أرجع الخبير الاقتصادي لدى البنك الدولي، محمد حميدوش، الارتفاع الجنوني لأسعار بعض المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع، على غرار مادة السكر، إلى ثلاثة عوامل رئيسية، أولها ظاهرة الاحتكار التي تنخر السوق الوطنية، وعدم تحديد هوامش الربح، فضلا عن ارتفاع المواد الأولية في الأسواق العالمية. * وأوضح حميدوش في اتصال مع "الشروق" أمس، أن الانسحاب شبه الكلي للقطاع العمومي ممثل في المؤسسة الوطنية لتحويل وتكرير السكر، من إنتاج وتوزيع هذه المادة الحيوية، جعل إنتاج مادة السكر يقع بين أيدي متعاملين اقتصاديين لا يراعون ظروف الشعب الجزائري، الذي يقبع الملايين منه تحت خط الفقر. * وذكر الخبير لدى البنك الدولي في هذا الصدد أن 90 بالمائة من السكر المسوق في الجزائر يستورده خواص، في حين تنتج المؤسسة الوطنية لتحويل وتكرير السكر ما تبقى والمقدرة ب 10 بالمائة، وهو ما أسقط هذه المادة الواسعة الاستهلاك بين أيدي خواص جعلوا السوق رهينة قرارات فردية بعيدة تماما عن فوائد المنافسة، التي عادة ما تقود إلى تكسير منطق الأسعار، وهو أمر يعود كما هو معروف بالفائدة على المواطن البسيط. * حميدوش وإن اعترف بأن الارتفاع الذي تشهده أسعار مادة السكر هذه الأيام له علاقة وطيدة بالتغيرات التي طرأت على أسعار هذه المادة في السواق الدولية، والتي ارتفعت خلال شهر جانفي الجاري لتصل إلى 727.7 دولار للطن مقابل 654.9 دولار خلال الشهر السابق، مسجلة زيادة بنسبة 11.1 بالمائة، مقابل ارتفاع بنسبة 110.4 بالمائة قياسا بشهر جانفي من العام المنصرم 2009، إلا أنه رفض اعتبار هذه الزيادة مبررا لما تشهده السوق الوطنية من زيادة فاقت كل الحدود والتوقعات * وأشار المتحدث إلى أن النسبة الأكبر من السكر المستورد يأتي من الاتحاد الأوربي، وتحكمه تدابير اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوربي، الذي دخل حيز التنفيذ في سبتمبر 2005، وفق نسب جمركة تتراوح ما بين 5 بالمائة بالنسبة للسكر الموجه للاستعمال كمادة أولية، و10 بالمائة بالنسبة للوسطاء، و15 بالمائة بالنسبة للسكر الموجه للاستهلاك الواسع، لافتا إلى أن هذه النسب يحكمها أيضا حجم "كوطة السكر"، التي خصصها الاتحاد للجزائر في إطار اتفاق الشراكة، علما أن الكمية الزائدة عن "الكوطة" عادة ما يستفيد منها متعامل بعينه، كي يستفيد من امتيازات التخفيض الجمركي للكميات الزائدة عن "الكوطة" في نهاية كل سنة * واعتبر الخبير الدولي ارتفاع الأسعار في السوق الوطنية أمرا عاديا عندما ترتفع أسعار المواد الأولية في الأسواق العالمية، غير أنه عبر عن استغرابه من عدم تراجع الأسعار الوطنية عند تراجع أسعار المواد الأولية عالميا، وهي الظاهرة التي صارت جد مألوفة خلال السنوات الأخيرة * ولمواجهة هذه الظاهرة، شدد خبير البنك الدولي، على ضرورة مراجعة قانون المنافسة، بما يقود إلى منع ظاهرة الاحتكار التي صارت ميزة الاقتصاد الوطني، بالرغم من وجود تشريعات بهذا الخصوص، غير أنها لم تقض على الظاهرة، لافتا إلى أهمية دعم جمعيات حماية المستهلك، التي يمكنها جرجرة من يضر بمصالح المستهلك، إلى العدالة، التي تبقى برأيه الجهة المثلى لتأديب من يتطاول على القانون.