أكدت جهات على صلة بالتحقيق حول الصفقات التي أبرمتها المديرية العامة لمجموعة "سوناطراك" ومختلف مؤسساتها الفرعية ومنها شركة "جي سي بي" المتخصصة في الهندسة المدنية والبناء وهي فرع تابع لمجموعة "سوناطراك"... * بالإضافة إلى شركة الأشغال البترولية "جي تي بي" والشركة الوطنية لأشغال الحفر، بالإضافة إلى المئات من العقود التي أبرمت مع شركات الحماية والأمن الخاصة وعقود المناولة، أن المحققين توصلوا إلى تفاصيل دقيقة حول التجاوزات الخطيرة في إبرام الصفقات والعقود مع شركات خاصة بالخدمات البترولية وشبه البترولية أجنبية. * وبينت التحقيقات أن العديد من العقود التي يمتد آجال بعضها إلى 25 سنة أبرمت بطريقة التراضي وهي الطريقة السائدة منذ تنحية عبد الحق بوحفص، الرئيس المدير العام الأسبق للمجموعة بعد رفضه الضغوط التي مورست عليه من قبل وزير الطاقة والمناجم الذي كان يجاهد لتعديل قانون المحروقات، ومن بين تلك الصفقات الضخمة تزويد شركة أوراسكوم للصناعة والإنشاء بالغاز الطبيعي بسعر السوق المحلية شبه المجاني لمدة 25 سنة، من أجل تزويد مصانعها للأسمدة التي تقوم بإنجازها بولاية وهران، رغم إنها لا تتوفر على التكنولوجيا والمعرفة اللازمتين للعمل في قطاع الأسمدة والبتروكمياويات. * وكشفت مصادر قريبة من الملف، أن أوراسكوم للصناعة والإنشاء لجأت مباشرة بعد حصولها على الصفقة من شركة "سوناطراك"، إلى منح المشروع مرة ثانية لشركة ألمانية متخصصة في بناء مصانع الأسمدة، وهو ما أثار شكوك جهات التحقيق التي طرحت مجموعة من الأسئلة بخصوص ما إذا كانت الحكومة الجزائرية وشركة سوناطراك عاجزتين حقا عن اللجوء مباشرة إلى الشركة الألمانية لبناء مصانع بتروكمياويات جديدة، وهل تحتاج الحكومة الجزائرية المعروف عنها بأنها من أولى الدول الرائدة في الصناعات البتروكمياوية لخدمات عائلة "ساويرس" لتتوسط لها لدى الألمان لبناء مصانع أسمدة جديدة بأسعار مضاعفة لتهريب الأموال العمومية الجزائرية التي يتم جنيها من التسهيلات الضريبية التي منحت لعائلة ساويرس من طرف الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار طيلة مدة بناء مشاريعها في الجزائر في مجال الأسمدة أو الاتصالات أو الإسمنت، وهو ما تسبب في تنحية مدير الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار بسبب رفضه التوقيع. * ويعمل "ساويرس" على الترويج للمصنع في الخارج وإيهام المستثمرين بأن تقدم الأشغال بلغ 80 بالمائة من أجل تحقيق مكاسب بالبورصة، في حين لا تتعدى نسبة تقدم الأشغال 15 بالمائة على أرض الواقع. * ويتضمن العقد مع شركة أوراسكوم للصناعة في إطار الاتفاق الخاص بإنشاء شركة "سورفيرت"، يتم بموجبه تزويد الشركة المصرية بمليار م3 مكعب من الغاز سنويا لمدة 25 سنة بسعر السوق الداخلية بدون تغيير طيلة المدة. وهو ما ترفضه منظمة التجارة العالمية التي تطالب الجزائر منذ سنوات بتعديل أسعار الغاز الذي تبيعه للشركات الأجنبية التي تقوم بتصدير منتجاتها إلى الخارج. * ويستعمل هذا الغاز لتزويد مصنع لإنتاج "الأمونيا يوريا" بطاقة 1.3 مليون طن سنويا و800 ألف طن من اليوريا في الجزائر، وتبلغ مساهمة أوراسكوم للإنشاء والصناعة 51٪ من رأس مال الشركة ومساهمة سوناطراك 49٪ وقد قامت أوراسكوم بإعداد كافة الدراسات اللازمة للمشروع وتقديمها لسوناطراك والهيئات المختصة بمساعدة بنك "سوسيتي جنرال" في الدراسات المالية والفنية ومكتب الاستشارة القانونية "وايت اندكيس"، وتم الحصول على التمويل اللازم للمشروع من بنك الجزائر الخارجي بعد الضغط على مسؤوليه. * وتم التوقيع على عقد مع الشركة الألمانية "UHDE" المتخصصة في تكنولوجيا صناعة اليوريا من أجل تصميم وتوريد وإنشاء المصنع بالمنطقة الصناعية أرزيو، ما يعني أن أوراسكوم لا علاقة لها بصناعة البتروكمياوات، بل هي مجرد شركة مضاربة لاقتناص الفرص متخصصة في بيع وشراء أصول الشركات، وهو ما يؤكد أن الظروف التي تحصلت فيها مجموعة أوراسكوم للإنشاء والصناعة على صفقات إقامة مصانع الأسمدة بالجزائر لم تكن بريئة، لأن دخول أوراسكوم لهذا القطاع الحساس والمعقد جاء عقب شرائها للشركة المصرية للأسمدة التي تملكها مجموعة "أبراج كابيتال" بقيمة 1.59 مليار دولار. * وتبلغ قيمة المشروع 746 مليون دولار منها جزء سيتم تمويله من خلال قروض طويلة الأجل من بنوك جزائرية، وسيتم إنشاء المصنع الجديد بالمنطقة الصناعية بأرزيو قرب ميناء ارزيو، وتم الإنفاق مع سوناطراك لمد المشروع بالغاز الطبيعي الجزائري بأسعار مخفضة جدا لا تتجاوز 4 دولار للمليون وحدة حرارية، في حين يبلغ سعر المليون وحدة حرارية في السوق العالمية حوالي 14 دولارا، مما يعني أن وزارة الطاقة والمناجم منحت هدية بقيمة 1 مليار دولار سنويا لأوراسكوم المصرية التي ستبيع اليوريا والأمونياك بسعر السوق الدولية، حيث لا يقل سعر الطن من اليوريا في السوق الدولية عن 320 دولار للطن، وهو ما ألًب الشركات العالمية ضد الجزائر التي منحت الغاز الطبيعي للشركة المصرية بسعر شبه مجاني لمدة 25 سنة، ودفعت هذه الاتفاقية الغريبة، منظمة التجارة العالمية إلى مطالبة الجزائر برفع سعر الغاز الطبيعي في السوق الداخلية إلى مستوى الأسعار المطبقة في السوق العالمية حتى لا يتم فرض بنود الإغراق على صادرات الأسمدة الجزائرية وبعض المنتجات الأخرى التي يدخل الغاز في إنتاجها. * وفي محاولة منها لإقناع الحكومة الجزائرية بوقف هدر الغاز الجزائري، اقترحت مجموعة "غاز بروم" الروسية العملاقة خلال الزيارة التي قام بها رئيس المجموعة إلى الجزائر، بناء مصانع للبتروكمياويات وتمويلها من طرف المجموعة الروسية وشراء الغاز بسعر السوق الدولية، ولكنها لم تتلق أي جواب من قبل "سوناطراك" التي فضلت التعامل مع عائلة "ساويرس" التي لا تربطها أية علاقة مع صناعة البتروكماويات، مقارنة بخبرة سوناطراك ومجموعة عملاقة بحجم "غاز بروم".