور رأسا على عقب وصار قوت اليوم الواحد يجلب من أراضي تيارت، معسكر، الجلفة وغيرها. بالرغم من الملايير التي درت على برنامج الدعم الفلاحي، وما قيل عن استصلاح آلاف الهكتارات وحفر الآبار، لكن الإنتاج الفلاحي تراجع بشكل مذهل حتى القرى الفلاحية المعهودة مثل جواليل والسهلة الغربية قلّت محاصيلها الزراعية مقارنة عما كانت عليه في الماضي. * وأرجع الفلاحون دواعي ذلك إلى نقص دعم وعدم تشجيع للفلاح وغلاء تكاليف السقي بواسطة المضخات في ظل استعمال الكهرباء والإهمال الذي طال الآبار التقليدية كالفقارات بسبب غياب الترميم وعدم استعمال الوسائل الحديثة في الزراعة، وغلاء الأسمدة فضلا عن رفض البنوك منح القروض، حيث تحتم على الفلاحين الاعتماد الكلي على أنفسهم فصار الفلاح يدفع الأموال من ماله الخاص بغية تسديد فواتير كهرباء أو شراء المبيدات وأصبح هدفه الوحيد الحفاظ على واحات النخيل. ويرفض الشباب العمل في القطاع الفلاحي لشدة الأعمال الشاقة وضعف المردود المالي. * ويتوقع الفلاحون انخفاض منتوج التمور أيضا الموسم الجاري بسبب موجة الحر التي شهدتها المنطقة وهبوب الرياح القوية وحالة الجفاف وكذلك تفشي مرض "البيوض" و"البوفروة" قبيل أيام عن موسم جني أهم ثروة بواحات الجنوب الكبير. فإلى متى يستمر هذا النزيف.