كتب تجاوزها الزمن تشترى من مصر بالميزان وتباع في الجزائر بالدولار مناقصات مفبركة تتناسب مع ما هو متوفر من مراجع لا قيمة لها في مصر تحصلت "الشروق" على ملف فضيحة تكشف وثائقه بالدليل أساليب تحايل دور نشر مصرية لحصد الملايير من وراء الإغراق الحصري لمكتبات الجامعات الجزائرية ودور الثقافة في خمس ولايات من خلال المناقصات الدولية لتزويد المكتبات الجزائرية بمراجع محددة في دفاتر الشروط... * لكن في الواقع ليست سوى كتب تجاوزها الزمن يفوتر سعر الكتاب الواحد للجزائر من طرف دور النشر تلك وبالعملة الصعبة بما يزيد عن سعر الآلاف منها في مصر إلى درجة أنها تباع هناك في مصر في سوق الكتاب بالوزن، ويمكن لمن زاروا مكتبات جامعات تلك الولايات ومكتباتها البلدية ان يعرفوا إلى أي تاريخ يعود نشر تلك الكتب وما مدى مواكبتها للتقدم العلمي الرهيب. * ونجحت دور النشر تلك في الدخول بأحسن العروض للمناقصات المعلنة في الجزائر والتكيف مع دفاتر الشروط لتحوز على الصفقات بدون منافس ويبدأ بعدها مسلسل الربح السريع بالتحايل واستغلال ثقة مسؤولينا العمياء في "أشقائنا" المصريين واللعب على ثغرات دفاتر الشروط واستغلال تمييزهم عن باقي المستوردين الأجانب للاغتناء بالغش. * تكشف الملفات التي بحوزة "الشروق" مدى حسن نية مسؤولينا الذين أمنوا بالقومية العربية وتفضيل العرب على الغرب من خلال إتاحة كل الفرص للعرب قبل غيرهم للاستثمار في الجزائر ليس فقط في القطاعات الاقتصادية والتكنولوجيا بل حتى فيما تعلق بسوق الكتاب وليته فقط كانت كتب الأدب العربي والشعر لكنها أيضا كتب في مجالات البيولوجيا والزراعة والكيمياء والهندسة وغيرها من العلوم. * فبفضل امتيازات حظي بها المصريون على غرار باقي الأشقاء العرب في فرص الاستثمار في الجزائر تمكنت دور نشر مصرية من أخذ حصة الأسد، ما يعادل 40 في المائة من غلاف مقداره ألف مليار سنتيم مخصص لاقتناء الكتب العلمية والثقافية لمكتبات الجامعات ودور الثقافة ورست عليها مناقصات ضخمة بولايات مستغانمووهران والجلفة وعين الدفلى وتيزي وزو وباتنة وليتها- دور النشر المصرية - قدمت مقابل ما حصدته من أرباح لا يحلمون بها، كتبا تواكب العصر الحديث وتتلاءم والتطورات التكنولوجية والعلمية لأنها في الحقيقة حسبما بحوزة "الشروق" من وثائق وقوائم هي كتب تجاوزتها القفزة العلمية ودخلت متحف التاريخ وأصبحت لا تصلح سوى أن تكون ذكرى لماضي سحيق. * * المصريون جنوا الملايير خلال سنة من جامعة مستغانم لوحدها * وحسب وثائق المناقصة المتعلقة بتزويد المكتبة الجامعية لولاية مستغانم المعلن عنها سنة 2008، فقد عاد للمصريين من غلافها الإجمالي قيمة بقرابة 14 مليار سنتيم جنتها شركتا استيراد كتب المصريتين "الدار العالمية للكتاب" و"شركة الكتاب الحديث"، ومقابل ذلك استوردت من القاهرة كتب العلوم الطبيعية والحياة وقواميس الأدب وكتب اللغة الفرنسية وأخرى في مجال العلوم الطبيعية والحياة والعلوم التجارية وكلها كتب تجاوزها التطور العلمي من حيث المضمون بقرون. * وجنت الشركتان المصريتان الملايير ببيعها للجزائر كتبا أكل عليها الدهر وشرب، وأصبحت عبءا على مخازن دور نشر القاهرة، اقتنيت هناك كطرود كبيرة الحجم تتحدد قيمتها المالية الرمزية بوزنها وليس لقيمتها العلمية وترسل لتملأ رفوف مكتبات جامعة مستغانم ودور ثقافتها. * وفي صفقة أخرى على سبيل المثال لا الحصر حصدت الشركة المصرية "الدار العالمية للكتاب" قرابة 35 مليار سنتيم في صفقة حازت عليها إثر مناقصة اقتناء مديرية الثقافة لولاية مستغانم لمعدات وتجهيزات مكتبية ومراجع علمية في العلوم الإنسانية والطبيعية والاجتماعية والتاريخ، وكان لشركة مصرية أخرى في نفس المناقصة وهي "شركة المركز العالمي للكتاب" نصيبا لا يستهان فيه في نفس الصفقة وحصدت هي الأخرى قرابة 14 مليار سنتيم. * * شركات مصرية تستورد كتبا تتخصص في تأثيث المكتبات! * وحسب الوثائق التي بحوزة "الشروق" ففي ولاية وهران وحسب مضمون واحدة من عشرات الصفقات التي أبرمت مع جامعة وهران من قبل في ما يخص استيراد المراجع لمختلف التخصصات العلمية والانسانية والأدبية والتي لا تختلف عن التي ملأت رفوف مكتبات ودار الثقافة في مستغانم، ولم يبق تخصص شركة استيراد الكتب المصرية "الكتاب الحديث" في جلب كتب تجاوزها الزمن، بل تخصصت بسبب تفضيل مسؤولينا للعرب الأشقاء عن غيرهم من الأجانب في استيراد أثاث المكتبات وجنت من وراء صفقة جامعة وهران سنة 2007 قرابة 25 مليار سنتيم في أربع حصص من مجموع صفقة المناقصة. * وفي صفقات مماثلة وبجمع ما حصدته الشركات المصرية في مجال تأثيث المكتبات فتقارب قيمة ما جناه أبناء "أم الدنيا" 50 مليار سنتيم خلال السنتين الأخيريتين على مراحل وفي محاور تتعلق بالكتب والأثاث المكتبي. * وبولاية عين الدفلى تحصلت شركة "الدار العالمية للكتاب" على 12 مليار سنتيم في صفقة من صفقات مديرية الثقافة الولائية، فيما تعلق تأثيث مكتبة عين الدفلى وفي صفقة أخرى بنفس الولاية ولنفس الهيئة، جنت نفس الشركة في مناقصة تجهيز مكتبة الولاية بمراجع في مجالات الطب والتكنولوجيا وعلوم الطبيعة والحياة وحازت شركة مصرية أخرى على 17 ملايير سنتيم لاقتناء كتب الثقافة العامة وكتب الأطفال. * والسيناريو نفسه في ولاية تيزي وزو التي احتكرت فيها نفس الشركات المصرية استيراد الكتب وتأثيث المكتبات بدور الثقافة والجامعات وكذلك بولاية باتنة حسبما بحوزتنا من نسخ عن الصفقات المبرمة والتي تعود سنوات مضت وأصبحت ست ولايات تحت هيمنة تلك الشركات المصرية التي ما كانت لتصل إلى جني ما جنته من أموال لولا تساهل مسؤولينا الذين أمنوا بمبدإ منح الامتياز وتفضيل المستثمر العربي عن غيره. فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.