اختلفت آراء وتوجهات القانونيين والسياسيين وممثلين عن الجالية المشاركين في ندوة "الشروق"، بخصوص مشروع تعديل الدستور الجديد، خاصة في مادتيه 51 و73 المثيرتين للجدل. وهناك من ذهب إلى أنها عنصرية وغير وطنية وتعمل على تقسيم المجتمع الجزائري إلى طبقين "الوطنيين والحركى"، بينما يرى المدافعون عن المادة أن الجزائر عانت كثيرا من مسؤولي "دوبل ناسيوناليتي" وعلى الإطارات أن تكون جزائرية مائة بالمائة، خاصة في مناصب السلك الدبلوماسي وأن الدستور سيجبر الجزائريين المقيمين في الخارج على التفكير قبل حمل الجنسية الأجنبية. على الجالية توخي الحذر وعدم الانجرار وراء المندسين حسين خلدون: يجب عدم حصر الدستور في المادة 51.. والبرلمان سينهي الجدل رفض عضو المكتب السياسي بحزب جبهة التحرير الوطني حسين خلدون، حصر الدستور الجديد في نص المادة 51 المثيرة للجدل، على اعتبار أن هذه الأخيرة قد فصل في أمرها وسيتم تمريرها عبر البرلمان بعد أن استجاب الرئيس لمطلب الآفلان القاضي بتحديد المناصب العليا، ودعا خلدون، أفراد الجالية في الخارج لعدم الانجرار وراء المندسين الراغبين في إحداث "فتنة" وضرب استقرار البلاد عن طريق التشكيك في وطنيتهم بحجة المادة 51 . واعتبر حسين خلدون، أن الآفلان كان أول من دعا لإعادة النظر في المادة بالنظر إلى أن نص المادة 51 من الدستور الجديد وفي الفقرة 2، كان متناقضا مع المادة 24 من الوثيقة ذاتها التي تنص "على حماية الدولة حقوق مواطنيها في الخارج ومصالحهم وتعزيز روابطهم مع الأمة وتعبئة مساهمتهم في تنمية بلدهم الأصلي". كما اعتبر ضيف منتدى "الشروق" أن الالتماس الذي رفعه الأمين العام عمار سعداني، بخصوص هذه المادة، بعد الإعلان عن المشروع التمهيدي للدستور قد لقي استجابة من طرف الرئيس، والدليل أن هذه المادة 51 سوف تمر عبر البرلمان بغرفتيه، وستوكل له مهام تحديد المناصب العليا المعنية بالمنع. ويرى المتحدث أن رفض الآفلان لها في البداية كان من باب الصياغة التي جاءت بها بعيدا عن التأويلات السياسية الأخرى التي يريد البعض الترويج لها، قائلا "الآفلان ينظر إلى الجزائريين الذين سافروا للخارج لطلب العلم وإلى الظروف التي فرضت عليهم أخذ الجنسية، وبالتالي لا نرى ضرورة من منعهم من تولي مناصب في بلدهم"، معتبرا أن الآفلان ليس ضد أي جزائري أراد الحصول على جنسية أخرى بداعي المصلحة، فهم في نظر الدولة مواطنين جزائريين ويمكن الاستفادة منهم حتى في الخارج. فنحن -يضيف المتحدث- لا ننسى أن هؤلاء كانوا وقود الثورة الجزائرية في فرنسا إبان ثورة التحرير الوطني، وبالتالي لا يمكن لأحد المزايدة على وطنيتهم. وبخصوص المادة 73 من وثيقة الدستور، والتي هي الأخرى كانت محل جدل، اعتبر المتحدث أن حزب جبهة التحرير ليس ضد هذه المادة المتعلقة بشروط تولي رئاسة الجمهورية، خاصة وان هذا المنصب هو حساس، وفي الآفلان تم مراعاة هذه الحساسية.
غازل سعداني وقال إن جزائريي الخارج مولوا الثورة ويجب عدم إقصائهم رشيد نكاز: استهدفوني بالمادة 73 احتج المترشح السابق لرئاسيات 2014 رشيد نكاز، على الدستور الجديد، الذي قال إنه دستور الأمين العام للأرندي بالنيابة أحمد أويحيى، وليس كل الجزائريين الذين انتظروه منذ سنة 2011، واعتبر رشيد نكاز، أن نص المادة 73، التي تمنع من سبق له وتحصل على جنسية أجنية من تولي منصب رئيس الجمهورية، تستهدفه شخصيا . وتساءل رشيد نكاز في ندوة "الشروق": "لماذا لم يتم وضع نص المادة في الدساتير السابقة وإلى غاية ترشح نكاز إلى الرئاسيات.. المادة وضعوها من أجلي وكل الراغبين في الترشح من جنسيات غير الجزائرية"، وتابع "من رشح نفسه غيري، ولم اسمع أحدا يتكلم على المادة 73 في السلطة، وحتى المعارضة، لكن في سنة 2016 اتفق الجميع على تهريب الإطارات الجزائرية المقيمة في الخارج". وقال رشيد نكاز، رئيس حركة الشباب والتغيير قيد التأسيس أن الدستور الجديد سيصنف الجزائريين إلى جزائريين برتبة درجة أولى، وآخرين جزائرية بخمسين بالمائة وبأنهم "حركى" وهذا أمر خطير في نظر المتحدث. وأوضح رشيد نكاز وهو يتحدث عن نص المادة 51 من الدستور، أن إقصاء الجزائريين المقيمين في الخارج لا ينفع، والجميع يعلم أن مشاركتهم في الثورة وتمويلها فاق 80 بالمائة، وعليه لا يجب التشكيك في وطنيتهم، ويوحي نص المادتين أنه يجب تكسير أفراد الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج، مؤكدا أن الدستور الجديد يركز على الهوامش رغم أن التحديات الاقتصادية والاجتماعية أكبر بكثير، وتساءل ضيف "الشروق": "ما الفائدة من دستور ليس توافقيا ولا يجمع الجزائريين ..." وأبدى المترشح السابق للرئاسيات، فخره من موقف "لآفلان... رغم أني أختلف مع عمار سعداني في عدة نقاط على مسائل سياسية إلى أنني أرفع القبعة للأفلان، لأنه عارض نص المادة 51 ورفض إقصاء أفراد الجالية من مناصب المسؤولية.." وخلص رشيد نكاز إلى أن الدستور الجديد، الذي أقصى إطارات الخارج لا يهمه، ولن يحصر نضاله عليه، وبأنه سيواصل نضاله، لأن الجزائريين لا يجب أن لا يخوضوا كثيرا في السياسة ويهملوا مستقبل البلاد بالنظر إلى أن المعركة اقتصادية بامتياز.
قال إن القانون سيجعل الجزائريين يفكرون قبل التجنس.. آيت مختار عمر: المادة 51 ضرورية.. ولابد من إحصاء الجالية بالخارج ساند آيت مختار عمر، منسق حركة المواطنين الجزائريينبفرنسا، مضمون نص المادة 51 من الدستور التي تمنع الجزائريين متعددي الجنسية من تقلد المهام والوظائف في الدولة، واعتبر أنه ليس إقصاء كما يريد البعض الترويج له، بل مطلب ضروري بات يفرض نفسه بهدف عودة الكفاءات المقيمة بالمهجر إلى بلادها والمساهمة في التنمية، وقدم المتحدث مثالا "..عيب أن نرى أفراد السلك الدبلوماسي في الخارج يحملون جنسيات مختلفة دون الجزائرية أحيانا، فكيف لهؤلاء المحافظة على مصالح البلاد..." ودعا آيت مختار عمر، خلال نزوله ضيفا على منتدى "الشروق" الدولة الجزائرية إلى إحصاء أفراد الجالية المقيمة بالمهجر، بالنظر إلى أن الأرقام المتداولة حاليا مغلوطة ولا تستند إلى معطيات رسمية، ولفت المتحدث "لا نملك أرقاما عن عدد أفراد الجالية في الخارج، فالكل يتحدث عن 7 ملايين.. حتى ماري لوبان تقول أن عدد الجزائريين في الخارج 5 ملايين.. ليتساءل ماذا عن عدد "الحركى" والذين يحملون الجنسية الجزائرية...؟". ويرى منسق حركة المواطنين الجزائريينبفرنسا، أن نص المادة 51 من الدستور الجديد ستجعل الجزائريين يفكرون مليا قبل طلب الحصول على الجنسية الفرنسية أو البريطانية، لأنه لا يحق لشخص ذهب إلى الخارج بمنحة الدولة الجزائرية للدراسة في الخارج، ويحصل على الجنسية الفرنسية، يطالب بعدها بحقه في تقلد منصب سام في الدولة. كما طالب آيت مختار عمر، بأن يشمل نص المادة 51 من الدستور الجديد، بل يركز بالضرورة على أفراد السلك الدبلوماسي التي يجب أن تكون حكرا على الإطارات الجزائرية مائة بالمائة..، دون استعمال نص المادة في المزايدة ومحاولة اللعب على وتر أن الدولة تريد التفريق بين الجزائريين المقيمين بالخارج والداخل. واستند المتحدث في ذلك إلى أن عددا كبيرا من الجزائريين يمنحون خبراتهم في البلدان التي يقطنون بها، في الوقت الذي تحتاجهم الجزائر في التنمية. من جهة أخرى، أثنى المتحدث على بعض التعديلات التي جاء بها الدستور الجديد على غرار ترسيم الأمازيغية كلغة وطنية، إنشاء هيئة مستقلة لمراقبة الانتخابات الرئاسية، وأيضا حرية الصحافة بعد رفع عقوبة الحبس على أصحاب المهنة.
البرلمانية شافية منتلشتة: حرمان الجالية من مناصب عليا في الدولة "عنصرية" وصفت النائب شافية منتَلشتَة، المادة 51 من مشروع التعديل الدستوري بالعنصري، وغير الوطني ويعمل على تقسيم الشعب الجزائري إلى صنفين من خلال العودة إلى العهد الاستعماري، منتقدة واضعي هذه المادة التي تحث على امتناع عودة الأدمغة إلى أرض الوطن. وترى النائب أن المادة المثيرة للجدل تتناقض في مضمونها مع باقي المواد في الدستور، خاصة المادة 24 التي تنص على حماية الدولة لحقوق مواطنيها في الخارج، ومصالحهم وتعزيز روابطهم مع الأمة وتعبئة مساهمتهم في تنمية بلدهم الأصلي، من خلال وضع مادة في الدستور تسقط باقي المواد وهو ما يجعل الدستور على -حد قولها- غير قانوني. بالمقابل، فإن الدستور سيضرب الوحدة الوطنية من خلال تصنيف الشعب إلى صنفين، أحدهما لديه كل الحقوق وغيره لديه الواجبات فقط، وهو ما تراه النائب يتناقض كليا مع مبادئ الدولة الجزائرية المستقلة التي تضمن جميع حقوق مواطنيها. واعتبرت شافية منتلشتة، في تصريح ل"لشروق" أن المادة 51 التي تمنع تولي مزدوجي الجنسية لمناصب عليا في البلاد، إذا ترجمت بلغة الشارع تعني أن هؤلاء هم "حركى"، ولا يجب وضع الثقة فيهم، وهو أمر خطير، فضلا على أنه يتسبب في هروب الأدمغة الجزائرية من بلدهم، قائلة "كيف للكفاءات الوطنية أن تعود إلى أرض الوطن وهي التى تمنع من تولي مناصب عليا في الدولة".
الناشط السياسي وليد ناصري: نص المادة 51 غامض ويجب توسيعها يرى الناشط السياسي وليد ناصري، أنه يجب توسيع نص المادة 51 من تحديد قائمة المناصب العليا في الدولة التي سيسمح للجزائريين من ذوي الجنسية المزدوجة ممارستها بنص قانوني، ودعا إلى إعادة النظر أيضا في كيفية تنصيب المسؤولين، خاصة على رأس المؤسسات الحساسة في الدولة، وذلك عن طريق "التحقيق" في خلفيات المسؤولين والمديرين المركزيين والفرعيين، بالنظر إلى أنهم عماد المؤسسات ويطلعون على خبايا القطاعات المعينون على رأسها. وقال ضيف "الشروق" أن نص المادة 51 مقبول من حيث المبدأ، لكن طريقة تعيين المسؤولين يجب أن تخضع لمعايير أخرى.
الخبير الدستوري محمد أكلي كزو: السلطة مجبرة على تحديد المناصب المعنية بالمادة 51 يرى الخبير الدستوري محمد أكلي كزو، أن السلطة في البلاد عليها إعادة النظر في المادة 51 من الدستور من خلال تحديد من هم الجزائريين مزدوجي الجنسية الممنوعين من تولي مناصب عليا في البلاد، متسائلا في نفس الوقت عن الخلفية وراء الصياغة التي جاءت بها المادة 73 التي تمنع من سبق له أن تحصل على جنسية أجنية من تولي منصب رئيس الجمهورية. ويرى الخبير الدستوري، أن المادة 73 لديها خلفية سياسية كان الأحرى بواضعيها تجنب الصياغة الثانية التي تقصي من حمل جنسية أجنبية في وقت سابق من تولي رئاسة الجمهورية، واصفا إياها بالخطيرة التي يجب العدول عنها، خاصة وأن الإشكالية في وقت سابق كانت تطرح بخصوص جنسية الزوج، غير أن الأمور ازدادت تعقيدا، بإدراج هذه الفقرة . واعتبر المتحدث أن الجزائر منذ سنوات ماضية وهي على اطلاع بقضية مزدوجي الجنسية بدليل انه في أعقاب أحداث 88 كانت كل الإطارات التي تسير البلاد من مزدوجي الجنسية وقد لحظنا حينها امتلاء المطارات من أصحاب مزدوجي الجنسية الحاملين لجوازات سفر أجنبية المغادرين، غير الموضوع اختلف الآن والصياغة التي جاءت في الدستور جاء سياسية محضة دون مراعاة تأثيرها على الجالية وأبناءها، لذا وجب إعادة النظر فيها وتحديد من هم الجزائريين الممنوعين. وأضاف ضيف منتدى"الشروق" الذي تحدث بلسان انتمائه السياسي أن مشروع الدستور الجديد الذي كشف عن خطوطه العريضة مدير الديوان برئاسة الجمهورية احمد أويحيي جاء ترقيعي مخيبا للآمال، خاصة وان رئيس الجمهورية - يضيف المتحدث -وعد في خطابه سنة 2005، وكذا2011 بدستور توافقي نابع من إرادة الشعب. غير أن المفاجأة كانت في الوثيقة المعلن عنها التي جاءت على مقاس أشخاص وأزمات، وليس كا الدستور الذي سبق وان دعت إليه المعارضة وهو المبنى على التحاور والتشاور يرضى كل الأطراف مع الرجوع إلى السلطة الأصلية وهي الشعب، وبتالي فهو دستور ترقيعي ومشروع سياسي انفرادي مفروض علينا بالقوة .
أصداء: - غادر النائب البرلماني سمير شعانبة، ندوة "الشروق" دون استئذان، بعد أن احتج مطولا عن توجيه الدعوة لناشطين آخرين لحضور الندوة، يختلف معهم سياسيا. - نفس الشيء للنائب عن الأرندي فوزية سحنون، التي أثارت "بلبلة" وغادرت الندوة قبل انطلاقها.. بسب رؤيتها وجوه احتجت لتوجيه الدعوة لهم، رغم أن الأمر لا يعنيها وحضورها كان من أجل إثراء النقاش وإبداء موقف الحزب وليس إقصاء الأخر. - ندوة "الشروق" حول نص المادة 51 من الدستور عرفت نقاشا مثمرا رغم اختلاف الآراء والتوجهات السياسية، فالمترشح السابق للرئاسيات رشيد نكاز غازل مطولا عمار سعداني رغم قوله إنه لا يتفق معه في أمور كثيرة، في وقت استحسن ممثل الآفلان حسين خلدون الأمر وقابله بالابتسامات . - المعارضة كانت حاضرة أيضا بحضور ممثل عن حركة النهضة والخبير الدستوري محمد أكلي، الذي انتقد مطولا الدستور وقال إنه "مشخصن" وليس توافقيا.