"كانت آخر مكالمة جمعتني بابني نبيل، كلها مرح وسؤال عن الإخوة والأحباب" بهذه الكلمات تحدثت الحاجة عقيلة نغاش ل"الشروق اليومي" وهي تسرد حميميات ابنها نبيل علي، الذي أمضى معها شهر نوفمبر الماضي أشبه بالأحلام في آخر رحلة في حياته إلى موطنه ومسقط رأسه قسنطينة وبين والدته وإخوته السبعة "ثلاث بنات وأربعة ذكور".. * نغاش نبيل علي هو مهندس من مدينة قسنطينة التي ولد فيها في التاسع من ماي عام 1964 ودرس بجامعتها واختار الهجرة إلى فرنسا عام 1998 وهو متزوّج وأب لثلاثة ذكور هم مهدي 16 سنة وأسامة 14 سنة والصغير يانيس وكلهم متواجدون حاليا في فرنسا في انتظار نقل جثمان المرحوم من هايتي مكان الزلزال المرعب إلى فرنسا والعودة جماعيا إلى قسنطينة. * وكان نبيل مفخرة العائلة بعد أن اختارته شركة "ماتيير" الفرنسية الخاصة بالأشغال العمومية لأن يكون سفيرا لها في المهمات الصعبة، في الكثير من دول العالم التي ضربتها الحروب والكوارث مثل لبنان والعراق وأيضا هايتي التي تعاني دائما من هزّات أرضية تربك طرقاتها، وعندما تم انتدابه إلى هايتي قال لوالدته -كما صرحت بذلك للشروق اليومي- بأنه لا يحب السفر إلى هذه الجزر البعيدة ويحس بأن شيئا سيحدث له في هذه البلاد البعيدة. وتروي الحاجة عقيلة بكثير من الحسرة آخر سفرية لابنها إلى قسنطينة، حيث امتطى سيارة شقيقه وطلب منها مرافقته لزيارة كل أعمامه وأخواله، وتابع مع أصدقائه حسب شقيقه الأصغر مليك مباراة المنتخب الجزائري أمام مصر التي جرت في القاهرة ثم سافر إلى فرنسا وتبادل مع الجميع تهاني الفوز المحقق بالخرطوم، وتؤكد والدته أن أحوال الخضر في أنغولا سرقت معظم المكالمة التي جمعتها بابنها يوم الجمعة ولأول مرة منذ هجرته لم يخطر والدته بأنه على وشك القيام برحلة عمل إلى الخارج، رغم أنه كان يقول لها عن رحلاته.. المكالمة المشؤومة التي وصلتها من فرنسا تخطرها بوفاة ابنها إثر زلزال مريع في هايتي.. سألناها إن بلغتها تعزية أو استفسار أو أي خبر من السلطات الجزائرية عن جثة ابنها ومتى يتم نقله إلى الجزائر، فقالت بأن الأحباب ورفقاء المرحوم هم الوحيدون الذين سألوا عنه وترحموا عليه وينتظرون نقل جثمانه إلى قسنطينة لأجل مواراته التراب. * المفارقة أن المرحوم نبيل علي نغاش فقد والده في 17 جانفي 2009 أي منذ عام بالتحديد. * أين كان نبيل ساعة الزلزال وماذا قال وأين هي جثته الآن..!؟ كل هذه الأسئلة مازالت دون إجابة..! أما أصدقاء نبيل الذين عاشوا معه مباراة مصر فقالوا إنه ذرف الدموع وقال لهم تمنيت أن أعيش فرحة التأهل للمونديال في الجزائر ووعدهم بالنصر في الخرطوم.. وأيضا بكأس إفريقيا للأمم.. أحلام وآمال انتهت مع سبع درجات على سلم رشتر في آخر الدنيا.. في هايتي.