هي المرّة الأولى في تاريخ الجزائر التي يسجّل فيها هذا المستوى المتدنّي للممارسة السياسية لدرجة أصبح كل فاشل أو مريض أو معتوه يخرج على الناس بإعلان خطير وغريب ليقول "قرّرت الترشح للرئاسيات"!! وبسرعة البرق يتحول هذا "الرويبضة" إلى نجم في الفضائيات والصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، وتتحول العملية برمتها إلى مهزلة كبيرة تعبر عن حالة ابتذال غير مسبوقة لا في الجزائر فحسب، بل في العالم بأسره. من كان يعرف عياش حفايفة أو مسعود غواط أو غيرهما ممن رشحوا أنفسهم لأعلى وأخطر منصب في البلاد قبل أن يفعلوا ذلك؟ ومن المتسبب في هذه الهستيريا التي أصبات البلاد، وجعلت أمثال هؤلاء يشغلون الإعلام الوطني المكتوب والمرئي، ولماذا حدث هذا الآن، ولم يحدث في المواعيد الانتخابية السابقة التي كانت الأحزاب ترشح الإطارات والدكاترة للمجالس المنتخبة فيخسرون أمام "الحلاَّقات" و"الأمّيين" وحملة "الشكارة"!! هل هي طريقة اتخذتها السلطة لمعاقبة الشعب الذي يسخر دوما منها ومن مشاريعها، أم هي طريقة اعتمدها الشّعب لمعاقبة السّلطة التي تصر على تهميشه وإبعاده عن المساهمة في صنع القرار الوطني، أم أن العملية السياسية كلها تحولت في غفلة منا إلى "كرنفال في دشرة" يشارك فيه الجميع دون أن يدركوا ذلك؟؟ وليت أنّ السّاحة السّياسية تعجّ بأمثال هؤلاء فقط، بل حتى الذين اختاروا طريقا آخر وساندوا العهدة الرابعة أمتعوا الناس بخرجات غريبة، فهذا يضيف آية جديدة للقرآن الكريم، ويقول أنه سينتخب بوتفليقة حيا أو ميتا، وهذا يترشح للرئاسيات ويعلن للصحافة أنه ترشح دعما للعهدة الرابعة، وغيرها من الحركات البهلوانية الصادرة عن أشباه السياسيين... إن المشكلة في كل ما يحدث، أن الجميع تواطأ على هذا الانحراف، وحوّلوا أهم حدث سياسي في البلاد إلى "مضحكة" وفرصة للتسلية دون أن يدركوا أنهم يتلاعبون فعلا بمسقبل الجزائر التي تستحق قدرا كبيرا من الجدية، لأن البلاد على حافة بركان في ظل التحولات المأساوية في أغلب بلدان العالم العربي، فضلا عن سياج النار الذي يحيط بحدود البلاد، فهل الوقت مناسب لمتابعة خرجات "المعتوهين" الراغبين في منصب رئيس الجمهورية!