اعتماد سياسة التقشف في تنظيم الزردات وتجهيز المكاتب وجهت وزارة الداخلية والجماعات المحلية تعليمة لكل المجالس المنتخبة عبر التراب الوطني تخطرهم بقرار الحكومة منع البلديات من اقتناء أي نوع من السيارات السياحية، والاكتفاء بما هو متوفر لديها في الحظائر، وذلك قصد التقشف في ميزانية تسيير البلديات، موازاة مع العمل على تقليص كل أنواع النفقات إلى أجل غير مسمى. * وأكدت مصادر متطابقة، "للشروق" أن تعليمة وزارة الداخلية التي وصلت رؤساء المجالس المحلية منتصف شهر نوفمبر، أي منذ قرابة الشهرين، كانت واضحة في محتواها، كما حملت لهجة شديدة ورغبة ملحة في وقف النزيف الذي يحدثه الاقتناء العشوائي للسيارات السياحية في ميزانية تسيير البلديات، هذه العشوائية التي لم تسلم منها حتى البلديات الفقيرة المعدومة الموارد المالية والتي تعيش على عمليات مسح الديون التي تضطر الداخلية اللجوء إليها في كل مرة "لإنعاش" البلديات ومدها بأوكسجين المساعدات للمحافظة على بقائها. * وقد جاءت تعليمة الداخلية مقسمة إلى شطرين، الشطر الأول يمنع عمليات اقتناء جديدة للسيارات السياحية، أما الجزء الثاني من التعليمة فتضمن توضيحا أكثر يجعل من مضمونها مؤقتا إلى تاريخ غير مسمى، وقالت الداخلية أن على المجالس البلدية أن تعمل بمضمون التعليمة إلى حين إصدار تعليمة أخرى تبطل مفعول التعليمة التي أصبحت سارية المفعول منذ منتصف شهر نوفمبر الماضي، وتأتي هذه الأوامر والتعليمات الجديدة التي تلقاها رؤساء البلديات، كإجراءات تكميلية لسلسلة الإجراءات التقشفية التي اتخذتها الحكومة ضمن مشروع قانون المالية الأولي لسنة 2010، والذي أكد أنه يتعين على كل الهيئات الرسمية العمومية تجنب عقد المؤتمرات والملتقيات تجنبا لتبذير المال العام. * وأفادت مصادرنا بوزارة الداخلية أن إجراء منع اقتناء السيارات من قبل الأميار الذي تضمنته التعليمة، يرمي إلى توجيه ميزانية الدولة، ومحاولة تأطيرها بصفة صحيحة وعقلانية، بناء على مضمون التقارير التي وصلت وزارة الداخلية والتي بينت في كل جوانبها حدوث "سوء تسيير" في ميزانية تسيير البلديات، خاصة في عمليات اقتناء السيارات السياحية والتي غالبا ما تخضع لمزاجات ورغبات رؤساء البلديات، ونظرتهم الضيقة "للبريستيج" من دون إخضاع هذه الرغبات للحاجة الفعلية لهيآتهم، ومن دون دراسة للحظيرة الموروثة من التسيير السابق لرؤساء البلديات المنتهية ولاياتهم، وذهبت تقارير مفتشي الداخلية للقول بتسجيل نزيف كبير سنويا في ميزانية التسيير بسبب اقتناء سيارات سياحية من دون الحاجة إليها، وعادة ما تخضع للاستغلال الشخصي لرؤساء البلديات وعائلاتهم، وتنظر الداخلية إلى الإجراء الظرفي الذي اتخذته من دون أن تسجل له آجالا محددة، محاولة لترشيد النفقات التي عادة ما تكون على حساب التكفل بحاجيات المواطن، وإن كانت ميزانية التسيير تصنف بمعزل عن ميزانية التجهيز. * كما أعابت تقارير الداخلية اقتناء البلديات لسيارات سياحية يصعب تنقلها في المناطق الجبلية التي تقع بها هذه البلديات والتي يستوجب معها اقتناء نوع خاص من السيارات يمكنها التنقل عبر هذه المناطق، ومن غير المستبعد أن تقدم الدائرة الوزارية لنور الدين يزيد زرهوني على إجراءات تحفظية أخرى لضمان عدم التبذير والتقشف في ميزانية البلديات التي تبقى مرتبطة ارتباطا وثيقا بميزانية الداخلية الى حين الفصل في السبل الجديدة لتمويل البلديات وضمان استقلالية مالية للبلديات.