عاد مؤخرا المدير السابق للمكتبة الوطنية أمين الزاوي للواجهة الأدبية بتوقيع روايته الأخيرة على هامش المعرض الدولي للكتاب في طبعته الأخيرة، روايته التي وسمها »غرفة العذراء المدنسة« والتي ذكرت القراء بروايته الأخيرة التي صدرت العام الماضي »وليمة الأكاذيب«، واستقبلت استقبالا إعلاميا ونقديا كبيرا في باريس لكنها استبعدت من سباق الجوائز. الشروق التقت الروائي على هامش جلسة البيع بالتوقيع التي نشطها بجناح منشورات البرزخ، أين عاد لأسباب الحصار الذي عانى منه مؤخرا في باريس وكذلك تحدث عن روايته »شارع إبليس« التي دخل بها سباق البوكر العربية من بيروت. شارع إبليس وغرفة العذراء المدنسة عناوين صادمة هل تراهن كثيرا على العنوان للدخول إلى بيت القراء؟ يجب على الكاتب أن يكون ذكيا في نحت عناوين رواياته وكتبه لأن العنوان يجب أن يكون إضافة للنص ولأن الرواية تبدأ من الغلاف والكلمة الأولى، ويجب أن يكون العنوان صورة مختصرة ومكثفة عن الرواية وأعتقد أن أغلب عناوين رواياتي فيها اشتغال، و»غرفة العذراء« عنوان اخترته في آخر لحظة، فقد سبق وأن أعلنت عن اسميها »عسس السرير«، ولكن في نهاية المطاف وفي آخر لحظة غيرت العنوان، لأن العذرية شيء يخافه الجميع ويبحث عنه الجميع ويريد أن يكسره الجميع ويحافظ عليه الجميع، فهو رمز لأشياء مثيرة كالشرف والدم والخيانة وكل الظلال التي تضيف للنص شيئا، وأنا قد طرحت عدة أبعاد عن مفهوم العذرية بمفهومه الواسع في الحياة السياسية ومن بين ما ذكرت الإشارة إلى ما كان يحدث في أوساط الجماعات المسلحة. في الرواية ربطت كل العناصر السابقة التي تحدثت عنها بالمرأة، كما أن النساء يشكلن أكثر جمهورك اليوم. هل تعتبر نفسك كاتب المرأة؟ نعم أعتبر نفسي كاتب المرأة، فتقريبا كل رواياتي تشتغل على قضاياها منذ رواياتي »الخنوع« و»صهيل الجسد«، وأعتقد في رأيي أن المرأة هي تمثل التوازن والاختلال الاجتماعي، كما أن الذات بحاجة إلى علاقة صادقة مع المرأة، وإذا لم تكن هذه العلاقة صادقة يحدث حتما الاختلال وفي هذه الرواية كما في روايات سابقة اشتغال حول المرأة دون التفريق بين العناصر الأخرى للعمل مثل أحداث أكتوبر، المخدرات والمثلية الجنسية وهي أمور غير مطروقة من قبل. في الرواية فضح للممارسات التي كانت موجودة في أوساط الجماعات المسلحة. هل هي إرادة منك في فضخ خطاب إيديولوجي معين؟ أردت أن أمارس عملية فضح ثقافة النفاق المنتشرة اجتماعيا، ولم أرد أن أكتب رواية عن التطرف والإرهاب والاغتيالات، كما كتب من سبقوني في هذا الموضوع. كل هذه الأشياء لم تعد تثير في رغبة الكتابة، ولكن أردت عبر هذا العمل الكشف عن الطرف الآخر الخفي في حياة هذه الجماعات الإرهابية، وما كتبته في هذه الرواية حول الشواذ والمخدرات تم نقله من قبل الصحف في بعض التحقيقات فأعتقد أنه على الكاتب أن يذهب لأشياء الغير مستهلكة وأن يمشي في الطريق غير المعبدة إذا أراد أن يعبد طريقا في الكاتبة. وماذا عن »شارع إبليس« من هو إبليس الذي دخلت تبحث عنه؟ البعض لم يفهم جديا العنوان.. هو اسم شارع في العاصمة السعودية الرياض وهو شارع تباع فيه كل المنتجات التكنولوجية من أجهزة »البرابول« و»الفيديو« و»الهواتف النقالة«. أطلق عيه هذا الاسم لأنهم يقولون أنه »الباب الذي يدخل منه إبليس إلى البيوت العربية«، فأعجبتني الفكرة وتساءلت ما هو شارع إبليس عندنا فاكتشفت شوارع أبالسة كثيرة في الجزائر. رواية »غرفة العذراء« استقبلت في فرنسا نقديا وإعلاميا بشكل جيد جدا لكنها استبعدت من سباق الجوائز.. هل هو نوع من الحصار؟ أعتقد بأن الجوائز لعبة غير منطقية، وبكل تواضع لا أعتقد أن هناك رواية استقبلت مثلما استقبلت به روايتي إعلاميا على الأقل، لكن هناك ظروفا معينة وحسابات معينة وأنا لا أكتب رواية لإرضاء طرف من الأطراف وتعرفين ما حصل بيني وبين جريدة »لوموند« عن جاك دريدا. هل يعني هذا أنك محاصر من طرف دوائر معينة في باريس؟ لست محاصرا، لكن هناك نوع من التحفظ منذ تنظيمنا لملتقى عقدناه منذ سنتين بالمكتبة الوطنية عن جاك دريدا، وجاء فيه بأن دريدا كان مثقفا يقف إلى جانب القضية الفلسطينية، وأن بعض الدوائر الصهيونية في فرنسا وأوروبا عامة ضغطت عليه بسبب هذه المواقف، فهذا الحديث لم يرض بعض الأطراف وأنا مصر على ذلك. »شارع إبليس« أيضا دخلت سباق الجوائز من بيروت في »البوكر العربية«؟ تخيفني الجوائز العربية كما الجوائز الأروبية لأن الجوائز الأروبية لها حسابات سياسية واضحة أما الجوائز العربية فلها حسابات عشائرية وقطرية ولا تشتغل كثيرا على القيمة الأدبية وهذا رأيي الخاص، لأنني قرأت بعض الروايات الحائزة على »البوكر« واستمعت من بعض الأصدقاء الذين كانوا في اللجان أن هناك صراعات قطرية وعشائرية لمنح هذا الكاتب أو ذلك الجائزة. رواية »غرفة العذراء« استقبلت في الجزائر بشكل لافت، هل من مشاريع أخرى في الأفق؟ الرواية الآن مطلوبة حتى من المدن الداخلية وسأقوم بجولة في المكتبات لتنشيط حفلات البيع بالتوقيع، وهذا بعد عودتي من باريس التي سأطير إليها لذات السبب أي لتسويق الرواية، أعتقد أن القارئ الجزائري تجاوب مع هذا النص بناء على علاقته السابقة بنص »وليمة الأكاذيب« وسأكتب رواية باللغة العربية وسأشتغل عليها بمعدل ثمانية ساعات يوميا انطلاقا من موضوع كتب في »الشروق« وهو موضوع الثلاث شقراوات الفرنسيات اللواتي أسلمن في الجزائر.