انتقد عبد الله جاب الله في منتدى الشروق حركة النهضة التونسية وحملها مسؤولية التراجع خلال الانتخابات الأخيرة، لأنها تخلت عن المرجعية الإسلامية التي كانت السبب في تفوقها خلال انتخابات المجلس التأسيسي، من جهة أخرى فتح جاب الله النار على محمد عيسى وزير الشؤون الدينية والأوقاف حينما وصف مهاجمي شارلي إيبدو بالبهائم، وقال إنه يتكلم عن الهوى، وصنفه ضمن ما وصفه بأئمة السوء وعلماء السلطان، وتناول جاب الله مواقف حزبه من مختلف القضايا السياسية. قال إنه قيد آليات الرقابة وأهمل مسؤوليات السلطة دستور 1996 هو أم المشاكل قال رئيس جبهة العدالة والتنمية، عبد الله جاب الله، إن الأزمة الدستورية التي تعيشها البلاد حاليا، هي دستور 1996، الذي أسس برأيه "دولة شمولية بمظهر ديمقراطي" لاتزال قائمة إلى غاية الأيام الراهنة. وعدّد جاب الله جملة من النقاط التي اعتبرها من أسباب الأزمة المتعددة الأبعاد، من بينها غياب "بيان طبيعة مسؤولية الدولة"، وكذا غياب أشكال الرقابة السياسية (البرلمان) والمالية من خلال تعطيل دور مجلس المحاسبة، وتعطيل آليات الرقابة البعدية، وغياب التوازن بين مؤسسات الدولة، فضلا عن إهمال الدستور للكثير من الحريات، وهو ما دفعه للقول بأن "السلطة تتصرف وكأنها في ملكها". وانتقد جاب الله تجريد المعارضة من كافة أدوات العمل، وقال إن السلطة تعمدت إهمال القوانين التي تضمن حقوق المعارضة، لافتا إلى أن هذا التوجه ترسخ لدى السلطة في فترة التسعينيات، عندما كانت تحارب الإرهاب، مستغلة حاجة الجزائريين حينها للأمن. وأكد جاب الله أنه انتقد دستور 1996 في حينه، ودعا إلى عدم التصويت عليه، وذكر أن "الرئيس السابق اليمين زروال دعاني لاستيضاح الموقف وشرحت له أسباب ذلك"، مشيرا إلى أنه حتى دستور 1988، الذي يوصف بأنه دستور الحريات، لم يزكّه. وذكر مؤسس حركتي النهضة والإصلاح، أن السلطة وضعت استراتيجية لمواجهة أحزاب المعارضة، ونجحت فيها، وذلك من خلال تشويه بعض الأحزاب وتفتيتها، والتهجم على ممثليها في المجالس المنتخبة، ولاسيما النواب منهم، عبر إظهار أجورهم ومحاولة تضخيمها، وهي الإستراتيجية التي نجحت في إيجاد هوة بين الشعب والأحزاب، والهدف واضح، برأي المتحدث، وهو استبعاد أي تغيير يأتي من الشارع. غير أنه بالمقابل، حذر من اطمئنان السلطة للطلاق الموجود بين الأحزاب من جهة، والشعب من جهة أخرى، وقال: "هذا الحل قد يتغير في أية لحظة إذا صبرت الأحزاب وعملت بجد، وعرفت كيف تستغل ما جد من تطورات". وأضاف: "من واجب الأحزاب أن تثبت، ومن حق الشعب أن يطمئن ويثق، حتى ينخرط في الحراك الشعبي، لأن الشعوب تنتقل للتغيير لما تثق في البديل المقدم، وعندما تجتمع الشروط يمكن أن يحصل التغيير المنشود، الذي يبقى في النهاية مسؤولية الشعوب".
السلطة لا تزال تفكر بنفس المنطق منذ بداية التسعينيات تواتي شارك في حوار 1993 وفي حوار 2012 قال رئيس جبهة العدالة والتنمية إنه لم يقتنع يوما بتغير النظام حتى في عهد الرئيس بوتفليقة، الذي يوجد في السلطة منذ ما يزيد عن ال 15 سنة، وهو ما يفسر استمرار الممارسات ذاتها مع مطالب الأحزاب والمعارضة عموما. واستدل جاب الله بجلسات الحوار الوطني التي أقامتها السلطة في نهاية 1993 وبداية 1994، التي شارك فيها، وأكد أن من أبرز الذين كلفوا بإدارتها، الجنرال المتقاعد والمستشار السابق برئاسة الجمهورية للشؤون الأمنية، محمد تواتي. وذكر جاب الله أن استراتيجية السلطة لم تتغير منذ بداية أزمة التسعينيات وإلى غاية اليوم، وهو إقامة حوار لأغراض استعراضية وفقط، مستدلا بتشابه الكيفية التي تفاوض بها المجلس الأعلى للدولة في بداية التسعينيات، بالحوار الذي أطلقه الرئيس بوتفليقة في 2012 من أجل تعديل الدستور. ومثلما لم تتغير الاستراتيجية، فقد تم الاحتفاظ أيضا بالجنرال تواتي حتى بعد أزيد من عقدين من الزمن، ففي الحوار الأول، كان تواتي مرفوقا بالجنرال الطيب الدراجي والجنرال صنهاجي، في حين عاد تواتي في 2012 لكن مرفوقا بمدنيين وهما رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، والمستشار برئاسة الجمهورية، محمد علي بوغازي، ما يبين أن السلطة لا تزال تفكر المنطق ذاته.
وصف بن بيتور وعلي بن فليس بالتائبين لا توجد معارضة لم تشارك في السلطة سوى أنا وعلي بن حاج دافع عبد الله جاب الله رئيس حزب الحرية والعدالة عن جمع المتناقضات ضمن تنسيقية الإنتقال الديمقراطي التي يشكل أحد أطرافها، وأدرج تحالف المعارضة مع رؤساء حكومة سابقين في خانة التوبة التي أعلنها هؤلاء، ونفى وجود أطراف سياسية لم يسبق لها أن مدت يدها وتحالفت مع السلطة، عدا جاب الله وعلي بن حاج. وأوضح جاب الله في منتدى الشروق، بخصوص نشاط تنسيقية الانتقال الديمقراطي وتوجهاتها، وعضوية بعض الأسماء المعروفة بولائها للنظام، أوضح أن تواجد من سبق لهم المشاركة في الحكومة جاء من باب إعلان هؤلاء توبتهم، التوبة مقبولة إذا أثبتها أصحابها، مشيرا إلى أن هؤلاء مطالبون بإثبات التوبة بالتصريح والموقف، كون نصرة الشعب لن تتأتى لهؤلاء سوى بإثبات هؤلاء توبتهم، وأكد أن التغيير لن يكون إلا بالحراك الشعبي. واعترف جاب الله أن الأحزاب السياسية فقدت بريقها ولم تعد قدوة جديرة بثقة الأمة، للعديد من الأسباب منها ما تعلق بالغلق الذي سلط على الأحزاب السياسية أو بتواطؤ مختلف مكونات النظام باختلاق مشاكل داخل هذه الأحزاب، وقال "عندما عرفت الإصلاح مشاكل داخلية تم استغلالها من قبل الإدارة، جهرنا بالأمر وسجلناها على الداخلية إذاك". ودافع ضيف منتدى الشروق على نشاط التنسيقية وقال إن لديها برنامج مشروع في الانتقال الديمقراطي عماده ثلاثة محاور أولها تشكيل هيئة وطنية مستقلة وتنظيم انتخابات رئاسية مسبقة تشرف عليها هذه الهيئة المستقلة، وثالث خطوة في الانتقال الديمقراطي في مفهوم التنسيقية حسب جاب الله الوصول إلى دستور توافقي، وانتقد جاب الله صراحة النخب في الجزائر وقال إنها متشبعة بالوحدوية، واعتبر بأنه بمقدور النظام في شكله الحالي التشويش والمشاغبة، لكن أبدا لا يمكنه التغيير بسبب عجزه عن فعل ذلك.
سقوط النهضة كان متوقعا بسبب تخليها عن المرجعية الإسلامية قال جاب الله إن سقوط حركة النهضة في الانتخابات كان متوقعا، وهذا راجع لاعتبارين، الأول هو المخطط العالمي الرامي إلى إجهاض ما يسمى بالربيع العربي، حيث أجهضوه في مصر بالانقلاب على الشرعية والشريعة، حين تآمرت قوى خارجية مع قوى العلمنة والتغريب في الداخل، كما أجهضوا التجربة في اليمن بالتحالف مع الحوثيين وجماعة الرئيس السابق عبد الله صالح، وكان لا بد أن تسقط التجربة في تونس، وقد فعلوا ذلك عن طريق المال الإماراتي والسعودي وحتى الفرنسي، بشراء الذمم وترجيح كفة نداء تونس في الانتخابات. أما مسؤولية حركة النهضة في هذا التراجع حسب جاب الله فتتمثل في كون هذه الأخيرة قد تخلت عن المرجعية الإسلامية، حيث حيدت الجانب الأساسي في نضالها ووجودها، وهو الدفاع عن الدين، ونجاحها في انتخابات المجلس التأسيسي كان بسبب مرجعيتها الإسلامية، لكنها حيدت هذا الموضوع تحت عناوين كبيرة بينها التوافق. وقال جاب الله إن إطارات من النهضة كشفوا له أنهم لم يصوتوا خلال الانتخابات الأخيرة بسبب انحراف النهضة عن خطها الإسلامي، بدعوى المراجعات التي يفترض أن لا تكون في الأصول والمبادئ الأساسية، وما عبته على الشيخ راشد الغنوشي أنه كان يسعه السكوت إذا لم يكن قادرا على تطبيق الشريعة لا أن يتحول إلى فكرة تعطيل العمل بالشريعة إيثارا للتوافق فهذا هو الخطأ.
قال إنه خطر على الثروة المائية جاب الله ضد استغلال الغاز الصخري لم يستبعد رئيس جبهة العدالة والتنمية وجود خلفيات سياسية للاحتجاجات التي تشهدها بعض مدن الجنوب، ضد استغلال الغاز الصخري، غير أنه مقتنع أيضا بالوعي الذي بات يتمتع به سكان الجنوب كغيرهم من الجزائريين، بفضل التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال. وقدر عبد الله جاب الله بأن تأجج الاحتجاجات في الجنوب له علاقة ب "الشعور بالحڤرة المتراكمة" لأبناء الجنوب، الذين يعتقدون أنهم لم ينعموا كثيرا بالثروات التي تستخرج من تحت أقدامهم. وثمن "ضيف المنتدى" مسعى سكان الجنوب الرافض لاستغلال الغاز الصخري، وقال إنه تحدث إلى الكثير من أبناء الجنوب، ووقفت على حقيقة راسخة لديهم بأن "الغاز الصخري خطر كبير على الجزائريين، على صعيد المياه الجوفية، فضلا عن مردوده المالي المحدود جدا".
قال إنه من أئمة السوء وعلماء السلطان محمد عيسى تكلم عن الهوى في موضوع استهداف "شارلي إبدو" قال ضيف الشروق أن تورط العديد من الصحف في الغرب في الإساءة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هو عدوان على الأمة الإسلامية كلها، ولا يمكن اعتبار ذلك من زاوية حرية التعبير، وقال إن الإسلام دين تسامح ورحمة ولكنه ليس خنوعا لدرجة السكوت عن هذا العدوان، واستنكر جاب الله تصريحات وزير الشؤون الدينية بخصوص عملية "شارلي ابدو" والتي وصف فيها المهاجمين بالدواب وقال إنه يتكلم عن الهوى وهو طالب للدنيا بتصريحاته هذه، ووصفه بأنه من أئمة السوء وعلماء السلطان. وبخصوص مشاركة ممثلين عن الدول العربية في مسيرة باريس ومن بينها مشاركة وزير الخارجية الجزائر قال عبد الله جاب الله: إن المشاركة في مسيرة ترفع فيها الرسومات المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم خطا كبير وكارثة حقيقية، متسائلا عن علاقة هذا السلوك بالإسلام، وأضاف جاب الله: كان عليهم أن يتصرفوا مثل تصرف وزير الخارجية المغربي الذي انسحب بسبب الشعارات المرفوعة في المسيرة، وهذا أضعف الإيمان، وتساءل جاب الله: لماذا لم يشارك هؤلاء في مسيرات تدين الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل؟ وخلص جاب الله إلى أن المسلمين يمرون بمرحلة تحكم فيها أهل النفاق في مصائرهم. وحمل جاب الله مسؤولية انفلات بعض الشباب المتحمس وقيامه ببعض الأعمال العنيفة دفاعا عن الرسول صلى الله عليه وسلم، للأنظمة الحاكمة في العالمين العربي والإسلامي، لأنهم لم يقوموا بشيء في نصرة الحبيب المصطفى، ولو فعلوا ذلك لما قام هؤلاء بما قاموا به، كما أن غطرسة الغرب تجعل الشباب المسلم يحاول الانتصار بدينية بمثل هذه الأعمال.